مازالت هذه الجماعة الواقعة بين مدينتي بركان والسعيدية تعيش التهميش والإقصاء والفقر المدقع، وذلك نتيجة السياسة اللاشعبية التي دجنت المواطن المداغي وحولته إلى متسول بامتياز، ينتظر مجيء هذا البرلماني أو ذاك لسيد رمقه بصدقة هزيلة، متناسين وغير مبالين بالحديث الشريف القائل: "اليد العليا خير من اليد السفلى" والمثل الصيني "علمه كيف يصطاد ولا تعطيه سمكة" أما السياسة الوطنية التي تهتم بتدبير الشأن المحلي بهذه الجماعة والمتمثلة في كل من الصحة والتعليم والشغل والسكن، فهي مغيبة وفي نفس الوقت منعدمة على الإطلاق، وهذا يسوقنا إلى القول: أن السياسة الحزبية والتكوين الحزبي للمواطنين داخل ومجسد على أرض هذه الجماعة، هي الزبونية والمحسوبية والمؤامرات على الطبقة الكادحة التي أولت الثقة في من لاثقة فيه. فأسلوب المصلحة الخاصة هو الطاغي على أرض واقع هذه الجماعة التي لم تولي أي اهتمام للشأن المحلي الذي ورد في ميثاق الجماعات المحلية.. رغم أن هذه الجماعة تتوفر على رأس مال بشري ضخم، قادر على الإنتاج والعطاء إذا توفرت بالفعل الإرادة السياسية الوطنية التي همها الإنسان كإنسان وليس الإنسان كصوت انتخابي فحسب. أضف أنها –أي الجماعة- تحيط بها أراضي فلاحية شاسعة كانت بيد الاستعمار الفرنسي آنذاك، وكانت هذه الأراضي تشغل كل اليد العاملة بهذه المنطقة. وهاهي اليوم بحوزة شركة الصوديا والسوجيطا التي زادت الطين بلة وجعلت هذه الأراضي معطلة بدون روح. كضيعة (فوتورو تيسو وضعية لاجواني وضعية فابر وضعية جن فيل وضعية براطة..) آلاف الهكتارات الفلاحية تترقب من يحرثها ويستغلها. كما تتوفر الجماعة على بعض الكيلومتلاات من شاطيء السعيدية وعلى بحيرة ملوية كأثر ايركولوجي.. كل هذه الموارد وهذا الموقع الاستراتيجي الذي أنعمه الله على هذه القرية والذي يجمع الفلاحة بالسياحة، لم يحرك قريحة ومخيلة المسؤولين بهذه الجماعة التي تعاني الويلات تلو الويلات في كل المجالات. المجال الاجتماعي: كثير من الشباب والمواطنين يفكرون في الهجرة إلى الضفة الأخرى بعدما تبخر أملهم في الأحزاب التي تدعي الديمقراطية والإنصاف. أما طبقة الموقف من العاطلين الذين لاحولة لهم ولاقوة، قد تذمروا ويئسوا من هزالة الراتب اليومي الذي لا يتجاوز 50 درهما، حالة اجتماعية صعبة بالنسبة لهذه الشريحة من المجتمع التي هي العمود الفقري لأي تطور. أما من حيث المرافق الاجتماعية، فالجماعة لا تفكر في بناء دار الطالبة ولا في بناء دار العجزة والشيوخ الذين لم يجدوا من يأويهم ولا بناء دار الشباب لإنقاذهم من الهلوسة والفساد والإدمان على المخدرات التي عمت المنطقة ولا من مجيب، رغم أن قرية مداغ لا تبعد عن الزاوية البوتشيشية التي تمثل الركن الديني إلا يثلاث كيلومترات. المجال الصحي: إذا كنا نؤمن أن الصحة مدخل أساسي للتنمية، وأن التنمية والصحة وجهان لعملة واحدة باعتبار هما سيان، فنجد الصحة وما يقدم لها في المجال الاستشفائي الذي هو شغل كل المرضى الذين لا يتوفرون