رئيس الجمعية المتوسطية للسياحة بالريف السياق العام: عرف المغرب خلال السنين الأخيرة العديد من المناظرات التي أثمرت العديد من المخططات السياحية وذلك منذ ما يزيد عن خمسة عقود من التفكير والعمل واللقاءات التي كان أول همها هو كيفية تطوير القطاع السياحي بالمغرب والعمل بشكل مستمر من أجل الرفع من عدد السياح ومن أهمية الاقتصاد السياحي الذي أصبح مطلبا ذو أولوية بالغة في السياسات العمومية، وكمثال على أهمية المخططات السياحية التي انخرط فيها المغرب منذ الاستقلال نشير إلى أن بداية اهتمامه بهذا النوع من العمل قد ابتدأ مع أول مخطط سياحي للمغرب الذي امتد من سنة 1965 إلى سنة 1967 تلتها العديد من المخططات التي أودت كلها إلى إنشاء مرسوم 13 يونيو 1990 بشأن تنظيم وزارة السياحة التي أنيط بها هيكلة وتنظيم هذا القطاع الحيوي الذي سارع إلى بناء مؤسسات الإيواء السياحية بالمناطق النائية إلا أن هذا القرار لم يشمل كل مناطق المغرب علاوة على ضعف الأغلفة المالية التي تم رصدها في هذا المجال وعدم إبراز كافة الثروات والمؤهلات الطبيعية والتاريخية والسياحية التي تزخر بها مختلف جهات المغرب وهو ما لم يعمل على تطوير المجال السياحي كما حد من إمكانيته العمل بشكل طلائعي على احتواء بعض من الصعوبات الاقتصادية والتنموية التي تعرفها بلادنا. التنمية السياحية بمنطقة الحسيمة وسياسة المخططات: واقع وممكنات... تم اختيار العديد من المناطق بالمغرب كوجهات ذات قيمة سياحية وطبيعية شملت ضفة المحيط غربا المتشكلة أساسا من أكادير، وضفة المتوسط التي تضم كل من الحسيمة وتطوان وطنجة، بالإضافة إلى ما يسمى بالسياحة الأثرية بمدن فاس، مكناس وباقي المدن التاريخية كمراكش، والراشيدية وورزازات المعروفة بتراثها التراثي والتاريخي، وعلى هذا الأساس فقد اهتمت الدولة ومنذ سنة 1961 بمنطقة الريف نظرا لما تتوفر عليه من شواطئ بحرية خلابة وانسجاما مع سياسة البحر التي اعتمدها أحمد العلوي وزير السياحة آنذاك عبر استغلال المنطقة لبناء وحدات فندقية لعبت دورا كبيرا على استقبال أعداد السياح الكثيرة من الأجانب التي كانت تفد على المنطقة منها على الخصوص بناء فندق محمد الخامس، مركب كيمادو، فندق تدغين بكتامة ونادي البحر الأبيض المتوسط، علاوة على تطوير وبناء باقي المنشآت ذات العلاقة بالقطاع السياحي والمتعلقة أساسا ببناء مطار الشريف الإدريسي سنة 1963 وكل من مخيم كلايريس وكلابونيطا، وقد تم استغلال هذه الوحدات السياحية من طرف مؤسسات وطنية ودولية وعرفت تلك الفترة ذروة النشاط السياحي بمدينة الحسيمة ونواحيها، وسجلت المدينة احتكاكا حقيقيا مع هذا النشاط التي أولت له الدولة عناية بالغة من خلال فتح المحلات المتخصصة في بيع المنتوجات التقليدية بأهم شوارع مدينة الحسيمة علاوة على العديد من أنواع التجارة التي كانت مزدهرة ومرتبطة بالنشاط السياحي حيث كان هذا النشاط يشغل العديد من اليد العاملة النشيطة والمتخصصة كما كان يدر أموالا طائلة على الجماعات