أكدت مذكرة إخبارية صادرة عن المندوبية السامية للتخطيط أن الفوارق بين جهات المملكة، على مستوى التشغيل والبطالة والنسيج الصناعي والسياحي والبنية التحتية، لازالت قائمة بحدة، تنعكس على الواقع الاجتماعي للمواطنين المغاربة. فقد كشفت المذكرة، التي تم إنجازها في إطار مواكبة دينامية مسلسل الجهوية المتقدمة التي أعطى جلالة الملك محمد السادس انطلاقتها، وما تلا ذلك من اقتراح اللجنة الاستشارية للجهوية لمشروع جهوي يخول للجهات ال 12 دورا مركزيا في تحديد السياسات الاقتصادية والاجتماعية، امتلاك ثلاث جهات، بشكل متفاوت، لكل الإمكانات المالية والتقنية، واقتصار جهات أخرى على موارد مرتبطة بمداخيل قطاعي السياحة والنشاط الفلاحي، وافتقار الجهات الأخرى لمقومات النمو، ما يجعلها قابعة في دائرة المغرب غير النافع، تجتر النسيان والتهميش. فوفق الخطوط العريضة للمذكرة، التي توصلت بيان اليوم بنسخة منها، تساهم خمس جهات فقط، بنسب متفاوتة، في إنتاج الثروة الوطنية (الناتج الداخلي الإجمالي)، هي الدارالبيضاء الكبرى بحوالي 1,8 نقطة، منتقلة من 21,3% إلى 19,5%، أي بانخفاض يؤكد استمرار التراجع الملاحظ منذ سنة 2004 حيث كانت هذه النسبة تمثل 23,7% ؛ تليها جهة الرباط – سلا – زمور – زعير بحوالي 0,6 نقطة منتقلة من 13,6% إلى 13%؛ ثم طنجة – تطوان بنصف نقطة، منتقلة من 8,8% إلى 8,3%؛ فجهة سوس – ماسة – درعة ب 0,4 نقطة، منتقلة من 8% إلى 7,6%. ويتقلص عدد هذه الجهات إلى ثلاث بخصوص تجاوزها المعدل الوطني الخاص بالناتج الداخلي حسب الفرد والذي يصل إلى (240 23 درهم حسب الفرد عوض 000 20 درهم). يتعلق الأمر، حسب المذكرة، بكل من الدارالبيضاء الكبرى ب 800 37 درهم، والرباط – سلا – زمور – زعير ب 600 36 درهم، وجهات الجنوب ب 600 30 درهم. وهو أمر راجع إلى شكل المساهمة الجهوية في الأنشطة الاقتصادية والذي لم يعرف تغيرات كبيرة. فعلى صعيد قطاع الصناعات والمناجم والطاقة، تستحوذ جهة الدارالبيضاء الكبرى، حسب المذكرة الإخبارية، على أكثر من 31% من القيمة المضافة الوطنية، متبوعة بجهة الشاوية – ورديغة بنسبة 12,3%. أما على مستوى الفلاحة والصيد البحري، فإن جهة مراكش – تانسيفت – الحوز تحتل الرتبة الأولى بحوالي 12%، فيما تظل أنشطة البناء والأشغال العمومية، أكثر دينامية في جهات الرباط – سلا – زمور – زعير (14%)، تليها جهة طنجة – تطوان (10,3%) ثم مراكش – تانسيفت – الحوز (10,2%). أما الأنشطة التالثية فتبقى المهيمنة على مستوى جهة الدارالبيضاء الكبرى (21,8%) وجهة الرباط – سلا – زمور – زعير (18,1%). وفيما يخص النشاط السياحي (الفنادق والمطاعم) تكشف مذكرة المندوبية السامية للتخطيط أن وزنه في جهتي مراكش – تانسيفت – الحوز وسوس – ماسة – درعة أكبر بكثير من المعدل الوطني (2,6%)، إذ بلغ 8,4% بالنسبة للجهة الأولى و7,4% عوض 9,9% بالنسبة للجهة الثانية. ويبدو تركيز مذكرة المندوبية السامية للتخطيط على انعكاسات الاختلاف بين الجهات بالمغرب على المستوى الاجتماعي واضحا بتقديمها أرقاما وإحصائيات تتعلق بالتشغيل وبالبطالة والفقر. فقد أشارت إلى أن الاختلال بين الجهات ينعكس على معدلات البطالة والتشغيل في جهات المغرب.إذ تظل نسبة النشاط مرتفعة بكل من جهة الغرب شراردة بني حسن بنسبة 9,60 في المائة، تليها جهة الشاوية ورديغة بنسبة 9,59 في المائة، ثم دكالة عبدة وجهة مراكش تانسيفت الحوز، وفي الرتب الأخيرة تأتي كل من جهات مكناس تافيلالت وطنجة تطوان والجهة الشرقية. وبخصوص البطالة تحتل جهة العيون بوجدور الساقية الحمراء المقدمة بتوفرها على أعلى معدل (1,19 في المائة) على المستوى الوطني، متبوعة بكل من الجهة الشرقيةوالدارالبيضاءوالرباطسلا زمور زعير ومكناس تافيلالت وجهة الغرب الشراردة بني حسن، في حين سجلت كل من جهتي الشاوية ورديغة ودكالة عبدة أقل النسب على المستوى الوطني. أما على مستوى الفقر والفوارق الاجتماعية ونفقات الأسر بين الجهات، فترى المذكرة أنها تصل إلى أكثر من الضعف بين الجهات المحظوظة والجهات المهمشة، مشددة على أن مشروع التقطيع الجهوي إلى 12 جهة سيسفر لامحالة عن جهات أكثر تجانسا مقارنة بالتقطيع الحالي. وهو أمر غير مستبعد، يقول الدكتور محمد ياوحي أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الأول بوجدة في حديث لبيان اليوم، شريطة أن يواكب التقطيع الجديد مجهودات واقعية وملموسة لتحقيق تطور من الناحية السوسيو اقتصادية والارتقاء بسياسة الجهوية الى مستوى الاستراتيجيات الرئيسية للتنمية الاقتصادية والإقلاع السوسيو اقتصادي، بصفة عامة. فالتفاوت الحاصل بين الجهات على المستوى الاقتصادي، حسب محمد الياوحي، هو نتيجة استمرار استفادة جهات من البنيات التحتية على حساب جهات أخرى، وعدم ارتقاء المجهودات المبذولة للرفع من الاستثمار في بعض الجهات إلى المستوى المطلوب مما أدى إلى تهميشها وبروز مجموعة من المظاهر تتمثل في الهجرة والتهريب والأنشطة غير القانونية وتنامي المخدرات.