مجلس حقوق الإنسان: المغرب يؤكد بجنيف التزامه من أجل النهوض بحقوق الإنسان    رئيس مجلس المستشارين يستقبل وزير خارجية جمهورية ألبانيا    تحويلات مغاربة العالم تتجاوز 9,45 مليار درهم في يناير 2025    مسؤولة: عملية 'رمضان 1446' تتميز بالاعتماد على البيانات السوسيو-اقتصادية للأسر المسجلة في السجل الاجتماعي الموحد    شاطئ الفنيدق يلفظ جثمان قاصر وسط ترقب مصير آخرين    السردين يخرج من سوق الجملة ب 13 درهما ويصل إلى قفة المغاربة ب 25 درهما    واشنطن تجدد تأكيد إرادتها التفاوض بشأن إنهاء النزاع الروسي الأوكراني    2M تهيمن على وقت الذروة خلال اليوم الأول لشهر برمضان    ولي العهد والأميرة للا خديجة يشرفان على انطلاق عملية "رمضان 1446"    الحكم على الناشط فؤاد عبد المومني بالحبس النافذ 6 أشهر    الحكومة تدرس الخميس تطبيق قانون تنظيم جمع التبرعات وتوزيع المساعدات الخيرية    نشرة خاصة: تساقطات ثلجية وأمطار قوية مرتقبة الإثنين والثلاثاء بعدد من مناطق المغرب    لمواجهة مقترح ترامب.. الخطة المصرية البديلة لغزة تهدف لتهميش "حماس"    أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء: أمطار وثلوج وانخفاض في درجات الحرارة    مصرع شاب وإصابة خمسة في حادث سير مروع على الطريق الساحلي بين الحسيمة وتروكوت    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية وأمطار رعدية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    ترامب وزيلينسكي.. ولعبة الرّوليت الرّوسي    وزارة الصحة تكشف حصيلة وفيات وإصابات بوحمرون بجهة طنجة    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    «أنورا» يحصد خمس جوائز أوسكار..وفيلم يوثق نضال الفلسطينيين يفوز بجائزة أفضل فيلم وثائقي..    الدار البيضاء: متابعة 4 أشخاص بتهم المشاركة في جرائم التشهير والقذف والإهانة والتهديد    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية بلغاريا بمناسبة العيد الوطني لبلاده    أزمة قلبية تنهي حياة قاصر أثناء خوضه لمباراة في دوري رمضاني بطنجة    وكالة الأنباء الإسبانية (إفي): ابراهيم دياز.. الورقة المغربية الرابحة لأنشيلوتي في ديربي مدريد    بعد إلغاء شعيرة ذبح أضحية العيد.. دعم وحماية الفلاحين مربي الماشية الصغار على طاولة وزير الفلاحة    ثلاثة أعمال مغربية ضمن القوائم القصيرة لجائزة الشيخ زايد للكتاب    أهدنا الحياة .. ومات!    للمشاركة في احتفالات الذكرى 96 لتأسيسه .. الاستاذ إدريس لشكر يزور المكسيك بدعوة من الحزب الثوري المؤسساتي    بعد "إلغاء الأضحية".."حماية المستهلك" تدعو لاتخاذ تدابير تحقق الأمن الغذائي وتحد من الغلاء    الصحافي الذي مارس الدبلوماسية من بوابة الثقافة    ضرورة تجديد التراث العربي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    رمضان في الدار البيضاء.. دينامية اقتصادية وحركة تجارية في الأسواق ومتاجر القرب    كولر يستبعد عطية الله ورضا سليم من لائحة الأهلي لمونديال الأندية    استقالة جواد ظريف نائب رئيس إيران    وزير الثقافة الإسرائيلي يهاجم فيلم "لا أرض أخرى" بعد فوزه بالأوسكار    هل بدأ ترامب تنفيذ مخططه المتعلق بالشرق الأوسط؟    فيروس كورونا جديد في الخفافيش يثير القلق العالمي..    