المحلية والدولة، وهو ما يمكن اعتباره في تلك الفترة بمثابة العصب الاقتصادي بالنسبة للمنطقة في تلك الفترة والغريب في الأمر أن ذلك الواقع أصبح في الوقت الراهن ضرب من الخيال أو بالأحرى من قبيل الأسطورة، فالبرغم من مجهودات الدولة والأهمية التي توليها للقطاع فإنها أخفقت في الحفاظ على وتيرة النمو السياحي بالريف حيث تراجع بشكل كبير بفعل صرف الاهتمام بالسياحة نحو جهات أخرى أكاديرومراكش....وهو ماتسبب في إغلاق العديد من الوحدات السياحية، كما جمدت النمو السياحي بسبب تخلف وتواضع المتوفر من وحدات الاستقبال، ويعاب على المشاريع التي تم إنشاءها مؤخرا عدم اهتمامها وتقيدها بالقوانين البيئية علاوة على تبخيسها للذاكرة الجماعية والتاريخية للمنطقة عبر تجاوز المؤثرات التاريخية وتغييب دورها الفعال في خلق سياحة بديلة ومستدامة بالمنطقة. آفاق النشاط السياحي بالمنطقة من خلال البرامج السياحية الرسمية: سيهتم هذا المحور على تسليط الضوء على حركية السياسة السياحية التي عرفها المغرب ما بين سنة 2001 إلى غاية 2010، وذلك من خلال الإحصائيات والمعطيات التي قامت الدولة بتحصيلها بغية النهوض بالقطاع السياحي ومحاولة تحديد المرحلة السابقة من النشاط السياحي من خلال القطع مع السياسات التقليدية والعمل الجاد من أجل خلق مشاريع طموحة للنهوض بالقطاع، وتضمنت هذه السياسة أهداف طموحة من بينها إحداث مجموعة من المخططات الشاطئية و إعادة هيكلة المحطات الشاطئية القديمة ، و دعم الوجهات الثقافية لجلب 10 مليون سائح و حوالي 500 مليار درهم من العملة الصعبة في أفق سنة 2010،و ركزت رؤية 2010 على مشاريع ترمي إلى إحداث محطات شاطئية على طول الشواطئ المتوسطية شمالا(محور السعيدية (، وعلى شواطئ المحيط غربا و جنوبا ، و التزمت السلطات العمومية بتوفير تجهيزاتها الضرورية هذا بالإضافة إلى دعم المناطق الثقافية بالمدن التاريخية المعروفة و إحداث منتجعات سياحية أخرى قروية و محلية ، و هذا هو جديد ما جاءت به رؤية 2010 من محاور كبرى خلال المدة الممتدة بين 2001 إلى 2010 ، إلا أن النتائج كانت جد متواضعة ، حيث لم يتم التركيز على المناطق الشمالية بالريف رغم مؤهلاتها الطبيعية والثقافية التي من المفروض كذلك أن تحتضن محطات شاطئية و تجهيزات أساسية من أجل منافسة مثيلاتها بدول الضفة المقابلة من بحر المتوسط ، وتشجيع إقبال المستثمرين و المنعشيين السياحيين و بائعي الأسفار على هذه بالمنطقة . هل فعلا تحققت المشاريع السياحية بمنطقة الحسيمة أم ظلت حبيسة المصالح الضيقة للوزراء: أبرز المنظمون للمناظرة الوطنية للسياحة بمراكش حصيلة الانجازات التي تم تحقيقها على مستوى القطاع السياحي خلال عشر سنوات ( 2001/2010) على أن المغرب حقق قفزة مهمة خلال العشر سنوات الأخيرة و ذلك بفضل الإستراتيجية التنموية الطموحة لرؤية " 2010 " التي انطلقت في يناير 2001 بمراكش تحت الرئاسة الفعلية للملك محمد السادس، وأوضح الشريط أنه من المرتقب أن تصل مداخيل السياحة