بعد أن عادت الدينامية للعلاقات الدبلوماسية بين الجارتين وفتحت آفاق جديدة للعمل المشترك وإحياء الإتحاد المغاربي. المغرب والجزائر يدخلان في تنسيق أمني لمحاربة عصابات التهريب التي تنشط في الحدود المترامية الأطراف بينهما والممتدة من البحر المتوسط إلى أقاصي الصحراء. مصادر إعلامية جزائرية، والتي ألفت التهجم على المغرب واتهامه ب «التغاضي عن شبكات التهريب لإغراق جارته بأطنان من المخدرات» كما تدعي. تخلت عن لهجتها، وبدأت الحديث عن تعاون أمني واستعلاماتي بين البلدين. مؤخرا، وحين تم احباط عملية تهريب لأطنان من المخدرات، بدت نجاعة المقاربة الجديدة والتنسيق وتبادل المعلومات، ليتم حجز كميات من المخدرات فوق تراب البلدين. في تلمسان حجزت المجموعة الأولى لحرس الحدود في مغنية التابعة لقيادة الدرك الوطني بتلمسان 10 أطنان من المخدرات مؤخرا بالشريط الحدودي، وفي نفس الآن صادر حرس الحدود المغاربة ما يقارب 50 قنطارا أخرى على متن سيارة تحمل ترقيما أجنبيا من نوع «إيفيكو»،لها مواصفات السيارتين الناقلتين للأطنان العشرة من الشيرا والتي كانت في طريقها إلى ولاية تلمسان،مرورا عبر المسالك الوعرة لقرية جرادة القريبة من مدينة وجدة. السيارة حاول سائقها الهروب نحو التراب الوطني قبل أن تتم محاصرتهم، والقاء القبض على سائقها. ليس هذه المرة الأولى التي يتم فيها الإعلان عن ضبط كميات من المخدرات على الحدود بين البلدين. توالي سقوط شبكات التهريب كشف عن كونها نسجت خيوطا في مختلف دول المنطقة سواء بالمغرب وموريتانيا ومالي، وأيضا الجزائر التي أعلنت منذ أشهر عن تفكيك شبكة تهريب ليس فقط المخدرات ولكن أيضا السلاح بالصحراء الكبرى وصفت بكونها أهم شبكة تهريب تنشط في حدودها الجنوبية مع مالي. العصابة ضمت 18 عنصرا يحملون جنسيات جزائرية باستثناء شخص واحد يحمل الجنسية المالية حجزت بحوزتها مبالغ مالية بالعملات الصعبة وأسلحة وذخيرة. السلطات الأمنية المغربية بدورها فككت شبكة هربت ما لا يقل عن 600 كيلوغراما من الكوكايين تم تسريبها الى داخل التراب الوطني عبر الحدود الجزائرية والموريتانية. العمليات تمت بمشاركة بارونات من جنسيات كولومبية وإسبانية لهم علاقات وطيدة ب«تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي» وبكارتيلات في أمريكا اللاتينية ومهربي مخدرات مغاربة. رغم أن التهريب يتم في الإتجاهين معا، لكن الجزائر لا تزال تنظر بعين الريبة إلى جارتها المغرب. كل منهما يشتكي من التهريب والإرهاب، لكن الجزائر تحاول الظهور دائما بمظهر المتضرر الوحيد من هذا الملف الذي يؤرق حرس الحدود والجمارك على طول 1500 كلم من الشريط الحدودي الممتد من أقصى الصحراء إلى البحر المتوسط. الجزائر أعدت مؤخرا تقريرا باشراف الوزير الأول أحمد أويحيى شخصيا لدراسة الآثار الاجتماعية والاقتصادية والأمنية المتوقعة، من إعادة فتح محتملة للحدود الجزائرية المغربية المغلقة منذ 18 سنة. لم يشر التقرير لخسائر الإقتصاد المغربي جراء تنامي التهريب واغرقه أسواقه بالسجائر والمواد المنتهية الصلاحية وغيرها من المخدرات الصلبة، بل اكتفى فقط بالتركيز على خسائر بلد النفط والغاز جراء تهريبه للمغرب والتي قدرها بما يفوق 42 مليون دولار، خلال العام الماضي. «السنة الجارية تنذر بأن تكون سنة تهريب المخدرات عبر حدود البلدين بامتياز» يقول التقرير. محجوزات الشهر الماضي لوحده من الكيف المعالج وصلت ثمانية أطنان ونصف الطن، أي أكثر من ثلاثة أضعاف ونصف محجوزات السنة المنصرمة (2.4 طن)، وهي عمليات الحجز التي تمت في الغالب على الحدود مع المغرب الشرقي في عمليات للجيش وحرس الحدود، في حين أن الشريط الممتد على تراب ولاية تلمسان يحتكر الجزء الأكبر من نشاطات التهريب وتجارة الممنوعات، باعتبار النشاط الديموغرافي المكثف وتعدد الممرات السرية التي تخترق جبال ووديان تسمح طبيعة تضاريسها بحجب قوافل التهريب عن أنظار الهيئات المكلفة بحراسة الحدود. رغم تنامي التهريب على حدود البلدين، فإن بداية التنسيق المباشر سيعزز الثقة بينهما، وهو ما قد يتعزز في الرباط بمناسبة احتضانها للنسخة الثانية من المؤتمر الاقليمي حول أمن الحدود بمشاركة وزارء الدفاع والداخلية ورؤساء الاجهزة الامنية بالمنطقة المغاربية والساحل والصحراء. اللقاء سيكون فرصة تحليل المخاطر والتهديدات الأمنية العابرة للحدود.