الذاكرة التاريخية لمنطقة أحفير من خلال عرض وثائق وبقايا آثار وأدوات قديمة يصبح مشروع بناء متحف صغير بالمدينة، واقعا يحفظ ذاكرة هذه المنطقة الغنية بتراثها، وآثارها القديمةفي بادرة فريدة من نوعها، نظمت جمعية العلوم والتربية بالمركز السوسيو ثقافي بأحفير، معرضا لوثائق وأشياء وأدوات متحفية قديمة، وبقايا آثار، تحت شعار:" جذور من أجل المستقبل"، تؤرخ لحقب زمنية مختلفة للمنطقة الممتدة جغرافيا بين قبائل بني يزنا سن، وبني خالد بإقليم بركان.. ومن خلال هده المعروضات، يكوّن الزائر فكرة عن حياة سكان المنطقة، ونمط عيشهم، وأنشطتهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ عبر مراحل من التاريخ القديم والحديث . وقد قسم هذا المعرض إلى أجنحة كما تقسم المتاحف، جناح يشتمل على أدوات خشبية ومعدنية وخزفية وألبسة وأغطية قديمة كان يستعملها السكان في حياتهم اليومية، وجناح خصص لعرض صور وخراط واكتشافات أركيولوجية وأبحاث تاريخية حول تطور المنطقة جيولوجيا واتنوغرافيا، ثم جناح تعليمي يشتمل على كتب ومخطوطات ووثائق وأدوات تعليمية قديمة . وحول الغاية من تنظيم هذا المعرض المهم، والذي، ولا شك، أنه تتطلب مجهودا كبيرا في جمع كل تلك المعروضات ذات القيمة التاريخية، صرح لنا صاحب المبادرة، ورئيس الجمعية المنظمة، الدكتور إدريس ورادي، الباحث في علم الجيولوجيا؛ أن الهدف الأساس هو وضع النواة الأولى لإحداث مشروع متحف بالمدينة، يحفظ التراث الحضاري والتاريخي والطبيعي ،وكافة أوجه الحياة بهذه المنطقة التي من خلالها يتعرف المواطن والباحث على التطور التاريخي للسكان والمجتمع، ويضيف أن تجربته في العمل الجمعوي والثقافي بفرنسا لمدة 20 سنة، ثم أبحاثه الميدانية في علم الجيولوجيا والأركيولوجيا، رسخت لديه فكرة أهمية الثقافة العلمية في وعي الشعوب ورقيها، لذلك يرى أن سر رقي وتقدم الدول، هو مدى اهتمامها في حياتها الثقافية ومقرراتها التعليمة بتدريس العلوم والحضارات؛ من أجل إعداد أجيال مسلحة بالمعرفة لبناء المستقبل، مستشهدا في ذلك بالنموذج الفرنسي، حيث إن الدولة الفرنسية أصدرت سنة 1833 "قانون كيزو"، نسبة إلى وزير التربية العمومية" فرانسواكيزو"François Guizot يلزم تعميم تدريس كل فروع العلوم والتاريخ والجغرافيا في التعليم الابتدائي، وإحداث متاحف بها. وحول الدوافع التي جعلته يفكر في مشروع متحف بمدينة أحفير، أكد لنا أن الفكرة بدأت تختمر في ذهنه قبل 12سنة، عندما اطلع على اكتشافات أثرية مهمة، عثر عليها الباحث الفرنسي كولينا جيرارد Collina Gérard بالصدفة، بمدخل مدينة أحفير، وبمنطقة عين أغبال، عبارة على" خميسة" للتزيينpendeloque، وأحجار يعود تاريخها إلى 50 ألف سنة، وأخرى إلى 100ألف سنة، ثم الاكتشاف التاريخي الفريد من نوعه الذي حققه عالم الآثار المغربي عبد الجليل بوزوكار، بمغارة الحمام بتافوغلت بإقليم بركان، بمعية Nick Bartonمن جامعة أكسفورد Oxford، والمتمثل في العثور على أول عقد مكون من الصدفيات البحرية، استعمله الإنسان الذي كان يسكن هذه المنطقة قبل 82 ألف سنة. ويضيف السيد إدريس ورادي أن من الأسباب كذلك التي شجعته على العمل من أجل تحقيق مشروع متحف بأحفير، هو الدعم المعنوي والمادي الذي لقيه من المواطنين، والمهتمين بتاريخ المنطقة، وفعاليات المجتمع المدني بالمدينة، وكذا السلطات المحلية والجهوية، ووكالة تنمية الأقاليم الشرقية، حيث أبان الجميع عن رغبة في تحقيق هذا المشروع الثقافي، لذلك، وبعد كل هذه المجهودات، فإنه يأمل أن يرى في يوم من الأيام قد تحققت هذه الأمنية، ويصبح مشروع بناء متحف صغير بالمدينة، واقعا يحفظ ذاكرة هذه المنطقة الغنية بتراثها، وآثارها القديمة.