التي تعد ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني ، إلى حوالي 60 مليار درهم في متم 2010 ، كما سيصل عدد السياح إلى حوالي 9،3 مليون سائح ، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بإنجاز متميز لاسيما وأن هذا سيحقق في ظرفية عالمية مطبوعة بالأزمة، حيث أن أزيد من 90 في المائة من الهدف الأصلي الطموح المتمثل في استقبال 10 مليون سائح. كما أن هذه النتائج الجيدة ستتحقق بفعل النتائج الجيدة للأوراش المهيكلة المفتوحة خاصة المخطط الأزرق ، ومخطط مدائن ، ووضع إستراتجية واضحة للسياحة القروية والسياحات ذات الطابع المحلي ، فضلا عن تطوير النقل الجوي وتوسيع مطار الشريف الادريسي، واعتماد سياسة أكثر فعالية ومدعومة من الدولة للإنعاش السياحي ، والتكوين المستمر ، وإعادة التنظيم المؤسساتي على غرار ما جاء في حصيلة الإنجازات للعشرية الماضية لرؤية 2010،و يبدو من خلال ما تم تقديمه و تقييمه من انجازات في إطار رؤية 2010 فقد حققت أهدافها المتوخاة إلا أنها لم تكن أهدافا تنموية وسياحية بل على العكس من ذلك تماما فقد حققت العشرية الماضية أهداف الوزارء والمنتفعين من الريع السياحي من أمثال: فتح الله ولعلو – عادل الديوري – محمد بوسعيد – ياسر أزناكي هؤلاء أسهبوا فعلا في وضع وتحقيق تصوراتهم ومصالحهم الخاصة . تعدد الرؤى السياحية ودار لقمان لازالت على حالها: أما رؤية 2020 فيطمح خلالها المغرب إلى فرض نفسه في غضون السنوات العشر المقبلة كإحدى الواجهات السياحية ال 20 الأكبر في العالم ، وهو الذي يصنف في الوقت الحالي ضمن الوجهات ال 25. وتهدف رؤية 2020 كذلك إلى جعل المغرب وجهة سياحية مرجعية في مجال التنمية المستدامة في المنطقة المتوسطية، كما تستند الإستراتيجية الجديدة لرؤية 2020 على 3 محاور أساسية هي المقاربة المبتكرة للسياحة المستدامة المبنية على منتوجات الجيل الجديد وتدبير مستديم للأنظمة الإيكولوجية و مشاركة السكان في تنمية الخيرات الناتجة عن السياحة، وبناء على هذه المقاربة سيتم إبراز 6 وجهات سياحية مغربية جديدة من الطراز العالمي تنضاف إلى قطبي مراكشوأكادير، والتي من بينها مشروع كلايرس الذي سيدرج لأول مرة ضمن الواجهات السياحية الستة "مخطط الأزرق" ، ويراد من خلال الرؤية الجديدة الحفاظ على المرتبة الثانية التي يحتلها القطاع السياحي ضمن الاقتصاد الوطني ، بخلق 470 ألف منصب شغل مباشر ليصبح عدد العاملين في القطاع بحلول 2020 مايقارب المليون مغربي. وتم التوقيع على ثمان اتفاقيات لها صلة وثيقة بالمحاور الكبرى والاختيارات الجديدة ، وهو ما أسفرت عنه المناظرة السياحية الأخيرة المنعقدة بمراكش، وعلى ضوء ما أشرت إليه أعلاه من محاور كبرى نجد الجديد في هذه الرؤية في إطار العشرية القادمة هو: . - إحداث مؤسسة للمهرجانات التقليدية . - إنشاء الصندوق المغربي للتنمية السياحي - إنشاء الهيئة العليا للسياحة وتضم القطاعين العام والخاص والجهات تتولى مهمة قيادة ومتابعة ورصد وتقييم