حكيمي ينافس على جائزة لاعب الشهر في الدوري الفرنسي    النصيري يسجل هدفا في فوز فريقه أمام أنطاليا (3-0)    مجلة إيطالية: المغرب نموذج رائد في تربية الأحياء المائية بإفريقيا والبحر الأبيض المتوسط    إحداث كرسي الدراسات المغربية بجامعة القدس، رافد حيوي للنهوض بالتبادل الثقافي بين المغرب وفلسطين (أكاديميون)    ناقد فني يُفرد ل"رسالة 24 ": أسباب إقحام مؤثري التواصل الاجتماعي في الأعمال الفنية    نتائج قرعة دور ربع نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي 2025    قراءة فيدورة جديدة من بطولة القسم الثاني : الكوكب تعزز صدارتها وتوسع الفارق …    ترامب يعلن إدراج خمس عملات مشفرة في الاحتياطي الاستراتيجي    دوبلانتيس يعزز رقمه العالمي في القفز بالزانة    كرة القدم: كوريا تتقدم بطلب تنظيم كأس آسيا 2031    الصين: إجمالي حجم الاقتصاد البحري يسجل 1,47 تريليون دولار في 2024    مسلسل "معاوية".. هل نحن أمام عمل درامي متقن يعيد قراءة التاريخ بشكل حديث؟    بريسول ينبه لشروط الصيام الصحيح ويستعرض أنشطة المجلس في رمضان    النائب البرلماني محمد لامين حرمة الله يشيد بهذا القرار الملكي    هذا هو موضوع خطبة الجمعة    الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين يستغرب فرض ثلاث وكالات للأسفار بأداء مناسك الحج    المياه الراكدة    "حضن الفراشة" .. سلاح فتاك لمواجهة التوترات النفسية    متى تحتاج حالات "النسيان" إلى القيام باستشارة الطبيب؟    دراسة علمية تكشف تفاصيل فيروس جديد لدى الخفافيش وخبير يطمئن المواطنين عبر "رسالة24"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مواطن يترقب خيطا رفيعا من الماء في صحراء من حكومات العطش
نشر في الوجدية يوم 21 - 12 - 2011


في أفق تشكيل حكومة بنكيران
يبدو أن المشهد السياسي المغربي بدأ يتشكل من جديد بعد أول استحقاقات تلت الاستفتاء الدستوري للفاتح من يوليوز 2011، الذي كرس أول دستور على عهد الملك محمد السادس، وطبقا لمقتضيات الدستور والفصل 47 منه، عين الملك عبد الإله بنكيران رئيسا للحكومة، وإن كان هذا الفصل لا يتحدث عن الأمين العام للحزب، باعتباره يشير صراحة إلى أن الملك يعين رئيس الحكومة من الحزب الذي تصدر الانتخابات التشريعية.
كما أن تصدر حزب العدالة والتنمية يمكن اعتباره نسبيا بالنظر لعدد الأصوات المحصل عليها والتي لم تتجاوز مليون صوت، وجاءت اقل من الأصوات الملغاة التي قاربت 20 بالمائة من مجموع الأصوات المعبر عنها، وقاربت المليون ونصف المليون صوت، وبالقيام بعملية حسابية بسيطة بين نسبة المشاركة التي وصلت إلى أكثر بقليل من 45 بالمائة، وعدد المسجلين في اللوائح الانتخابية:13.626.357 ناخبا، يكون عدد الأصوات المحصل عليها من طرف حزب المصباح لم يتجاوز 16،30 بالمائة، وإن كان هذا لا ينقص من صدارته شيئا باعتباره حصل على 107 من المقاعد من أصل 395، أي 27 بالمائة من عدد المقاعد.
لكن القراءة المتأنية لهذه الأرقام تفيد أن نسبة حزب الغاضبين وضمنهم المقاطعين تبقى مهمة في المسلسل الديمقراطي للبلد، ويكون على عاتق الحكومة المقبلة أن تفتح قنوات للحوار مع جماعة العدل والإحسان ومعها حركة 20 فبراير للدخول للعمل السياسي المنظم، وتعيد النظر في طريقة تأطير الأحزاب للمواطنين للانخراط في العمل السياسي، أو على الأقل الاهتمام به. وإن نجحت في ذلك فإنه حتما سوف يحسب لها، باعتبار أنه يبقى من الصعب تطبيق برنامج حزب العدالة والتنمية مادام لا يتوفر لوحده على الأغلبية، وبالتالي فإن تحالفاته تفترض تكييف برنامجه مع الأحزاب المتحالفة معه.
