عشرات الأسر المغربية تترقب مصير أبنائها القابعين وراء السجون الجزائرية يقبع العديد من المواطنين المغاربة وراء قضبان السجون الجزائرية، حيث يصعب في الوقت الراهن تحديد عددهم الحقيقي في غياب إحصائيات رسمية يمكن الاعتماد عليها بخصوص هذا الموضوع الشائك، الذي أصبح يشكل معاناة ومآسي حقيقية لعائلات مغربية لا زالت حائرة وتائهة تنتظر مصير أبنائها القابعين وراء أسوار السجون بالجزائر. رغم النداءات الملحة والمتكررة والتحركات المكثفة على أكثر من صعيد وفي جميع الاتجاهات دون التوصل إلى ردود مقنعة وشافية تغنيهم عن حالة الترقب والانتظار، الذي تعيش على إيقاعها هذه العائلات التي طرقت كل الأبواب، بلا جدوى، بما في ذلك القنصليات المغربية بالجزائر والجمعيات الحقوقية وغيرها من المنظمات الغير الحكومية، حيث صارت هذه العائلات تتلقف أخبار وأحوال أبنائها عن طريق سجناء مغاربة غادروا أسوار السجون الجزائرية بعدما أنهوا عقوبتهم الحبسية أو عن طريق بعض معارفهم وأقاربهم. وتختلف العقوبات السجنية في حق هؤلاء المغاربة، إذ تتراوح الأحكام ما بين شهر حبسا نافذا كحد أدنى بخصوص المتهمين بالهجرية السرية عن طريق التسلل إلى التراب الجزائري بصفة غير شرعية. وتبقى الفئة المستهدفة من هذه العقوبة تلك التي تتسرب إلى الأراضي الجزائرية من أجل زيارة الأهل والأحباب، وبصفة خاصة ساكنة الجهة الشرقية لارتباط هذه المنطقة بالقطر الجزائري لعدة اعتبارات منها نقط الالتقاء التي تجمع بين ساكنة الشرق المغربي والغرب الجزائري. وهناك فئة أخرى لم تستثن من هذه الأحكام إن وقعت بين السلطات الأمنية لهذا البلد، ويتعلق الأمر بشق حرفي قطاع البناء كالجبص والصباغة والزليج وغيرها من المهن الأخرى التي لها علاقة مباشرة بقطاع التعمير، إذ تشكل اليد العاملة المغربية كتلة مهمة ومعادلة صعبة داخل هذا المجال بالجزائر نظرا لعنصر الكفاءة والاحترافية والمهارة التي تتميز به اليد العاملة المغربية .إضافة إلى فئة أخرى تقبع في السجون الجزائرية بتهم كبيرة كالتهريب والاتجار في المخدرات. وتكون العقوبة السجنية في حقها أشد، قد تصل إلى حد السجن المؤبد نظرا لصرامة القانون الجزائري لكل من تبث تورطه في الاتجار المخدرات. وقد تكون بعض هذه الأحكام في أحيان عديدة غير نزيهة وتنعدم فيها شروط المحاكمة العادلة بعدما تنبني فصول المتابعة على تهم ملفقة. وهذا ما جاء على لسان العديد من الأسر المغربية من خلال تصريحات وشهادات أدلت بها لفرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بوجدة ، الذي أصدر تقريرا بهذه المناسبة بخصوص معاناة بعض العائلات المغربية التي يقبع أبناؤها وراء أسوار السجون الجزائرية بتهم ملفقة .وهنا لا بد أن أقف خلال هذا الموضوع عن حالة حوالي 65 عائلة تنحدر معظمها من الجهة الشرقية، تلتقي في نقطة معاناة واحدة ومشتركة تتمثل في مصير أبنائها داخل السجون الجزائرية لمدة فاقت عشر سنوات، حيث تعود التفاصيل إلى 10 أكتوبر من سنة 2002، حينما قرر حوالي 64 مغربيا من بينهم 4 نساء ركوب غمار قوارب الموت في اتجاه البحث عن الفردوس المفقود. وقد كانت الانطلاقة من قرية أركمان، غير بعيد عن مدينة الناظور، بإيعاز ودعم من شخص كان يشغل منصب مستشار جماعي بإحدى الجماعات القروية التابعة لنفوذ مدينة وجدة، مغامرة انتهت بسواحل مدينة وهران الجزائرية، ثم بعدها إلى ما وراء أسوار السجون بتهم خطيرة قد تكلفهم حياتهم كاملة، وهي التهم التي اعتبرتها عائلات الضحايا بالملفقة من طرف القضاء الجزائري، الذي التزم الصمت والتكتم بخصوص هذه القضية حسب التصريحات والشهادات المدلى بها من طرف عائلات السجناء للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي أكدت أن أبناءها لا علاقة لهم بمجال الترويج والاتجار في المخدرات. كل ما في الأمر أنهم كانوا في طريق العبور نحو إسبانيا عبر زورق مطاطي من أجل البحث عن غد أفضل. وهو حلم العديد من الشباب المغربي وبصفة خاصة الذين يئنون تحت وطأة البطالة قبل أن تتلاعب بالزورق الذي كان يقلهم أمواج البحر العاتية، في ليلة كان فيها اليم في أشد غضبه، قذف بالزورق في شواطئ مدينة وهران الجزائرية. بعدما قامت في وقت سابق وحدات تابعة لخفر السواحل الإسبانية من توقيفه وإرغامه على العودة، ألأمر الذي جعل قائد القارب يتيه عن الطريق في وسط الأمواج العاتية لينتهي به المطاف في الساحل المذكور. ومنذ ذلك الحين انقطعت أخبار ركاب الزورق عن الأهل والأحباب، قبل أن تتفاجأ يوم 16مارس من السنة الجارية عائلة «عباد» أحد “الحراكة" بخبر مفاده، الحضور توا للمركز الحدودي زوج بغال من أجل تسلم جثة ابنها «رابح» من طرف السلطات الجزائرية، برسم الوفاة مسلم من القنصلية المغربية المتواجدة بمدينة سيدي بلعباس بالجزائر، يشير على أن الضحية قد فارق الحياة بتاريخ 11 مارس أي حوالي 5 أيام بتوصل العائلة بالخبر، حيث أرغمت السلطات المغربية أسرة الهالك على تسلم الجثة ودفن ابنها بسرعة، دون العمل على البحث في دواعي وأسباب الوفاة، دائما حسب إفادة العائلة لجمعية حقوق الإنسان بوجدة.