إن عدم الإهتمام بالمواد الأساسية للاستهلاك اليومي لمؤشر واضح عن عدم الإهتمام بأبسط متطلبات العيش الكريم، ناهيك عن المتطلبات المتقدمة. لعل السمك هو المنتوج الوحيد الذي يجب أن يخضع لمراقبة شديدة مستمرة و صارمة، وذلك بالنظر إلى طبيعته، و طبيعة الظروف التي يُسَوَّق بها، وأيضا لكونه منتوج ضروري لصحة الإنسان وبالخصوص أصحاب الدخل المحدود. فالسمك بأنواعه سريع التأكسد والتعفن لا تتجاوز مدة صلاحيته نصف اليوم على الأكثر في أغلب الأحيان، خاصة في فصل الصيف، وهذا ما يجعل البعض يرشه بالماء أو يضيف الثلج في كل مرة ليظهر سلعته طرية و جذابة للزبناء. لذلك فهو بهذا الشكل يؤثر على الصحة العامة للمواطنين وعلى مالية الجماعة. و أصبح يخدم لوبيا فاسدا يهدد كل من أراد تطبيق القانون أو تنظيم تسويق هذا المنتوج، و منهم لجان المراقبة الصحية التي أصبحت تتعرض لعدد من الإهانات في واضحة النهار وعلى مسمع ومرأى الجميع، بل وبمرأى السلطات المحلية التي تتحمل مسؤولية كبيرة نظرا للتقارير الهائلة التي تصلها ولا تحرك ساكنا، إضافة لمسؤولية المجلس البلدي الذي زاد الطين بلة، وذلك بتعيين موظفين جدد لمراقبة سوق السمك بالرغم من تاريخهم الذي لا يؤهلهم لا للنزاهة المطلوبة ولا الكفاءة الكافية لتحمل هكذا مسؤولية. ونشير إلى أن التعيينات الجديدة لرئيس المجلس البلدي تحتاج لأكثر من وقفة. أين هو اهتمام المجلس البلدي بصحة السكان؟ ليس يخف على أحد من سواء من المواطنين أو المسؤولين عدد السيارات التي تنقل الأسماك من الموانىء إلى بركان و التي يصل عددها من 12 إلى عشرين خاصة في بعض المناسبات كرمضان مثلا، فإذا كان المفروض أن تتم المراقبة للمنتوج في عين المكان ثم إعادة المراقبة في سوق الجملة فإن هذه السيارات لا تخضع لذلك لا في الميناء ولا في سوق بركان بل تفرغ حمولتها في الشوارع العامة تهربا من تسدد بعض الرسوم المستحقة للدولة و الجماعة وتهربا أيضا من استفزاز وكلاء بيع السمك، الذين يمثلون الحلقة الأساسية في هاته الأزمة مورطين معهم السلطات المحلية التي بدلا من أن تعاقب الجميع فهي تقتصرعلى توجيه اللوم والتهم إلى مهربي السمك، مخالفة لكل القوانين الجاري بها العمل في هذا المجال خاصة قانون 13/83 المتعلق بالزجرعن الغش في البضائع. كما أن الباعة بالتقسيط يتوزعون على مختلف نقاط البيع بشكل فوضوي يشوه المدينة: ( سوق بايو- سوق فرياض- سوق سيدي امحمد أبركان- السوق المغطى ، زاوية شارع محمد السادس وزنقة شراعة) إذ يلجأ الكثير منهم إلى وضع صناديق الأسماك على الأرض و رشها بالماء لتصبح فوق مجاري مائية راكدة و أوحال، تشمئز منها النفس فأحرى استهلاكها. و كثير منهم يستمر في البيع حتى المساء، والبعض يضيف الثلج إلى سلعته ليحتفظ بها إلى اليوم الموالي. مع الإشارة إلى أن أغلب الأسماك المرتفعة الثمن تكون مجمدة، حيث تشترى بأرخص السعار وبعد تذويب الثلج يعاد بيعها بسعر مضاعف، وبأقل جودة دون أن يشعر المواطن بذلك. أين هو التدبير الجيد من أجل حماية مالية الجماعة؟ كما سلف الذكر أن العديد من الباعة بالجملة يبيعون منتوجاتهم و بكميات هائلة ومبالغ باهضة، خارج السوق وبعيدا عن التفتيش ودفع الرسومات والضرائب، مما يفوت على الجماعة الحضرية فرصة الاستفادة من مداخيل إضافية تغني بها مواردها، و تساهم في التنمية المحلية. و يشار أخيرا إلى كون سوق بركان لا يستفيد من باقي أنواع السمك، حيث تمر مباشرة إلى أسواق وجدة و مدن أخرى لانعدام الثقة ببعض الوكلاء بسوق السمك لبركان، حيث يفضل بعض تجار الجملة توجيه بضائعهم إلى هذه المدن بدل بركان لكونهم لا يثقون في بعض وكلاء بركان حيث صرح أحدهم أن هناك إشكال من حيث الأسعار الحقيقية للبيع والأثمان التي يتم بها تسديد مستحقاتهم، وهكذا أصبحت مداخيل سوق السمك أضعف من مصاريف الموظفين الذين يشتغلون بهذا السوق، خاصة بعد التعيينات الأخيرة التي قام بها رئيس المجلس البلدي، والتي كانت موضوع انتقادات واسعة. وهنا نطح تساؤلا واضحا للمكتب المسير ببلدية بركان: أين هي مكانة كرامة المواطن في اهتماكم؟ لماذا تحرمون المواطن البسيط من أكل سمك نظيف وبأثمنة مناسبة؟ لماذا تحرمون السكان من التسوق في فضاءات وظروف لائقة بهم؟