أما الأحزاب عندنا فلا زالت كما هي، سواء تجدد الدستور أو لم يتجدد، لا هي جددت نخبها، ولا هي استطاعت تأطير المواطنين، بدليل أن الحزب الذي تصدر الانتخابات لا زال يطمح أن يصل ل مليون منخرط، وهو ما يعني أن التصويت لصالح العدالة والتنمية كان تصويتا عقابيا للأحزاب الأخرى، وبالتالي لا يمكن احتساب الأصوات المحصل عليها قاعدة حقيقية للحزب، وأن عزوف المواطن لازال كبيرا، ومرد نفور المواطنين من الأحزاب كونها لا زالت تتنافس على المقاعد بمفهوم الحقائب الوزارية والدبلوماسية والمناصب المواتية وغيرها، كما هو الشأن اليوم بالنسبة لحزب التقدم والاشتراكية الداخل في تحالف خارج الكتلة مع حزب العدالة والتنمية الذي لا تربطه بإيديولوجيته غير الحقائب الوزارية، و تتسابق معه أحزاب أخرى كحزب الاستقلال والحركة الشعبية من أجل الوصول إلى النخلة بمفهوم عدد المقاعد الذي يسمح بالمشاركة في الحكومة، وعندما تصل هذه الأحزاب إلى النخلة تختلف على البلح، وقد تتغير فقط الأسماء فتصبح النخلة هي الحكومة وتصير الحقائب الوزارية هي البلح...
واليوم وبعد إعلان حزب الاتحاد الاشتراكي رسميا ركونه للمعارضة، لا حديث للشارع المغربي سوى عن الحكومة المقبلة وعن تشكيلتها بعد رفض الاتحاد الاشتراكي الدخول فيها، والحقيقة أن موقع أصدقاء بنبركة وبنجلون الحقيقي على الأقل في الوقت الراهن هو المعارضة. فالمعارضة الاتحادية محنكة، والدستور الجديد كرس دورا طلائعيا للمعارضة، كما أن صناديق الاقتراع حسمت في خيار اصطفاف حزب الوردة في المعارضة، على الأقل لإعادة ترتيب البيت، والتزود من المعارضة لركوب غمار التجارب المقبلة، والتأسيس لبديل منتظر للتناوب، خصوصا وأن حزب الاتحاد الاشتراكي يبقى رقما صعبا في المعادلة السياسية المغربية.
طبعا من الناحية الديمقراطية، فإن الملك طبقا للفصل 47 من الدستور عين رئيس حكومة من الحزب المتصدر للنتائج التي أفرزتها صناديق الاقتراع، وبالتالي فإن رئيس الحكومة المعين تم تعيينه من الحزب الذي حصل على أكبر عدد من المقاعد وليس على الأغلبية، ما دامت حصة 107 مقعدا لا تشكل أكثر من ربع هذه الأغلبية التي تتطلب 198 مقعدا، والحال بعد تحالف حزب المصباح مع حزب الاستقلال والحركة الشعبية وأيضا حزب التقدم والاشتراكية، يكون قد حقق أغلبية مريحة ب 217 مقعدا، أغلبية قد لا تقيه ملتمسات الرقابة.
ومع المعارضات وليست المعارضة، المشكلة من الأحرار والأصالة والمعاصرة والاتحاد الاشتراكي فإن كل المؤشرات توحي بأن الحكومة المرتقبة لن تكون مهمتها سهلة بالنظر لوعودها، كما لن تكون قادرة على مواجهة معارضة منظمة ومحكمة راكمت تجارب في تدبير العمل الحكومي، كما راكمت تجربة الاصطفاف في المعارضة.
