الرابعة في اللائحة الوطنية النسائية لحزب الأصالة والمعاصرة تأكد رسميا بعد بلاغ وزارة الداخلية الخاص بالنتائج الوطنية والنهائية فوز المحامية بهيئة وجدة ذ.سليمة فراجي المرتبة رابعا في لائحة النساء والمنحدرة من الجهة الشرقية،ضمن اللائحة الوطنية لحزب الأصالة والمعاصرة،وبالتالي يرتفع عدد برلمانيي إقليموجدة إلى خمسة 4 نواب ونائبة. وتعتبر ذ.سليمة فراجي محط إجماع منخرطي الحزب في جميع الأقاليم التابعة للجهة الشرقية،لكونها من النساء القلائل بالجهة اللواتي يتمتعن بحس المسؤولية وبتجربة كبيرة ومتميزة داخل المجتمع المدني،وبصماتها في الحقل الجمعوي ظاهرة للعيان وطنيا ودوليا،زيادة على نبوغها الحقوقي الذي مكنها من تدبير دفاع الكثير من الملفات القضائية المعقدة. ولن نكتب أحسن مما كتبه في حقها أستاذنا وأستاذ الأجيال الوجدية ذ.عبد السلام الميساوي : "...وعت ذ.سليمة فرجي بمغزى الإسهام الملكي واستنبطت دلالاته وابعاده ،وادركت ثقل المسؤولية الملقاة على عاتقها ،لذلك عملت مع فريقها المتناغم بجدية واخلاص لتجسيد اهداف المشروع في الميدان مستلهمة سياسة القرب التي ينهجها صاحب الجلالة ودعمه المطلق لكل مبادرة تنشد التضامن الاجتماعي ،محاربة الإقصاء الاجتماعي ،الانصات لهموم الفئات المعوزة والعمل من أجل أن تعانق الحياة وبكرامة." ولعل من أهم بورتريهات ذ.عبد السلام الميساوي التي كتبها عن نساء الجهة الشرقية هو هذا النص الذي نعيد نشره كاملا: عن سمفونية حياة إسمها سليمة فرجي.
ذ.عبد السلام الميساوي ما يحيرك وأنت في مكتب الأستاذة سليمة فرجي هو صعوبة تحديد انشغالات الواقفة أمامك .. إنها الكثرة في الوحدة، والجمع في صيغة المفرد .. فما أن تطمئن إلى محامية تضبط، توضب، تفحص تلال الملفات بحس قانونية خبيرة تتجه رأسا إلى المفاصل المحتملة للخطأ، تحث مساعديها على توخي الدقة والتدقيق لأن هذا الميدان لا يقبل الهفوات .. تجد نفسك أمام فاعلة في المجتمع المدني يسكنها هم الطفل، أحلام الشباب وانكسارات المرأة .. وأنت تتابع مبادراتها وإسهاماتها الجمعوية، تفاجئك الفاعلة السياسية التي تروم الارتقاء بالمجتمع المغربي وانخراط وجدة في المشروع .. وبين لحظة وأخرى يثيرك استقبالها لمكالمات من شخصيات نافذة في المركز والمحيط .. تغادر المكتب ولسان حالك يقول ، إن سليمة هي الخيط الناظم للتنوع --- يمكن أن تقرأ وجدة في مكتبها .. المرأة التي انسلت منسحبة من "الكراسي" إلى التمدد في محبتنا لها، تلك المرأة، هي من ملأت حياتها، بلا دوي، بالوقوف هادئة في مواجهة الصخب .. صخب البحر تعارك موجه ليلا ونهارا ... صخب العمل الجمعوي الذي انخرطت فيه إيمانا واختيارا .. صخب المحاكم تصدح فيها بمرافعات قانونية تنم عن كفاءة وحنكة .. صخب السياسة حين عانق حزب الأصالة والمعاصرة حلمها الذي كاد أن تجهضه أحزاب بدون بوصلة .. صخب الكلمات تلطفها إذا شاءت أو تنفثها شرارا ... صخب الأمومة يحولها لحنا يدمع الأحاسيس مرات أو يعلن العطف والحب مرارا. فريدة، وليس أحد غيرها .. الأستاذة سليمة فرجي .. لا تزاحم أحدا على "مساحة" ولا على "تفاحة" بإرادتها وإصرارها تنسج نسيجها المميز. كعادة الأنهار، تنزل من القمم بإصرار لتسقي السهول، انحدرت سليمة من جبال بني