الإستراتيجية وضمان التنسيق والتحكيم . . - إحداث مركز للبحث والتنمية السياحية المستدامة - إنشاء وكالات للتنمية السياحية جهويا، حيث ستصبح المجالس الجهوية للسياحة والمجالس الإقليمية للسياحة أعضاء مؤسسين ، وأطرافا فاعلة ومسؤولة عن الحكامة بهذه الوكالات التي ستناط بها مهمة تطوير الجاذبية والتنافسية السياحية للمناطق. لكن جهة الحسيمةتازة تونات كرسيف لم تتوفر بعد على هذه المجالس السياحية المنتخبة. آفاق التنمية السياحية بإقليم الحسيمة: بالنظر إلى التحليل العام للمخططات و المناظرات حول السياحة بالمغرب ، يظهر أن سيرورة فك العزلة الاقتصادية و الاجتماعية لهذه المنطقة من البحر الأبيض المتوسط ، لابد أن يمر عبر نظرة شمولية و متعددة للقطاعات حيث يكون قطاع السياحة هو قاطرة التنمية بالمنطقة ، معززة في ذلك بإنعاش و إعادة الاعتبار لكل المؤهلات و الأنشطة المختلفة التي يزخر بها هذا المجال ، وفي أفق تحقيق تنمية مستدامة وجب استغلال أمثل لهذه للإمكانيات السياحية التي تتوفر عليها المنطقة ، لكون هذا الأخيرة تنفرد بمنتوج سياحي متكامل يجمع بين العرض السياحي الساحلي من جهة و المجال القروي من جهة ثانية، وعلى اعتبار أن السياحة هي أهم قطاع يدور حولها اقتصاد المنطقة مما يفرض توفير سبل إنعاشها و تنميتها لكي تلعب دورها في تنمية الريف و تشغيل اليد العاملة والتخفيف من الهجرة ، فللقطاع السياحي أفاق و إعادة في تأهيل و تنمية بعض القطاعات. * تنمية قطاع الصناعة التقليدية الذي يشغل حوالي 10000 صانع و صانعة ، خاصة بالعالم القروي: تاغزويت، إدادوشن، الرواضي... بحيث تشكل دعامة مهمة للقطاع السياحي، مما يتطلب تطويرها، خاصة و أن منتجاتها موجهة أساسا للاستهلاك السياحي . * تطوير قطاع الصيد البحري باعتبار منطقة الحسيمة تنفتح على واجهة البحر الأبيض المتوسط من خلال ساحل يبلغ طوله 72 كلم مجهز بميناءين هامين للصيد الساحلي ( ميناء الحسيمة و كلايرس ) ، و تجدر الإشارة إلى أن منطقة الحسيمة تشتهر بأسماك ذات جودة عالية ، خاصة سمك السردين الذي يحتل مكانة مهمة في ثقافة المائدة عند ساكنة المنطقة ، وهو ما يجعل الإقبال عليه كبيرا خاصة في فصل الصيف وبمجموعة من المراكز السياحية بالمنطقة، وهو ما يستوجب التفكير تثمين هذا المنتوج البحري لكي تعطى له أهمية خاصة مع تزايد الاحتفاء به في بعض الشواطئ مع مطلع كل موسم صيف. * الإسراع بتنمية القطاع الفلاحي بحيث يجب التفكير جديا في النهوض بالقطاع وتحدي الصعاب خاصة وأن السياحة ستعمل على تعميق الأزمة نظرا للحاجيات المائية التي تتطلبها المؤسسات السياحية خصوصا أثناء فصل الصيف حيث يرتفع مستوى استهلاك المياه خلال الفترة المعنية . وعليه فإن التهيئة السياحية للساحل بالخصوص ستساهم في التوسع العمراني على حساب الأراضي الفلاحية ، الشئ الذي يحصل في سهل غيس-النكورأو بالأحرى بشريط أجدير بني بوعياش وأيضا ستطرح التنمية السياحية للحسيمة قضية زيادة الطلب على الموارد المائية الشيء الذي يتطلب