النهاري... داعية وخطيب جريء ومنفعل يقال إن شهرة هذا الفقيه الداعية والخطيب طبقت آفاق عاصمة الجهة الشرقية ونواحيها منذ سنوات، قبل أن تتناقل مواقع الإنترنت شريط الفيديو الذي كان يلقي فيه خطبة أحد أيام الجمعة، ومن شدة انفعاله وخروجه عن طوع نفسه التفت إلى إحدى اللوحات المعلقة خلف منبر خطبة الجمعة وقذفها محطما إياها على الأرض... منذ ذلك الحين بدأ ألقه يتسع ليصل إلى خارج أسوار مدينة وجدة. صوته الجهوري والحاد والعميق وحركات الجسدية المتناغمة مع الانفعال الذي يُظهره صوته، وهو يعظ ويرشد وينصح ويحذر ويبشر ويفتي... كانت من العوامل التي ساعدت هذا الفقيه البدوي على أن يجد لنفسه موطئ قدم في بحر متلاطم من الدعاة والوعاظ والخطباء المغاربة والمشارقة على العموم. يتهمه البعض بأنه مقلد بارع للشيخ المصري عبد الحميد كشك، خاصة في الهالة التي يضفيها على نفسه، وهو يلقي خطبه الدعوية والوعظية وفي خروجه عن طوع نفسه لما ينفعل. لم يتأخر كثيرا في الرد على من ألصقوا به تهمة "التشبه" بداعية مصر الضرير، إذ خط مقالة مطولة، منشورة على موقعه الرسمي في الإنترنت، بعنوان "تكشيك الحقل الديني" يرد فيها هذه التهمة ويمتدح "التأسي بالصالحين واقتفاء أثرهم". وكتب يقول "هناك من الأخوة من يشبهني أو على الأقل، هكذا يرى، أنني ورثت عن الفقيد عبد الحميد كشك رحمه الله طريقة الالقاء والجرأة في الطرح، وبذلك يدرجون ذلك في خانة الإيجابيات ، ويعتبرون ذلك إحياء لدور المسجد الذي عزل عن قضايا الأمة ، واستخدم في إدامة تحذير الناس"، وفي المقابل هناك "آخرون لا يخفون في تعليقاتهم أنني أتصنع ذلك التقليد، وأرائي الناس وأدعي ما ليس في، وبذلك فهم يدرجون الأمر في خانة الالحاق والتبعية وفقدان الشخصية بحثا عن شهرة كاذبة". وجاء هذا الرد على ما أحد المنشورات الوطنية الذي اتهمه بإرساء أسس ظاهرة "الالالالنهارية التي تعمل لتكشيك الحقل الديني برمته، خارجة بذلك عن نهج علماء المغرب في العصر الحديث المتسم بالوسطية والإيجابية والعمل مع مكونات المجتمع ضمن مشروع إصلاحي بطبيعته المغربية المتفردة". وأضاف أن المقال المذكور تُشتم منه "رائحة استعداء من يهمهم الأمر ضدي لوضع حد لهذه الظاهرة قبل أن تستفحل وتؤدي إلى إلغاء الاستثناء المغربي في معالجة قضايا الإصلاح كما جسدها علماء المغرب الراسخون أمثال المختار السوسي وعلال الفاسي ومولاي العربي العلوي..."، ثم عاد ليقول بنبرة فيها نوع الافتخار إن "عبد الحميد كشك صوت دخل إلى كل بيت في أرجاء المعمورة بأركانها الأربعة، وهو صوت بلغه الله تعالى إلى حيث شاء، ينذر ويبشر ويعلم ويربي ويذكر... فترك آثارا يلمسها كل مسلم على تدين المسلمين، وما زال لصوته الأثر نفسه إلى اليوم لمن يسمع خطبه و دروسه ومواعظه...". ويوضح أن صوته المرتفع، وهو عنصر الشبه الكبير بينه وبين عبد الحميد كشك، يرجع إلى أنه تربى في بيئة رفيعة حيث "عرفتني الجبال الشاهقة متيما بالحرية، شامخ الأنف شموخ قمم الجبال، لا أطأطئ الرأس