تستمر الثورات العربية معلنة نهاية عصر الديكتاتورية والحكم الفردي في كل ارجاء العالم العربي ، فقد افتتح الشاب التونسي الشهيد البوعزيزي بداية الثورة التونسية التي لم تنته بعد ، اذ لايزال الشعب التونسي يكابد ويناضل من اجل تطهير البلاد من بقايا النظام البائد ورغم استمرار مجموعة من الوجوه السياسية المعروفة بقمعها للحريات العامة وفسادها المالي في احتلال مواقع المسؤولية في تونس الا ان اصرار الشباب التونسي على التغيير الديموقراطي ، وحرصه الشديد على اتمام مسيرته الديموقراطية التي اعطى من اجلها دماء شهدائه الابرار سيجعل تونس منارة ديموقراطية في المنطقة المغاربية وسيكون من المستحيل عودة الديكتاتورية اليها اما الشعب المصري فهومثله مثل الشعب التونسي مايزال يناضل من اجل نظام ديموقراطي حقيقي وعودة سريعة للجيش الى الثكنات ليفسح المجال للسياسيين المصريين لتقرير مصير بلادهم السياسي بكل حرية ونزاهة ومصداقية الا ان التخوف الاسرائلي والامريكي من صعود التيار الاسلامي ووصوله الى سدة الحكم بمصر قد تجعل البلاد مفتوحة على صراعات سياسية مستقبلية قد تؤخر كثيرا التطور الديموقراطي في مصر لكن على كل حال يبقى الشعب المصري واعي جدا ومتتبع بقوة للمسيرة السياسية لبلاده ونضاله هو الضمانة الحقيقية لتحقيق الثورة كل اهدافها وسيواجه أي مسعى لاحتواء او الالتفاف على مطالب الثورة ، على نفس المنوال النضالي البطولي دحر الشعب الليبي الديكتاتور معمر القذافي وازلامه ، وطوى التاريخ المعاصر صفحة مظلمة في تاريخ الانسانية ، فترة حكم الطاغية معمر القذافي الذي حكم ليبيا بقوة الحديد والنار وعاث في ارضها فسادا ونهبا هو وعائلته ومخابراته ، لكن ارادة الشعب الليبي وتضحيات ابنائه ودعم المجتمع الدولي كانت حاسمة ، فلولا تدخل حلف شمال الاطلسي بقيادة فرنسا التي_ بالمناسبة لا بد ان تشكر على ذلك_ لكان نظام الطاغية القذافي قد سحق مدينة بنغازي وجعلها حطاما واطلالا قبيل تدخل الناتو في ليبيا وقصفه لمواقع كتائب القذافي على مشارف مدينة بنغازي في يوم 19 مارس 2011ولكن الضغط الفرنسي وشجاعة ساركوزي والتي اعترف له بذلك حتى الذ معارضيه في الداخل الفرنسي أي الحزب الاشتراكي وزعيمته التي قالت بأن ساركوزي تدخل في ليبيا في الوقت المناسب واصرار المجتمع الدولي وسواعد الشعب الليبي استطاعت ان تحرر الشعب الليبي من جحيم نظام دموي قتل الشعب الليبي لمدة 42 سنة واخر تقدم البلاد وتطورها رغم ثرواتها الطبيعية الهائلة ورغم قلة عدد سكانها، فتحية الى الشعب الليبي البطل الذي نتمنى له كامل الاستقرار والرفاهية وان يعيد ليبيا الى المحافل الدولية كدولة مدنية ديموقراطية متشبعة بحقوق الانسان والشعوب، الشعب الليبي وقيادته الجديدة مطالبة بتطوير البلاد تنمويا واقتصاديا وكذا بتطوير علاقاتها المغاربية والعربية والدولية وطي صفحة الخصومات والقضايا المفتعلة التي كان نظام القذافي يفتعلها لحشد التأييد الدولي ، كما ان القيادة الجديدة مطالبة بفك كل العلاقات المشبوهة التي كان القذافي يربطها مع مجموعة من التنظيمات الارهابية في العالمية وان تكشف للعالم اجمع تفاصيل العمليات والجرائم التي قام بها القذافي في حق مجموعة من الشعوب ، فنظام الطاغية كما هو معروف ساند الجيش الجمهوري الايرلندي وحركة ايتا الباسكية وحركة بوكو حرام وجبهة البوليزاريو وكلها تنظيمات ارهابية قامت بمجموعة من الجرائم في حق الابرياء في العالم ، فمساندة الغرب للمجلس الوطني الانتقالي الليبي واحتضانه للمعارضة الليبية سنوات طويلة يتوجب اخلاقيا وسياسيا ان يرد له الشعب الليبي الجميل ، عبر اعطائه الاولوية في الصفقات الاقتصادية واعادة الاعمار والتي كان النظام السابق يعطيها للصين وروسيا وفنزويلا وهي من الدول الاكثر معاداة اليوم لتحرر الشعوب وكلنا نعرف موقفها اليومي من الجرائم التي يرتكبها النظام الرسمي العربي ضد شعوبه حيث تبقى دائما العقبة