وضع إستراتيجية ناجعة لتعبئة الموارد المائية اللازمة وضمان استدامتها خاصة وأنها تتميز بمحدوديتها ولذا وجب إعادة النظر في السياسة المائية في ظل التنافسية القائمة بين قطاعي السياحة والفلاحة لضمان تنمية مستدامة للقطاعين معا، وهو ما يحتم التفكير في إنشاء مشاريع بهذا الخصوص كتهيئة الأحواض المائية والإسراع في بناء سد على واد غيس، وحماية الثورة الطبيعية عموما والتنمية الفلاحية المستدامة بالمنطقة. * ضرورة إدماج إخواننا في المهجر في رؤية التنمية السياحية لمنطقة الحسيمة وكذا في المخططات الجهوية والجماعية بحيث أن حوالي 50 في المائة من المداخل المسجلة في قطاع السياحة يساهم فيها إخواننا بالمهجر خلال حلولهم صيفا بالمنطقة. ما دام العرض السياحي المنتظر يستجيب في أحد أركانه لأحد المتطلبات الملحة للأجيال الجديدة من الجالية المقيمة بالخارج والمتمثلة في رغبتهم الأكيدة التعرف على تاريخ وثقافة منطقتهم ، لأن الحسيمة تتوفر على عدد مهم من المهاجرين بالخارج من مختلف الأجيال في عدد من الدول الأوربية ( حوالي 125 ألف مهاجر) ، ويزور أغلبهم المغرب خلال شهري يوليوز وغشت لقضاء عطلتهم السنوية بمناطقهم الأصلية، وذلك من أجل أن يلعب هؤلاء بالخارج دورا أساسيا في إنعاش وتنمية القطاع السياحي بالمنطقة، وعلى الرغم من ضعف استثمارات إخواننا بالخارج في مجال هذا القطاع، فإنهم يساهمون بشكل مباشر وغير مباشر في إنعاش الدورة السياحية خلال فصل الصيف ، ومن جهة أخرى ضرورة تشجيع أبناء المنطقة العاملين بالمدن المغربية الأخرى على قضاء عطلهم بالمنطقة وإنعاش التنمية السياحية الداخلية وتسهيل تنقلهم بتوفير مختلف الوسائل الجوية البحرية والبرية. * الرفع من مستوى تكوين الموارد البشرية في ميدان السياحة والفندقة كرهان للنهوض بهذا القطاع الحيوي حيث أن المنطقة ستعرف تطورا مهما في التنمية السياحية في أفق 2015 / 2020 خصوصا في ما يتعلق بالبنية الفندقية وتوسيع النشاط الاقتصادي للمنطقة التي تعاني نقصا في الموارد البشرية والخصاص الذي بات يشكو منه القطاع السياحي في الجانب المتعلق بالموارد البشرية المختصة في الميدان الفندقي. حيث جل الأفواج المتخرجة من مدرسة الفندقة منذ سنة 2007 إلى يومنا هذا يظل مستواها متواضع خصوصا في مواد اللغات ، وهذا راجع إلى مستوى الأساتذة المكونين الذي لا يتعدى مستواهم الدراسي الباكلوريا وسنتين في الفندقة زائد التجربة وهو ما يطرح إعادة النظر في طريقة إدماج وتوظيف أساتذة لهم دراية عالية في هذا الميدان والتركيز كذلك على اللغات أولا قبل التداريب في الطبخ أو المطعمة أو شعب أخرى مع إعطاء الأولوية لأبناء المنطقة خاصة مع المنافسة الدولية التي أصبح يعاني منها قطاعنا السياحي لاسيما من طرف دول الجوار. * يجب ضرورة حل المشاكل البيئية المطروحة على التنمية السياحية الجهوية، تلك المرتيطة بالأنشطة البشرية (التعمير غير المراقب، تناقص الغطاء الغابوي، الرعي الجائر، تلوث الساحل، التلوث الفلاحي، الاستغلال المفرط للموارد البحرية... )أو المشاريع السياحية أو غير السياحية التي تدمر الأوساط البيئية نموذج غابة السواني، ميرادور، والمجال الغابوي بكتامة...