السعيدية... قيمة سياحية عالمية وتدبير محلي مرتجل على بعد 58 كلم من وجدة و17 كلم من بركان، وغير بعيد عن الحدود المغربية الجزائرية، تقع السعيدية ، المدينة التي شدت اليها انظار عدد هائل من السياح والمستثمرين مغاربة واجانب، وأضحت، في وقت وجيز، تشكل أحد أهم المنتجعات السياحية والاستثمارية العالمية، كما ظلت، بالمقابل، موضوع نقاشات ساخنة داخل المجتمع المدني لاسيما بعد إنجاز المحطة السياحية « فاديسا» التي خلقت تحولات جوهرية، ليست في البنية السياحية بالمدينة والمنطقة الشرقية فحسب، بل في ما نتج عنها ايضا من إساءة لمكونات طبيعية وإيكولوجية واجتماعية حركت حفيظة عدد كبير من الجمعيات المحلية والوطنية والدولية التي احتجت، بطرق متعددة، على ما أقدمت عليه من تخريب وتدمير للطبيعة والانسان على السواء، مشيدة على أنقاض ذلك ما وصف بأنه «سياحة متوحشة»، الا انه وبالرغم من هذا، فإن شاطئ السعيدية ظل يغري كل سنة أعدادا هائلة من السياح الى درجة انه بات يخفي وجها آخر لمدينة تتعرض باستمرار، وبشتى الوسائل ، لكل انواع النهب والترامي على الملك العام ، الى جانب غرقها في كل مظاهر الفوضى والتسيب ، وذلك نتيجة للأساليب الارتجالية التي اتصفت بها المجالس البلدية ، ويكفي مثالا ما رصده التقرير الأخير للمجلس الاعلى للحسابات من اختلالات شابت مجموعة من جوانب تدبير الشأن الجماعي بالبلدية، والتي منها ، على الخصوص، ماله علاقة بالوضعية المالية ، حيث تبين ان الجماعة لاتتمتع الا بشكل محدود باستقلالها المالي مما يجعلها تعتمد على حصة من الضريبة على القيمة المضافة التي تمثل حوالي 37 في المائة من مجموع موارد الجماعة، هذا في الوقت الذي تستهلك فيه نفقات الموظفين ما يزيد عن 64 في المائة من مجموع النفقات في ظل ضعف المجهود الاستثماري للجماعة، إذ أن نفقات الاستثمار لاتمثل الا 5 في المائة من مجموع نفقاتها، مما يجعل الوضعية المالية بهذه المواصفات لا تمكن الجماعة من الاستجابة لمختلف المتطلبات والإكراهات الجديدة التي تفرضها ما عرفته المدينة من تحولات خلال السنوات الاخيرة ، مما جعل منها مدينة لم ترق بنيتها التحتية بعد الى مصاف المدن السياحية، إذ مازالت تشكو من غياب مرافق مهمة كالمحطة الطرقية والسوق النموذجي والملاعب الرياضية وقاعات الانشطة الفنية ، بالاضافة الى غياب تدبير محكم لمواقف السيارات و تنظيم المقاهي والمطاعم وغير ذلك ...