بعد مرور 21 سنة على التوقيع بمراكش على المعاهدة التأسيسية لاتحاد المغرب العربي بمبادرة من جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني، لا أحد يشكك في كون قيام هذا الصرح يشكل أحد التطلعات الرئيسية لبلدان الاتحاد. وكان هذا الاتحاد، الذي أعلن عنه رسميا في فبراير 1989 بحضور قادة البلدان المغاربية الخمسة، يحمل في بدايته جميع حظوظ النجاح لتحقيق التنقل الحر للأشخاص والسلع والرساميل، لولا بعض السياسات التعيسة التي اعترضت هذا الحلم، الذي طالما عانقته شعوب المنطقة. الجزائر تضاعف العراقيل أمام بناء اتحاد المغرب العربي إذا كان المغرب قد برهن، مرات عدة، على تمسكه بهذا الاتحاد الذي يعتبر مجديا بشكل كبير في عالم تتنامى فيه التحالفات، فإن الجزائر ضاعفت الجهود التي تلغم طريق بناء هذا المشروع المنقذ. ولم يفتأ المغرب بالفعل يضع هدف بناء الصرح المغاربي، باعتباره مقدمة للوحدة العربية، في صلب اختياراته الاستراتيجية، من خلال انخراطه في مبادرة إيجابية تروم تطبيع العلاقات مع الجزائر. وهكذا ألغت المملكة إجراءات التأشيرة لفائدة المواطنين الجزائريين، وكثفت دعواتها الصريحة لإعادة فتح الحدود البرية بين البلدين. لكن في الجانب الآخر، يطغى موقف التجاهل الشامل للإرادة الشعبية على خيارات هذا البلد، حيث تتخذ القرارات دون اعتبار للمصالح التي قد تجنيها البلدان الخمسة من اندماج اقتصادي، يؤدي غيابه إلى فقدان 2 في المائة من نسبة النمو في السنة. وعلى الرغم من ذلك، وحيث لم تتوصل السياسة بعد لمواكبة متطلبات اندماج اقتصادي يعد بازدهار شعوب المنطقة، فإن محاولات التنسيق على مستويات أخرى وفي قطاعات أخرى، تسعى جاهدة لتدارك هذا النقص. وكما أشار إلى ذلك الأمين العام لاتحاد المغرب العربي في حوار مع صحيفة (ليكونوميست)، فإن اللجنتين الاقتصادية والمالية تواصلان أشغالهما، والأمور تتقدم على مستوى البنيات التحتية، كما أن اللجان الوزارية، كلجان الفلاحة والماء والبيئة والأمن الغذائي، تواصل مشاوراتها حول إشكاليات رفع إنتاج الحبوب واقتصاد الموارد المائية وكذا محاربة التصحر. الوحدة من أجل مواجهة جماعية للتحديات الأمنية أمام التحدي الأمني الذي أصبح مطروحا بعد ظهور مخاطر جديدة في جنوب منطقة المغرب العربي، فإن ضرورة الوحدة أصبحت أكثر إلحاحا لمواجهة العصابات التي تتجاوز الحدود وتنشط في منطقة الصحراء والساحل. وفضلا عن ذلك، فإن القضايا المرتبطة بالمجالات السوسيو اقتصادية سيسهل التعاطي معها في إطار مشترك الذي من شأنه توحيد الجهود بغية تفعيل جماعي للسياسات الملائمة ومواجهة مشاكل البطالة والتفاوتات والهشاشة، في ظل توزيع للثروات والكفاءات والوسائل المعبئة، في أفق التوصل إلى اندماج اقتصادي سليم جعلته الأزمة الاقتصادية التي هزت العالم أكثر إلحاحا. *وكالة المغرب العربي للأنباء