، فالبيئة هي رأسمال السياحة في التنمية الجهوية. وفي إطار المخطط الشامل للتنمية السياحية لمنطقة الحسيمة في أفق 2015 يهم البرنامج الشمولي للتنمية الساحلية للحسيمة تهيئة منطقة سياحية شاطئية من الجيل الجديد على مستوى كلايريس السياحي ، والنهوض بمختلف مجالات قطاع السياحة ودعم المنتوج الشاطئي الحالي عن طريق إحداث حوالي 10000 سريرا بكل من مركب كيمادو ، السواني وكلايريس ، ويهم كذلك المنتوجات السياحية ذات الخاصية المحلية ، بتثمين المؤهلات الطبيعية والثقافية للمناطق المجاورة بخلق فضاء الاستقبال السياحي ، و 8 مآوي قروية...، وكان يجب أيضا العمل على دعم السياحة القروية ليس فقط بإنشاء مآوي أو فضاءات للاستقبال السياحي، بل إدماج المعطيات السياحية الطبيعية والثقافية والاقتصادية المحلية بمختلف القرى في عمليات الإنتاج السياحي بواسطة فك عزلتها وتوفير الطرق والمسالك والماء الصالح للشرب والكهرباء والخدمات الصحية بها ، وإحداث منتزهات ومحميات وإبراز الخصوصيات الثقافية والاجتماعية للواجهة السياحية وتحقيق التنمية المستدامة التي تعزز الاستقرار. وفي الوقت الذي تتوفر فيه المنطقة على مؤهلات سياحية كثيرة في مدنها وضواحيها ، فإن جل المشاريع والمخططات التنموية الجهوية ، و ما جاءت به رؤية الحسيمة 2015 تكتفي جلها بالحديث عن الساحل والمدينة ، دون أن تدمج المراكز الأخرى المكونة للمنطقة ، وهذا راجع لغياب إشراك الفعاليات المدنية المتخصصة في مجال تدبير الشأن المحلي من خلال المخططات الجماعية والجهوية للتنمية ، والتي ترتكز أساسا على مقاربة النوع الاجتماعي والمقاربة التشاركية حسب ما جاء في المادة 36 من الميثاق الجماعي في إطار الدينامية الجديدة التي يعرفها المغرب. فالمشروع الإعداد السياحي لمنطقة الحسيمة شكل تحولا جوهريا في السياحة المغربية منذ الزيارات الملكية المتكرر للمنطقة، وفرصة لتقييم الموارد والإمكانيات المحلية عبر وضع هيكل جهوي قادر على تحقيق تنمية شاملة ومردودية مثلى للمشاريع السياحية إلا أنه أثناء محاولة تحديد مدى نجاح أو فشل هذه السياحة ، اصطدمنا بالنقص الحاصل في الإحصائيات وعدم دقتها أحيانا ، مما صعب معه بلوغ تقييم كمي وكيفي في هذا الميدان ، ومع ذلك سنقف على ملامسة بعض الانعكاسات الاجتماعية والاقتصادية والمجالية للسياحة بالمجال المدروس في أفق تحديد دور الأنشطة السياحية في التنمية المحلية. أهمية السياحة في تنشيط الاقتصاد المحلي : وقصد التمكن من تقييم دور السياحة في دينامية المجتمع والاقتصاد ، سنقف على تقدير نصيب اليد العاملة في قطاع الإيواء وفي قطاعات اقتصادية مرتبطة به ( تجارة ، خدمات ، حرف...) من جهة ثم دور المنعشين في هذه الحركية من جهة ثانية: طبيعة الأنشطة: - الفندقة : حوالي 750 عامل و عاملة (فنادق مصنفة وغير مصنفة