في الوقت الذي تتسع فيه شقة الخلاف بين السياسيين المغاربة والجزائريين بسبب التدخل الجزائري المتواصل لمعاكسة إرادة المغرب في تجسيد حقوقه الوطنية المشروعة على أقاليمه الجنوبية، تتنامى عوامل التنسيق والوحدة بين مستثمري البلدين، اللذين لا يتركون فرصة تمر دون الدعوة إلى تفعيل الاتحاد المغاربي، وفتح الحدود، والانكباب على بناء سوق تجارية مغاربية مفتوحة مثلما فعل رئيس الكونفدرالية الجزائرية لأرباب العمل، بوعلام مراكش، الذي استثمر مشاركته في إحدى الندوات الصحفية بالجزائر، ليدعو إلى فتح الحدود المغربية الجزائرية، من أجل تسهيل علاقات التبادل بين الفاعلين الاقتصاديين في البلدين في إطار الاندماج المغاربي. حملنا هذه الدعوة، التي وجهها رجال الأعمال الجزائريون، إلى نظرائهم المغاربة، وسألناهم عن تقييمهم لها، الذي جاء مطابقا في وجهة النظر، إذ ذهب رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات بوجدة وكذا المغرب، في المنحى نفسه، مؤكدا أن مقاولات المغرب العربي، لا يمكنها التطور وفق تطلعات رجال أعمال المنطقة، إلا في حالة خلق سوق مغاربية متكاملة، وأضاف في تصريحه أن ممثلي الاتحاد المغاربي لأرباب العمل طالبوا، خلال لقاء عقدوه بالرباط أخيرا، بضرورة توفر هذه الشروط بغية فتح المجال واسعا أمام استراتيجيات عملية بعيدة المدى. وأفاد كذلك أن معادلة حجم السوق تعتبر حاليا من بين أهم الضمانات المراهن عليها من قبل المستثمرين الأجانب، مشيرا إلى أنه لا يمكن مقارنة سوق من 130 مليون مستهلك مثلا، مع أخرى من 30 مليون نسمة. وكانت صحيفة "البلد" الجزائرية قد ذكرت مؤخرا، أن بوعلام مراكش أكد، خلال تنشيطه لندوة صحفية بالجزائر العاصمة، أن "الإبقاء على الوضع الحالي لا يخدم البلدين اقتصاديا، وتنتج عنه خسائر بالملايير لكلا الطرفين، موضحا أن المشرفين على إحداث الاتحاد المغاربي لأرباب العمل، وضعوا نصب أعينهم هدفا يتمثل في الرفع من التبادل التجاري بين البلدان المغاربية، الذي لا يمثل في الظرف الحالي سوى 2.5 بالمائة من الحجم الإجمالي من تجارتهم مع الخارج، البالغة حوالي 105 ملايير أورو. واعتبر على حبور، رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة الجزائرية، أن المغرب والجزائر لن يتمكنا من مواجهة العولمة خارج البناء المغاربي، مبرزا أن كل القطاعات بدون استثناء تمثل فرصا قوية للتعاون، خاصة أن المغرب له تجربة واضحة ومؤهلة في القطاع السياحي والصناعات المغربية في قطاع النسيج، فيما يعكس القطاع التصديري نجاحا مهما". وتابع قائلا "هذا أمر محفز لمواجهة الصعوبات الحالية، خاصة مع تنامي الغزو التجاري الصيني". وأضاف حبور "أن البلدين يتوفران على إمكانيات كبيرة يجب استثمارها، وخبرات واسعة يمكنها دعم مسارات التعاون الثنائي، معتبرا أن الحجم الحالي للمبادرات التجارية، الذي لا يتعدى 200 مليون دولار "دون المستوى" بل ضعيف جدا، خاصة أن البلدين يتوفران على إمكانيات تؤهلهما لمضاعفة هذا الرقم أكثر من خمس مرات، والتخلي عن اللجوء إلى أسواق أخرى للحصول على سلع تتوفر لدى البلدين". وكانت المباحثات التي استضافتها الدارالبيضاء أخيرا، بين رجال الأعمال المغاربة والجزائريين، أبرزت أنه في حالة تجاوز التعقيدات المطروحة، وعلى رأسها التأشيرة المفروضة من الطرف الجزائري (تم إسقاطها مؤخرا)، فإن التوقعات تشير إلى إمكانية بلوغ مستوى متقدم للمبادلات التجارية تفوق قيمته المليار دولار في مرحلة أولى، عوض النسبة الحالية، التي لا تتجاوز مليوني دولار، مفيدا أن القطاعات الاقتصادية للبلدين تتكامل، وهو ما يحتم التعجيل بخلق سوق تجارية مفتوحة بينهما في أفق سوق مغاربية. وأكد ممثلو غرف التجارة والصناعة والخدمات بالمغرب، في المناسبة ذاتها، أن التقدم الاقتصادي المنشود بين البلدين لا يمكن تحقيقه دون تظافر جهود رجال الأعمال على المستوى الثنائي والجماعي، والعمل بروح الفريق المتكامل وخلق المناخ المناسب، لتمكين رجال الأعمال من التقارب وتحقيق المشاريع الاستثمارية ذات القيمة المضافة، لخلق الثروات وفرص الشغل، عبر تعميم وتبادل المعلومات التجارية، وتكثيف تبادل الوفود الاقتصادية. يشار إلى أن حجم المبادلات التجارية المغربية الجزائرية، في آخر معطيات متوفرة تخص سنة 2003، بلغ ما يناهز 1.887 مليار درهم (188 مليون دولار)، تمثل منها 1.389 مليار درهم مواد بترولية غازية جزائرية. ونهاية أكتوبر 2004، سجل تراجع على مستوى حجم المبادلات التجارية بين البلدين، بنسبة 1.383 مليار درهم حسب إحصائيات وزارة التجارة والصناعة وتأهيل الاقتصاد، وما بين يناير وأكتوبر 2004، بلغت واردات المغرب من الجزائر 1.069 مليار درهم، في حين شكلت الصادرات 314.09 مليون درهم نحو الجزائر. وتحتل المنتوجات الغازية والبترولية أعلى الترتيب في قائمة الواردات المغربية من الجزائر، بمبلغ إجمالي يصل إلى 1.389 مليار درهم، ممثلة 472 مليونا و722 ألف طن من مواد المحروقات والغاز، تتلوهما زيوت التشحيم والمنتوجات الكيماوية والأسمدة الكيماوية بقيمة تفوق 239 مليون درهم، فيما تحتل التمور المرتبة الثالثة من الواردات المغربية من الجزائر بمعدل 268 طنا بقيمة 6.433 مليون درهم. وبالنسبة إلى الصادرات المغربية تجاه الجزائر، فإنها لا تتعدى 232.12 مليون درهم حسب إحصائيات سنة 2003، و314.09 مليون درهم نهاية أكتوبر 2004، مشكلة من منتوجات الصناعة الغذائية (الأسماك والمعلبات) والحامض الفسفوري بمبلغ 32.64 مليون ومنتوجات أخرى. يذكر أن الجزائر أغلقت حدودها مع المغرب في غشت سنة 1994.