الكبيرة في مجلس الامن لاستصدار قرارات تحمل الشعوب من التقتيل والقمع والتكيل ، اما فيما يتعلق بالدول العربية فلا يمكن الا ان تشكر دولة قطر واعلامها المتميز بقيادة قناة الجزيرة ودولة الامارات على مواقفها التاريخية في محاربة نظام الطاغية معمر القذافي منذ البداية وساندت الثورة الليبية بالمال والسلاح والدعم الاعلامي والديبلوماسي ، فالشعب الليبي مدين لهم بذلك لا شك ونفس الشئ ينطبق على المغرب الذي احتضن بعض فصائل المعارضة الليبية وساهم في الخفاء في دعم نضال الشعب الليبي رغم ان الاعتراف الديبلوماسي بالمجلس الانتقالي جاء متأخرا الا ان الشعب المغربي يستحق من الاشقاء الليبيين رد الجميل وذلك اولا بقطع اية علاقة مع جبهة البوليزاريو والعمل الجدي من اجل بناء اتحاد مغاربي حقيقي فاعل ومندمج اقتصاديا وسياسيا وماليا ولن يكون ذلك بطبيعة الحال الا بتغيير النظام الجزائري لمنهجيته السياسية المتبعة حاليا والتي تتسم بمعاداته لحقوق المغرب في سيادته الترابية ، فلا عجب اذا ان نجد النظام الجزائري يعادي الثورة الليبية ويشترط على المجلس الوطني الانتقالي محاربة القاعدة كشرط لاعترافه به ، والحقيقة ان النظام الجزائري ساهم بمرتزقة وسلاح وعتاد الى جانب القذافي خوفا من انتقال الوهج الثوري الى الجزائر ، ولكن الشعب الجزائري لا شك انه مدرك جيدا ان نظامه السياسي الحالي لا يمكن ان يستمر بهذا المنطق السياسي البائد المبني على افتعال الازمات الخارجية مع الجيران اولا ومع مجموعة من الدول الاخرى ، اذ قريبا سيعلن الشعب الجزائري عن ثورته هو كذلك ضد الاستبداد والعسكرتارية المسيطرة على مقدرات الشعب الجزائري. كل هذه الثورات المستمرة والناجحة تعطي املا كبيرا لنا جميعا بانتصار الثورة السورية وانتهاء عهد بشار الاسد الذي قتل من السوريين ما لم تقتله اسرائيل في حربها في غزة ، والشعب السوري قادر بمثقفيه الكبار ومناضليه الشرفاء في الداخل والخارج قادر على الانتصار على النظام السوري الدموي الذي اتخذ من قضية فلسطين ومن القومية العربية مبررا لذبح الشعب السوري وانتهاك المحرمات والمقدسات في احداث تعيدنا الى تاريخ التتار والمغول وجرائمهم ضد بغداد والمنطقة ،لكن في راي المتواضع لابد ان يستعين المناضلون السوريون بالمنظمات الدولية وبمجلس الامن والمجتمع الدولي لمحاصرة نظام بشار الاسد ، لان التعويل فقط على الداخل ومع شراسة النظام ومداهمته المستمرة للاحياء السكنية قد تجعل فاتورة الحرية ثقيلة جدا ، فمن الذي يمنع المناضلين السوريين من المطالبة بحماية دولية ؟؟ فالنظام السوري يستعين بالخارج وخاصة ايران كما يستعين بحزب الله وقد يستعين سرا باسرائيل ، فنظام بشار الاسد للمناسبة احسن بالنسبة لإسرائيل من أي نظام ديموقراطي جديد محتمل بسوريا ، اذ ينوب عنها ويحمل حتى عنها التكاليف في قتل الشعب السوري وفي تحجيم قوى المقاومة الفلسطينية وجانبه مأمون الجانب اذ لم يسبق له ان استعمل رصاصة واحدة ضد اسرائيل ، فلماذا لا تقبل اسرائيل وتدافع عنه في السر وكل هذه المواصفات متوفرة فيه . ان انتصار الشعبين السوري واليمني رهينيين بكسب معركة الداخل أي باقناع الشعوب للانخراط فيها ولكن مرهونة اكثر بكسب الرأي العام الدولي الذي من شأنه ان يقلب الموازين لصالح الشعوب المضطهدة ، اما التبجح بالاستقلال والسيادة فلن يعطي لهذه الشعوب سوى المزيد من الشهداء والمعتقلين والجرحى وسيرفع فاتورة التغيير ، هذه قناعة لاشك ان الكثيرين من الخيرين في بلداننا لن يتفق معها لكن للاسف الشديد انها ربما هي الصحيحة فاعطى ثمارها على الاقل في بلدين مهمين العراق وليبيا وقضت على نظامين ديكتاتوريين هناك. ولكن يبقى للشعوب حق تقرير مصيرها بالطريقة التي تراها والمهم في كل ذلك هو استرداد الشعوب لحقوقها وبناء انظمة ديموقراطية تنقلنا من مرحلة الظلم والظلام الى مرحلة التطور والنماء. باحث في شؤون التنمية والديموقراطية