والمآوي( - التجارة والخدمات : حوالي 1540 عامل وعاملة) مقاهي ومطاعم ، بازارات ، وكالة الأسفار والنقل السياحي) - الحرف: حوالي 10000 من خلال هذا المؤشر الرقمي في ميدان التشغيل لا يمكن تلبية و تقديم خدمات في مستوى المطلوب.... المجالات وكيفية تدبيرها فرصة لتطوير السياحة بالمنطقة: تكتسي الانعكاسات المجالية للأنشطة السياحية أهمية قصوى في توسيع المجال المبني وتغير المشهد ، ومن حيث نمو المنشآت السياحية والتجارية فإنها تشكل عنصرا من العناصر الرئيسية في تنظيم المجال من خلال إعداد خريطة المناطق المؤهلة للتعمير وضبط حركيته على امتداد الساحل ودراسة معالم الهندسة المعمارية المحلية ، ولتوضيح هذه الفكرة سنركز على تناول بعض التجمعات الحضرية في التوسع العمراني تفك النسيج التقليدي نموذج (بلدية أجدير) باعتباره يعكس مدى توجيه الأنشطة السياحية ، و خليج الحسيمة كل من كيمادو، كلابونيطا ، مطاديرو وأبولاي التي تعرف انتشار السكن غير المنظم، ضعف التجهيز ، التشتت المجالي ، علاوة على المشاكل المرتبطة بالتدبير الحضري باعتباره يجسد أسلوبا جديدا في استغلال المجال. امكانيات النهوض بالقطاع السياحي بالمنطقة في أفق 2015: أصبحت الدولة واعية بأهمية القطاع السياحي ودوره المحوري والتنموي في اقتصاد المنطقة، لذا فقد سارعت إلى تدشين العديد من المشاريع المستقبلية مثل إحداث قطب سياحي كبير بشاطئ كيمادو الذي يوجد في طور الإنجاز وسيتم إنهاء الشطر الأول منه خلال صيف سنة 2011، باستثمار مالي وصل حجمه إلى 500 مليون درهم ، كما أن هذا المشروع الضخم سيوفر مناصب شغل بالإقليم تتراوح بين 200 و 250 منصب ، عند الانتهاء من الأشغال التي ستستغرق ثلاث سنوات ، و سيتم إنجاز هذا المشروع بطابع هندسي معماري أصيل يراعي الموروث الثقافي للمنطقة ، كما يشكل هذا الفضاء السياحي أهمية بالغة لدى الساكنة التي تعتبر هذا المركب جزء من الذاكرة السياحية للمنطقة، ويضم مشروع كيمادو مجموعة من المرافق أهمها فنادق جديدة مصنفة من 4 نجوم و 19 فيلات "شاليهات" صغيرة وشقة فندقية مستقلة وقاعات للحفلات ومحلات تجارية ونادي بحري ومستودع للسيارات وقاعات للألعاب والترفيه ، ومسابح وملاعب رياضية ومطاعم وفضاءات خضراء ، ويصل مجموع الطاقة الإستعابية للمركب إلى حوالي 600 سرير. وعلى ذكر مركب كيمادو لا بد للإشارة إلى مؤسسة ومعلمة فندق محمد الخامس الذي شيد سنة 1961 من طرف صندوق الإيداع والتدبير، وكان مصنفا في 4 نجوم وتسيره شركة " المغرب السياحي "، وتمت خوصصته سنة 1999 لإحدى الشركات الخاصة وفقد على إثرها نجمة واحدة بسبب سوء التدبير، وفي ماي 2006 تمت إعادته للدولة (الشركة الفندقية الناضور) بفضل المعركة التاريخية للعمال والمستخدمين وبدعم من الساكنة المحلية ومناضليها ... وحاليا يسير من طرف الشركة العامة للتجهيز السياحي بالرباط ، وقد بادرت هذه الشركة منذ 2006 في تطوير أداء مستوى خدمات فندق محمد الخامس ومركب كيمادو عبر التكوين لفائدة المستخدمين وكذا