أستاذ القانون العام بالكلية المتعددة التخصصات بالناضور مما لا شك فيه أن بدء عبد الإله بنكيران لمشاورات مع حزب الأحرار لترميم الأغلبية الحكومية ستكون له تداعيات على المشهد السياسي المغربي سواء على مستوى تشكيلة الحكومة أو برنامجها.فماهو إذن حجم هذه التداعيات؟ 1- تداعيات على مستوى هيكلة الحكومة: بعد تقديم وزراء حزب الاستقلال لاستقالتهم وبدء بنكيران لمشاورات مع حزب الأحرار لترميم الأغلبية الحكومية كان الاعتقاد السائد أن يتم تعويض الوزراء المستقلين بوزراء تابعين لحزب الأحرار لتستمر الحكومة كما كانت.غير أن حزب الأحرار رفض أن يكون عجلة طوارئ احتياطية يتم استبدالها بالعجلة المثقوبة،بل طالب بتعديل شامل للسيارة الحكومية المعطلة، ولم يقتصر ذلك على حزب الأحرار بل تعداه إلى حزب الحركة الشعبية المشاركة في الأغلبية الحكومية الحالية، فما هي مطالب الطرفين، وما هي تداعياتها؟ أ- -مطالب حزب الأحرار:(أو الصعود للجبل) لم يخف حزب الأحرار حتى قبل بدء لمشاورات معه لترميم الأغلبية الحكومية رفضه على أن يكون "عجلة طوارئ احتياطية" وهو ما تأكد حتى بعد المشاورات معه من طرف عبد الإله بنكيران رافضا بذلك- أي حزب الأحرار- أن يتم تعويض الوزراء المستقلين بوزراء منه. وطالب بإعادة النظر في الهندسة الحكومية الحالية. وهو ما ستكون له تداعيات على الحكومة برمتها:فماهو الحل إذا طالب حزب الأحرار مثلا بحقائب وزارية تعود مثلا لحزب العدالة أو التنمية أو الحركة الشعبية أو حزب التقدم الاشتراكية. هل سيقبل احد من مكونات الأغلبية الحكومية الحالية تقليص عدد حقائبه الوزارية خاصة وان بعض التقارير الصحفية تشير إلى أن الحقائب التي ستسند للأحرار ليس هي بالضرورة الحقائب التي كانت في أيدي الاستقلاليين؟ لقد جاء الرد سريعا على مطالب حزب الأحرار من طرف رئيس الحكومية عبد الإله بنكيران الذي صرح أن "مزوار طلع للجبل" في إشارة منه غلى رفض شروط الأحرار المبالغ فيها، كما رفضت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية القيام بتعديل حكومي شامل ، مطالبة عبد الإله بنكيران، أمين عام الحزب بالحرص على ما جاء في بلاغ الديوان الملكي من حديث عن تعويض حزب الاستقلال وليس القيام بتعديل حكومي شامل "كما أن حزب التقدم و الاشتراكية لن يرضى أن يكون الخاسر الأكبر في عملية إعادة توزيع الحقائب الوزارية. ب- مطالب حزب الحركة الشعبية: (البحث عن الإنصاف الضائع) لم تقتصر المطالبة بإعادة توزيع الحقائب الوزارية على حزب الأحرار بل طالب حزب الحركة الشعبية بضرورة إعادة هيكلة جديدة للحكومة بعد تشكيلها في نسختها الثانية، حتى يتسنى للحزب الحصول على قطاعات حكومية اجتماعية "تجعله قريبا من المواطنين" (وزرات القرب). وذلك من خلال إعادة توزيع عدد الحقائب الوزارية والقطاعات الحكومية حسب الوزن السياسي لكل حزب من مكونات الأغلبية. ويطالب الحزب في هذا الخصوص بعدد الوزراء أكثر مما كان له في الحكومة الحالية حتى يتم أنصاف الحزب من الحزب من الظلم الذي تعرض له خلال تشكيل الحكومة الحالية.وهو ما سيزيد من متعب بنكيران أو يجعل حكومته أمام أزمة جديدة.فهل سيحصل حزب الحركة الشعبية على قسمة جديدة للكعكة الحكومية كما يحب ويرضى 2-تداعيات على مستوى البرنامج الحكومي: لا تقتصر تداعيات دخول حزب الأحرار إلى حكومة بنكيران على تشكيلتها فقط بل تشمل أيضا حتى برنامجها. أ- إسقاط برنامج حكومة بنكيران ؟ من اجل إنقاذ حكومة بنكيران يتشبث حزب الأحرار بمطلب إسقاط برنامجها ،فبالإضافة إلى مطالبته بإعادة النظر في التشكيلة الحكومية الحالية ، يطالب حزب الأحرار بمراجعة "أولويات البرنامج الحكومي بما يكفل للحزب تطبيق برنامجه والاستجابة لتطلعات المواطنين المغاربة في ظرفية اقتصادية واجتماعية صعبة". وهي مطالبة منطقية، إذ لا يعقل أن يشارك حزب التجمع الوطني للأحرار في تنفيذ برنامج حكومي صوت ضده إبان التنصيب البرلماني للحكومة . ونتساءل هنا عن حجم المراجعة التي ستطال البرنامج الحكومي، هل ستكون مراجعة جوهرية؟ أم مجرد مراجعة شكلية تتعلق بإعادة ترتيب الأولويات؟ لا تطرح الحالة الثانية أي إشكال عكس ا الحالة الثانية : ففي حالة التعديل الجوهري للبرنامج الحكومي هل سيتعلق الأمر بإسقاط برنامج حكومة بنكيران الأولى و الإتيان برنامج جديد؟ وهل سيوافق حزب العدالة و التنمية على تغيير البرنامج الحكومي الذي أوصله إلى سدة الحكم؟ وهل ستوافق باقي مكونات الأغلبية الحالية على هذا التغيير أي حزب الحركة الشعبية وحزب التقدم و الاشتراكية ؟ وإذا كان الجواب بنعم ماهو حجم التعديل الذي سترضى به هذه المكونات؟. ب- مدى الحاجة إلى تنصيب برلماني جديد؟ يرى بعض الباحثين أن في حالة إعادة النظر في توزيع الحقائب الوزرارية و تغيير البرنامج الحكومي لا مناص من تطبيق الفصل 88 من دستور 2011، وينص هذا الفصل على ما يلي:"بعد تعيين الملك لأعضاء الحكومة، يتقدم رئيس الحكومة أمام مجلسي البرلمان مجتمعين، ويعرض البرنامج الذي يعتزم تطبيقه. ويجب أن يتضمن هذا البرنامج الخطوط الرئيسية للعمل الذي تنوي الحكومة القيام به، في مختلف مجالات النشاط الوطني، وبالأخص في ميادين السياسة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية والخارجية.يكون البرنامج المشار إليه أعلاه، موضوع مناقشة أمام كلا المجلسين، يعقبها تصويت في مجلس النواب.تعتبر الحكومة منصبة بعد حصولها على ثقة مجلس النواب، المعبر عنها بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم، لصالح برنامج الحكومة". وحسب هذا الرأي فإن تطبيق المادة88تقتضي تقديم رئيس الحكومة لاستقالته التي يترتب عنها إعفاء ملكي لكل الحكومة ،ثم بعد ذلك إعادة تكليفه بتشكيل حكومة جديدة ،تتقدم لمجلس النواب ببرنامجها-الجديد- قصد طلب الثقة لإكمال شروط التنصيب البرلماني. ولا نعتقد أن الأمر يتطلب كل هذه الترتيبات و التعقيدات للاعتبارات التالية: - أن الأمر لا يتعلق بتعيين ولكن بتعديل حكومة قائمة. - لن يتعلق الأمر بتعيين يشمل كل أعضاء الحكومة. - لا يتحدث الفصل 88 عن حالة فقدان الحكومة لأغلبيتها و قيامها بترميمها،بل يتحدث عن تعيين الحكومة على إثر انتخابات. -بالنظر إلى تشابه برامج الأحزاب السياسية، فإن التعديلات البرنامج الحكومي الحالي لن تكون جوهرية بالتالي لن نكون أمام برنامج حكومي جديد بل برنامج معدل ومراجع. - وأخيرا ليس هناك ما يمنع رئيس الحكومية من اللجوء إلى الفصل 103 من دستور 2011 الذي ينص على انه:"يمكن لرئيس الحكومة أن يربط، لدى مجلس النواب، مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها بتصويت يمنح الثقة بشأن تصريح يدلي به في موضوع السياسة العامة، أو بشأن نص يطلب الموافقة عليه". إذا أراد أن يثبت أن حكومته مدعومة بأغلبية برلمانية. د.الميلود بوطريكي أستاذ القانون العام بالكلية المتعددة التخصصات بالناضور