إنها حكومة قد تحمل في أحشائها وخلاياها جينات الموت السريع، ما دامت غير متجانسة، وما دامت بعض الأحزاب تتحكم قي قراراتها جهات من خارج هياكلها، خصوصا و أن حرارة عواطف الأحزاب تتغير حسب المصالح والحقائب، فعندما يتعلق الأمر بالحكومة تلبس الأحزاب جلد الثعبان الصحراوي فتحب بعضها البعض، وتدافع عن رصيدها، لكنها ما تلبث أن تتحول إلى زواحف قطبية تلسع بعضها البعض كما كانت قبل تشكيل الأغلبية الحكومية، أو كما سوف تصبح في الانتخابات الجماعية والجهوية المقبلة المقررة منتصف السنة المقبلة...
يبقى المطلوب في الحكومة المقبلة سرعة الأداء واتخاذ القرار، فالمغرب ضيع ما يكفي من الوقت وأكثر، وبالعودة للحكومة المنتظرة فإن ما سوف يفرقها أكثر مما سوف يجمعها، فلا قائد الاوركسترا قادر على نهج الأسلوب الحداثي والسريع في تناول الملفات الكبرى والسفريات المكوكية ذات الفائدة للوطن، وهو الأمر الذي بات يوقع لمغرب العهد الجديد، في ظل ما بات يعرف بالاستثناء العربي، ولا الأحزاب التي سوف تشكل هذه الحكومة قادرة أن تتنازل لصالح المواطن والوطن عن بعض الحقائب وبعض الامتيازات، وقد عايشنا هذا منذ الإعلان عن رئيس الحكومة، حيث ارتفعت أصوات تطالب بإنصافها وبحقيبة الخارجية، أو على الأقل بنفس الحقائب التي كانت لديها لمواصلة ما "حققته" من انجازات. وبغض النظر عن صراعات الأجنحة داخل كل حزب، ولغة الزبونية والعائلة وتبادل المصالح وكل المعادلات التي قد تسقط أسماء لا تتوفر لا على كفاءات ولا على رصيد أو تاريخ سياسي، فإن التجانس المطلوب داخل الحكومة المرتقبة سوف يكون صعب المنال، وبالتالي لا يمكن الحديث عن أغلبية منبثقة من صناديق الاقتراع لسببين بسيطين، أولهما أن نمط الاقتراع الذي لا يسمح بإفراز أغلبية واضحة ما دامت الانتخابات باللائحة و تجرى في دور واحد، وأيضا لأن كل حزب من الأحزاب التي شكلت الحكومة السابقة دخل حلبة السباق على المقاعد لوحده وليس متكتلا، وبالتالي فالحديث عن أغلبية برلمانية اليوم يجرنا للحديث عن أربعة أحزاب على الأقل تختلف إيديولوجياتها وخطاباتها من اليمين إلى اليسار مرورا بالمرجعية الإسلامية، ويكون التحالف الذي يقوده رئيس الحكومة المعين غير متجانس، ولم يحدده الحزب القائد للأوركسترا في برنامجه السياسي قبل دخول الانتخابات، والأصل أن المواطن من حقه قبل التصويت على أي حزب أن يعرف مع من سوف يتكتل هذا الحزب، حتى يكون الخيار واضحا، فقد يصوت المواطن لصالح حزب على أساس ألا يتكتل مع حزب آخر قد يعتبره لا يخدم مصالحه، - شان العائلة الفاسية - إلا أنه يكون مرغما ودون إرادته على التعامل مع حكومة مشكلة من أحزاب قد لا يربطه بها غير البر والإحسان.. لكنها الديمقراطية على الطريقة المغربية ويمكن توقع كل شيء فيها، ويبقى المواطن المسكين يترقب خيطا رفيعا من الماء في صحراء من حكومات العطش، واحدة تقتل بسم الشعارات، وثانية بقهر الامتيازات، وثالثة بخشبية الخطابات وحكومة رابعة تقتله ببطء الانجازات، وفي الأخير نجد أنفسنا أمام ضحايا ليسوا كلهم ضحايا "النجاة" بالضرورة، ضحايا هم مواطنون قتلوا في ظروف غامضة ولم تتمكن النيابة العامة من معرفة القتلة، وسجلت الجريمة ضد مجهول اسمه واحدة من تلك الحكومات المكررة...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.