يزناسن، لتصبح منذ طفولتها ونعومة أفكارها امرأة ممسكة بزمام مسار حياتها، حملت في صدرها كبرياء القمم وإصرار الأنهار على المضي قدما مهما صعبت المسالك، تشق مجراها بصبر وثبات، إذ لم يكن من السهل على يافعة مثلها أن تلتحف أحلامها وتنتعل طوحها، وتتعطر بوعيها الوطني المبكر، وتضرب في الأرض في مرحلة حرجة من تاريخ المغرب. بسيطة بعزيمة قوية، هادئة بديناميكية مشتعلة، وديعة بنظرة ذكية، حداثية بموروث ثقافي، قائدة بتوجه تشاركي، مغربية بروح وطنية ... أنيقة وفاعلة، لبقة ومتفتحة، جريئة ومثقفة .. روح شفافة وقلب كبير ... قدرة مدهشة في النقاش والإقناع، تواصل عجيب مع المجتمع مع كل فئاته ... تلك هي بعض من السمات التي تؤنث شخصية سليمة فرجي التي قررت القطع مع دونية الحريم والارتفاع إلى سمو المواطنة، سليمة التي قررت الثورة على المرأة – الموضوع لتعانق المرأة – الذات، المرأة المنتفضة على المعتاد والمألوف ... تشتعل في صمت وبنجاعة، في هدوء وبفعالية ... حالمة برجلين متجذرتين في الأرض، أرض الجهة الشرقية المعطاء ... مستعدة لتخسر كل شيء إلا كرامتها، مستعدة لتتنازل عن كل شيء إلا الصفة التي تطبعها "يزناسية" ... إنها كالنهر يعود إلى نبعه والماء إلى مصبه الطبيعي. تتميز بأنها متعددة المميزات، ولا فرق بين مميزاتها .. إنها تعترض ولا تعارض، تفعل ولا تقول، تواكب ولا تساير ... تنضبط ولا تخضع، ضمير لا يدعي الحكمة، رافضة لا تدعي الثورة، وطنية خام ومواطنة أصيلة، وفية لجدها ولوالدها المقاومين للاستعمار الفرنسي، والذين دفعا الثمن غاليا، ما يزيد عن السنتين اعتقالا .. إنها استثناء في زمن الكائنات المتناسخة ... قانعة في زمن التهافت .. لم تستثمر كفاح عائلتها للتباهي وتضخيم الذات .. مؤمنة بأن المقاومة التزام لا بطاقة، تضحيات لا غنائم، عطاء لا ريع ... أسرة مقاومة نزعت من سليمة وللأبد الإحساس بالخوف والاستسلام .. زرعت فيها الصمود والتحدي .. تنفست عبق تاريخ كفاحي فرفضت أن تكبح تمدده تضاريس نتأت في جغرافية السياسية .. انتظرت المنقذ من الالتباس والغموض فكان حزب الأصالة والمعاصرة بتميزه وتمايزه، بفاعلين مشهود لهم بالكفاءة الأكاديمية والتجربة السياسية والحنكة الإدارية، بمشروع ديمقراطي حداتي وبرؤية مستقبلية .. إنه فاتحة عهد جديد .. هنا ستجد سليمة ذاتها، فضاء يسع كينونتها ويفجر طاقاتها اللامحدودة، تصالحت سليمة مع السياسة وتصالحت السياسة مع سليمة، وبفضلها تصالحت نخبة وجدة مع الممارسة الحزبية، خصوصا النخبة الاقتصادية المواطنة التي اختارت فرجي قائدة، أمينة إقليمية للحزب، اختيار واعد .. انطلقت في عالم المحاماة بعد أن كانت طالبة مجدة في كلية الحقوق، سنة 1983 إعلان ميلاد أول محامية مسجلة بهيئة المحامين بالجهة الشرقية .. حدث نتج عنه خلخلة الوعي الجماعي والتأسيس لرؤية مغايرة تجاه المرأة. وقد أبانت الأستاذة سليمة من خلال حضورها الوازن في المحاكم ومن خلال مرافعاتها أنها حقا الأولى .. أول محامية امرأة بهيئة نقابة المحامين بالجهة الشرقية منذ تأسيسها. تضطلع بدور ريادي في مجال العمل الاجتماعي والإنساني، وتولي اهتماما كبيرا لمختلف الملفات الاجتماعية، وتعتبر في الجهة الشرقية، رائدة على مستوى الانخراط الاجتماعي والعمل لفائدة