على التغطية الصحية ولا على المال لشراء الدواء، فهو جد ضئيل مقارنة مع بعض المستوصفات التي تستفيد بقسط لابأس به من الأدوية التي توزع مجانا وبدون زبونية، كمستوصف سيدي يحيى بولاية وجدة مثلا. كما تجدر الإشارة أن المستوصف الذي تم بناءه حديثا وذلك استجابة لمطالب المنظمة العالمية للصحة، يفتقر إلى التجهيزات الأساسية وحتى البسيطة منعدمة، ناهيك عن قلة الممرضات مقارنة بالمرضى الوافدين على هذا المستوصف. قطبيب واحد لا يكفي بتلبية كل رغبات المرضى الذين يتجاوزون الآلاف، أما قسم المستعجلات فلا يمكنك أن تشم رائحته ولا حديث عنه بالنسبة للمسؤولين الذين يدعون الديمقراطية والوطنية، فإذا أصابك مرض أو بلاء في الليل عليك انتظار الصبح(الغد). فالمرض في عين المجلس القروي كجهاز لتدبير الشأن المحلي ولدى النائب البرلماني الذي غاب صوته في قبة البرلمان منذ توليه المسؤولية ضمن الجهازالتشريعي.. وكانت حصيلة هذا الإهمال وعدم مراعاة الحالة الصحية للمواطنين، هي كثرة الأمراض المزمنة وخاصة لدى النساء كأمراض الثدي التي تحتاج إلى طبيب أخصائي لتشخيص المرض مبكرا لدى المرأة القروية... المجال التربوي والثقافي: إذا كانت التربية والثقافة والتعليم المحطة الأولى والأساسية لأي إقلاع حضاري واقتصادي بحث أن الأمم التي ركبت قاطرة التطور والنهوض وواكبت عملية التقدم، قد ركزت وبنت نفسها انطلاقا من التربية والتعليم والثقافة. أما الأمم التي أغفلت هذا الجانب الاساسي والإنساني فهي مازالت مستغربة وفي تبعية للآخر وبالتالي تبقى منخورة حتى النخاع. وعلى هذا السياق فجماعة مداغ ولمدة عشر سنوات مازالت تناقش بناء الثانوية بضيعة الصوديا التي خصصت لهذا الغرض. وهذا المطلب هو نتجية لما تعانيه فئة التلامذ والتلميذات التي يصعب عليها التنقل من مداغ إلى مدينة بركان بمسافة 20 كلمترا ذهابا وإياب قصد تتميم دراستهم الثانوية. فهذا الإهمال تولد عنه ما يسمى بالانقطاع المدرسي المبكر- أي إعادة الأمية الأبجدية من جديد- أما المركب الثقافي أو دار الشباب وكل المؤسسات الثقافية والفنية، فلا حديث عنها يذكر سواء داخل المجلس القروي أو بقبة البرلمان. الشيء الذي جعل الإجرام والانحراف ينتعش يوما بعد يوم وسط هذه الأراضي المنبسطة والممتدة من مدينة الاصطياف "السعيدية" إلى مدينة بركان الفلاحية... مجال السكنى والتعمير: إذا مررت بين أزقة هذه القرية من شمالها إلى جنوبها فلم تجد سوى الجهة هي التي مسها التعديل مؤخرا، أما الأزقة الأخرى فهي محفرة وخاصة تجزئة بئر انزاران التي تتحول في فصل الشتاء إلى برك للضفادع. أما من ناحية السكن غير اللائق والعشوائي فهو في استمرار وقد نشأت عن ذلك تجزئة عشوائية بالحرشة (خروبة الزامر) تجزئة بعض مساكنها من طين وقصب كشأن دوار (الشيكولا) بدوار السلايلي. كل هذه المعطيات عن السكن العشوائي والسكن غير السليم لم يحرك ضمير المجلس ولا البرلمان وخاصة أن هذه القرية تعتبر ضلع شاطئ السعيدية حيث توجد تجزئة فاديسا السياحية...