قراءة متواضعة في تجربة فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ببوعرفة ، أساهم بها في هذا الظرف الدقيق الذي يمر به هذا الفرع المناضل ، وذلك للمشاركة في التعريف بالفرع ،على المستوى التنظيمي ، ودوره في الإشعاع والتكوين ، والمحطات التاريخية التي مر منها ، ومساهمته في مجال النهوض والحماية والتربية ، ونقط القوة والضعف في هذه التجربة ، وأهم المواقف التي اتخذها ، وعلاقاته الداخلية والخارجية ... تقديم : هذه الورقة هي قراءة متواضعة في تجربة فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ببوعرفة ، أساهم بها في هذا الظرف الدقيق الذي يمر به هذا الفرع المناضل ، وذلك للمشاركة في التعريف بالفرع ،على المستوى التنظيمي ، ودوره في الإشعاع والتكوين ، والمحطات التاريخية التي مر منها ، ومساهمته في مجال النهوض والحماية والتربية ، ونقط القوة والضعف في هذه التجربة ، وأهم المواقف التي اتخذها ، وعلاقاته الداخلية والخارجية ... أولا : قبل التأسيس في سنة 1994 عرفت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان دينامية متميزة ، تمثلت في إحياء الفروع الجامدة ، وتأسيس فروع جديدة . لم يكن مناضلو ومناضلات مدينة بوعرفة في معزل عن هذه الدينامية الوطنية ،لذلك فتحوا فيما بينهم نقاشات موسعة لتأسيس إطار حقوقي بالإقليم نظرا للحاجة الموضوعية إليه . لقد نضجت الشروط الموضوعية لذلك ، فعلى المستوى الوطني فالظرفية كانت جد مناسبة ، خاصة بعد إطلاق سراح مجموعة من المعتقلين السياسيين ، وعودة بعض المنفيين ، وحل بعض الملفات الحقوقية العالقة ، وفتح النقاش السياسي حول التناوب ، وبروز عدة تداعيات ترتبت عن سقوط جدار برلين على المستوى الدولي . ثانيا : التأسيس تشكلت سنة 1994 بمدينة بوعرفة لجنة تحضيرية لتأسيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تحت إشراف المكتب المركزي للجمعية ، وكانت تضم : نورالدين محمد(محام) – بنمومن عبدالله(استاذ)- الداودي علي (استاذ)– بنقدور محمد (استاذ)– الصديق كبوري(استاذ) . كان الأعضاء المؤسسون ينتمون إلى مشارب سياسية وفكرية مختلفة وهي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب الطليعة الديموقراطي الاشتراكي واليسار الجديد والمستقلون . قامت اللجنة التحضيرية بعدة أنشطة وازنة ، كما عملت على التوسع التنظيمي إقليميا ، وساهمت في رصد الخروقات محليا وإقليميا . انعقد الجمع العام لتأسيس الفرع بسينما النصر ببوعرفة يوم 10 دجنبر 1994 الذي يصادف اليوم العالمي لحقوق الإنسان ، حضر الجمع العام عدد مهم من المنخرطين والمتعاطفين ، ورئيسي المجلسين البلديين لبوعرفة وفجيج وممثلي عدد مهم من الإطارات النقابية والجمعوية . انعقد الجمع العام تحت شعار المطالبة بإطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين والكشف عن مصير المختطفين وعودة المنفيين على اعتبار أن المغرب آنذاك لازال تحت تأثير سنوات الرصاص ، وبحكم أن الجمعية في تلك المرحلة كانت تعطي الأولوية للحقوق المدنية والسياسية على سائر أنواع الحقوق . ثالثا : مراحل تطور الفرع لقد مر فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ببوعرفة بثلاث مراحل أساسية وهي: - مرحلة النهوض - مرحلة الجمود - مرحلة الانبعاث أ – مرحلة النهوض : تمتد هذه المرحلة من سنة 1994 إلى 2011 وقد تميزت هذه المرحلة بعدة مميزات أساسية يمكن أن أجملها فيما يلي : - ارتفاع عدد المنخرطين والذي وصل إلى 140 منخرطة ومنخرط . - انفتاح الفرع على مختلف شرائح المجتمع ( الشباب – النساء – العمال – المعطلين – الموظفين ...). -التتبع المستمر للخروقات ومؤازرة الضحايا محليا وإقليميا - إصدار تقارير سنوية حول الخروقات . - الحضور الوازن في كل المحطات الوطنية النضالية والتنظيمية والتكوينية . - التواصل مع مختلف وسائل الإعلام حيث أن مصدافية الفرع جعلت منه مصدرا مهما للمعلومات ( رويتر – أطباء بلا حدود – هيومان رايت ...). - احترام دورية الجموعات العامة . - خلق لجان مخلية بفجيج وبني تجيت وتندرارة . - الاشتغال بشكل جماعي في إطار اللجان الوظيفية ومجلس الفرع . - ترجمة أهداف الجمعية على