حقوق الطفل والمرأة والنهوض بها، ونشر ثقافة التضامن الإنساني. انخرطت مبكرا في رؤية حداثية يرسم حدودها الالتزام الاجتماعي والإخلاص وقيم المواطنة، والحضور على جبهة التنمية وحقوق المرأة وحماية الطفولة، من خلال العديد من المبادرات التي اتخذتها في هذال المجال. وهكذا تحملت باقتدار كبير مسؤوليات عدة، من بينها رئيسة مؤسسة لنادي ليونس وجدة "النهضة"، عضوة مؤسسة وكاتبة عامة لجمعية "فضاء الطفل" رئيسة جمعية فضاء الشباب" بحي النجادي بوجدة، رئيسة الجمعية الأندلسية للطرب الغرناطي، عضوة لجنة الدعم بإصلاحية وجدة ... ولقد استعانت الفاعلة الجمعوية بحنكة المحامية لتحصين نشاطها قانونيا ... لم يقتصر إشعاع الأستاذة سليمة على الصعيد الوطني فحسب بل شمل أيضا الساحة الدولية، وعلى الخصوص العربية منها، بحيث تم استدعاؤها إلى عدة ملتقيات دولية ... وكانت مشاركاتها مناسبة لتسويق التجربة المغربية والتعريف بالأوراش الكبرى التي يشهدها المغرب ... وقد مكنتها سفرياتها نحو بلدان كثيرة في العالم من الاحتكاك بالتجارب الجمعوية لتلك البلدان والاطلاع على مرجعياتها وأساليب اشتغالها وانتقاء ما يناسب منها العمق الثقافي والحضاري للمشروع التنموي المغربي. وفية للملكية، الشرعية والمشروعية، الشعار والمشروع .. رضعت مبادئ الوطنية والإخلاص للملكية مبكرا .. من هنا انخراطها بقوة في تنمية الجهة الشرقية، التنمية التي وضع لها صاحب الجلالة السكة التي تسير وفقها من خلال خطابه التاريخي بمدينة وجدة، وهذا يكفيها لكي تنفق من مالها الخاص من أجل تأسيس وإنجاح الفضاءات والمشاريع والجمعيات التي تنشد النهوض بالمدينة وساكنتها .. اختارت أن تبني الإنسان والمجتمع فتعالت عن بناء العمارات ... وظفت مالها، أتعاب ملفاتها في تنمية العقل والوجدان فسمت على الحديد والإسمنت .. انفاقها لمالها الخاص في خدمة وجدة يقابله حرصها الشديد بل والمبالغ فيه على المال العام، مال المؤسسات الجمعوية والحزبية التي اشتغلت أو تشتغل فيها، هذا من كنهها وجوهرها، لهذا كسبت ثقة أعيان مدينة وجدة الشرفاء، لا يبخلون، عليها بدعم، إنهم سندها في التأسيس والبناء .. إنها امرأة المرحلة بامتياز ثروتها في نزاهتها وريادتها من مصداقيتها. إن المرأة التي تستقطبها اهتمامات متنوعة الأبعاد، ينبغي أن تكون من فئة احتكت بجميع الفئات وتعاملت مع ملفات مهمة ومتعددة، وسليمة فرجي من هذه الفئة، حبها وتفانيها في عملها واسع، قدرتها على التأقلم كبيرة وحتى عندما تحس بالتعب فإنها لا تخلد للراحة ولكن تكتفي بتغريد روائع الشعر العربي الذي تحفظه إلى درجة إبهار الشاعر المبدع صلاح الوديع .. وهذا ما أكسبها طلاقة نادرة وفصاحة مفعمة، ميل نحو الفن وعشق للطرب الأصيل والنغمة الموزونة، وهذا ما حصن بعدها الوجداني من صرامة القانون ودقة المساطر. ما أنجزته ينشدها كل يوم ويذكرها، بل ويغنيها ويتصاعد في تناغم مع حياة اسمها سليمة، هي أصلا في مبناها ومعناها تشكلت ضد الصمت، ضد النفاق، ضد الذل، ضد الرتابة .. وهي طفلة، وهي تنمو، نما فيها كره الاختفاء وراء الأقنعة .. ضايقت الأصوليين والماضويين وأزعجت تجار الفتاوي وأدعياء الطهارة .. سقط القناع عن القناع .. الكشف هو الفيصل بين خسة الملثمين ورفعة سليمة.