إلا للذي خلقني". ثم يضيف أن هذه البيئة الجبلية "نفخت في كياني عزة وحرية جعلتني منذ نعومة أظافري انتقد الكبار حسب فهمي حينها، ولم أكن ممن يسهل فطامه أو الضحك عليه بكلمات كما يفعل بالأطفال...". شهرة هذا الفقيد، الذي رأى النور بدوار بوعلاين بأحفير ضواحي مدينة وجدة يوم 23 يناير 1959، بدأت مع إطلاق مقاطع فيديو خطبه على موقع يوتيوب، ومن ثم تناقله على نطاق واسع، وتعززت مع ظهور الشبكات الاجتماعية، إذ ل"فضيلة الشيخ"، كما يصفه الكثير من معجبيه صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" تضم أزيد من 11 ألف معجب ومعجبة، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل إن الشيخ كثير الانفعال في طور إطلاق موقع خاص به، يحمل اسمه، وهو في مرحلة التجريب ويشمل مقالاته وخطبه وفتاواه وأركان لهموم المسلمين والقضايا المحلية والوطنية ولفلسطين كذلك، علاوة على ركن لمتابعة فضيلة الشيخ على اليوتيوب والفيسبوك ولإرسال رسائل شخصية له ومنتدى للنقاش والتعارف والتبادل وركن لتحميل خطبه والاستماع إليها... من التصريحات الشهيرة المنقولة عنه ذلك الذي دعا فيه على أعداء الدين، وقال فيه "اللهم جمد الدم في عروقهم حتى يتمنوا الموت فلا يجدونه"، وفي خطبة أخرى حول زواج المتعة، وبصوته الحاد والأجش القريب من أصوات المدخنين ومدني الكحوليات الذين يمتيزون عن غيرهم بنبرة حادة وقريبة من الحشرجة، خاطب جمهورا من المستمعين قائلا، في رد على سؤال يتعلق بحكم زواج المتعة، "واش وصلكم هاذ المرض تاع الشيعة (يقصد زواج المتعة)... زواج المتعة عند جمهور علماء السنة زناااا... هاذ السؤال كيحسسني بلي كانشم الريحة الخانزة نتاع التشيع في الشيعة اللي كسيبو أبو بكر (الصديق) وعمر (بن الخطاب) وعثمان (بن عفان) وكسيبو عائشة... الشيعة نتاع الخميني الذي كتب في كتابه الحكومة الإسلامية إن الإيمان درجة لا يبلغها نبي مرسل ولا ملاك مقرب... ويقولون من تمتع مرة كانت درجته مع الحسين، ومن تمتع مرتين كانت درجته مع علي ومن تمتع ثلاثا كانت درجته مع رسول الله... الزنا ... يشرعنون الزنا...". نصيبه من الشهرة والتألق، الراجع بشكل كبير إلى الجرأة الكبيرة التي يتناول بها القضايا التي يطرحها عليه من يترددون على مسجد الكوثر بوجدة حيث يلقي خطب الجمعة ومقر فرع حركة التوحيد والإصلاح بوجدة، التي هو عضو نشيط في صفوفه، حيث يلقي درسا أسبوعيا كل ليلة أحد بين العشاءين، بلغ حتى الموسوعة العالمية "وكيبيديا" التي تفرد له صفحة تتناول فيها سيرته الذاتية بعدد من التفاصيل ومساره الدعوي، كما تذكر أنه فضلا عن نشاطه الدعوي بالمساجد وفي صفوف الحركة، المقربة من جزب العدالة والتنمية، يشغل وظيفة متصرف ممتاز بغرفة الصناعة التقليدية بمدينة وجدة بعد أن قضى عدة سنوات في أسلاك التعليم الابتدائي، إذ التحق بغرفة الصناعة التقليدية بحكم حصوله على الإجازة في العلوم الاقتصادية، من جامعة محمد الأول بوجدة، في شعبة العلاقات الاقتصادية الدولية سنة 1983...