مستوى النهوض والحماية والتربية . ب- مرحلة الجمود : تمتد هذه المرحلة من 18 ماي 2011 والى غاية 2013 ، أي من تاريخ وقوع الإحداث الأليمة ببوعرفة يوم الأربعاء الأسود 18 ماي 2011 وما نتج عنه من اعتقالات وقمع للحريات والى غاية التجديد الأخير للمكتب سنة 2013 . وتميزت هذه المرحلة بتدبير الأزمة ، والحرص على الخروج من الأزمة بأقل الأضرار الممكنة ، وقد تميزت هذه المرحلة : - تقلص عدد أعضاء وعضوات الفرع . - غياب اجتماعات المكتب والمداومة . - غياب تام للجان الوظيفية والمجلس - شلل اللجان المحلية بفجيج وتندرارة - استقالة وانتقالات بعض الأعضاء - فتور على مستوى تتبع الخروقات رغم كثرتها - الحصار المستمر لمقر الجمعية من طرف القوات العمومية والاعتداء على المناضلين أمامه وحتى داخله في انتهاك صارخ لحرمة المقر . ت – مرحلة الانبعاث هناك أسطورة يونانية تقول أن طائر الفينق يبعث من رماده ، إن هذه الأسطورة تنطبق أيما انطباق على فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ببوعرفة ، فرغم الحصار ومحاولات اجتثاث الفرع من جذوره ، فالفرع انبعث من جديد ، وتبن بالملموس أنه معادلة صعبة في المشهد الحقوقي محليا وإقليميا . تم تجديد الفرع ، واستطاع في ظرف وجيز أن يعود إلى المشهد أكثر قوة وصلابة وتنظيما من ذي قبل بفضل طاقات واعدة أغلبها من النساء والشباب . لقد قام الفرع في مدة وجيزة لم تتجاوز الخمسة أشهر بأنشطة وازنة تركت صدى كبيرا على المستوى الوطني ، وأبانت بأن الفرع سيبقى ملاذا للمظلومين ، وفزاعة في وجه أعداء حقوق الإنسان . رابعا : نقط مشرقة قبل تأسيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ببني تدجيت منذ ست سنوات تقريبا كان فرع بوعرفة يشتغل على كامل تراب إقليم فجيج الذي تقدر ب 56 ألف كلم مربع (أي أكثر من مساحة لبنان وبلجيكا ). عمل الفرع على تتبع ملفات حقوقية على امتداد الإقليم ، وفي هذا الإطار فقد تتبع الفرع : - ملف الانتهاكات الجسيمة بفجيج وساهم في التعريف بها ورفع مطالب الضحايا. - اعتقالات بني تدجيت على اثر قتل جندي لشاب من بني تدجيت - اعتقالات تندرارة على اثر مطالبة الساكنة للحق في الماء - اعتصام ساكنة عين الشعير على اثر نزوح 33 شابا من البلدة . - اعتقالات تالسينت على اثر الاحداث الدامية التي عرفتها البلدة سنة 2005. - الاعتقالات التلاميذية ببوعرفة على اثر التضامن مع العراق . - ملف الماء ببوعرفة والذي كان له صدى دولي وصل الى الصندوق العالمي لحقوق الإنسان الذي دعم مشروعا في مجال رفع قدرات المناضلين في مجال الحق في الماء . على العموم فان الفرع كان يرصد الخروقات بكل الإقليم رغم الصعوبات ، وغياب الدعم ، كما أن الفرع ساهم في نشر ثقافة الاحتجاج السلمي ، و خلق عدة تنسيقيات وشبكات للدفاع عن الحقوق ، وبهذا الصدد يمكن أن أشير إلى : - الشبكة المحلية من اجل مجانية الصحة والتي قامت بإسقاط وتعطيل منشور وزير المالية والصحة ببوعرفة والذي يضرب مجانية الصحة . - اللجنة المحلية للدفاع عن الحريات العامة سنة 2005 - اللجنة المحلية للتضامن مع الشعبين العراقي والفلسطيني - اللجنة المحلية من اجل الحق في بيئة سليمة للاحتجاج ضد الاستعمال الخطير للمبيدات - التنسيقية المحلية لمناهضة غلاء الأسعار والدفاع عن الخدمات العمومية . خامسا : الرؤساء السابقون للفرع في هذه الورقة لابد أن أعرف ببعض المناضلين الذين تحملوا مسؤولية رئاسة فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ببوعرفة منذ التأسيس إلى الآن وهم : نورالدين محمد – داودي علي – الصديق كبوري – ركاد محمد – غرابي حميد – عماري خديجة ، كما لا تفوتني هذه الفرصة للإشارة إلى المرحوم محمد تيحان الذي قدم خدمات جليلة للفرع في مجال التوثيق والكتابة ، وكل من كان يعمل سواء في الخفاء أو العلن لترسيخ الفعل الحقوقي ببوعرفة وإقليم فجيج . خاتمة : هذه مجرد مساهمة متواضعة للتأريخ لإطار من بين الإطارات الفاعلة ، ومكون أساسي من مكونات المجتمع المدني بمدينة بوعرفة ، أتمنى أن يساهم المهتمون بهذه التجربة بملاحظاتهم ، من أجل أن نفتح بشكل جماعي أفاقا أرحب لهذا الإطار العتيد . بوعرفة في 24 ماي 2014