محاولة تسويق منتوجه عبر وكالة الأسفار من أجل إعادة إشعاعه من جديد رغم تقادمه وتراجع مستوى خدماته والنقص الكبير في المبيت وكذا عدد الزبناء الذين كانوا يتوافدون عليه وعلى إثر هذا التراجع تم إدراجه في إطار مشروع إعادة هيكلة وتوسيعه تدريجيا من طرف الشركة العامة العقارية وسيصنف مستقبلا ضمن 5 نجوم على الأقل وكانت انطلاقة أشغاله في سبتمبر 2009. وبمناسبة الزيارة الملكية لإقليم الحسيمة يونيو 2010 ، وفي هذه الأثناء تم استئناف ما تبقى من أشغال، وسمي حينها بجناح فندق محمد الخامس كأنه من صنف 5 نجوم ، وبعد الزيارة الملكية مباشرة تم إنهاء ما تبقى من الترميم لكن ظل دون المستوى المطلوب نظرا لغياب آليات المتابعة والمراقبة من طرف الشركة العامة العقارية سواء قبل أو أثناء الأشغال ، خاصة المهندسين المعماريين والمتخصصين في الديكور والتزيين لبناء مؤسسة بالمواصفات والمعايير الدولية المتعلقة بالفنادق المصنفة من النوع الممتاز، وذلك وفقا لقانون السياحة 00/61 ، و غياب بعض المرافق المهمة نذكر على سبيل المثال مسبح ، حمام ، سيارة خاصة لنقل الزبناء ، فضاء للترفيه ، وكما عرفت ضعفا في التجهيزات الداخلية... ، زد على ذلك الصورة السلبية للواجهة الأمامية للمدخل الرئيسي للفندق . بحيث لم يتم ترميمها أو تزيينها حسب ما تضمنه مشروع التصميم الأولي الذي قدم للملك ، وكذا غياب صيانة فضاء الواجهة المطلة على البحر التي أصبحت معبرا للراجلين وملاذا آمنا للمتسكعين... مما يتطلب تسييجه حفاظا على أمن الزبناء والمستخدمين، وهو ما خلق نقاشا واسعا لدى المتتبعين والمراقبين لهذا المشروع السياحي الذي اعتبر مخيبا لانتظارات الساكنة والمواطنين، وذلك نظرا لعدم العناية بهذه المعلمة التاريخية الوحيدة بالمغرب، احتراما للاسم التي تجسده هذه المؤسسة. أما مشروع فندق السواني الذي لازال في طور الإنجاز فطاقته الاستيعابية حوالي 200 سرير من صنف 3 نجوم وسيشغل على الأقل ما بين 50 و 70 منصب شغل قار لأبناء منطقة أجدير، ويفترض على مجلس بلدية أجدير اقتراح اسما بديلا لهذا الفندق السياحي الصغير على المعنيين على سبيل المثال " فندق أجدير أو فندق اسفيحة ... " بدلا من السواني كمجال جغرافي واسع . مشروع " السواني أو ما سمي بسوانيتة " إلى حدود اليوم لم يحسم في صيغتها النهائية ، لذا فإن هذا الفندق الصغير الذي أشرت إليه أعلاه ، تبقى مساحته شاسعة حيث كانت الشركة العامة العقارية تعتزم إقامة مشاريع سياحية وأخرى تجارية ولم يعرف مصير ما تبقى من المشاريع التي كانت مبرمجة في إطار رؤية السواني 2015، حيث شهدت المنطقة آنذاك سلسلة من الاجتماعات مع الشركة والسلطات الإقليمية ، كما عرفت بلدة أجدير احتجاجات مكثفة على المشروع لضمان تشغيله لليد العاملة من جهة واحتجاجات ساكنة المنطقة على مشروع المزمة التي تعمل الشركة على إقباره من جهة أخرى. أما الموقع الأثري لمدينة المزمة الذي خصصت له مساحة قدرت ب 9 هكتارات وبعد مجهود كبير في عملية التنقيب والحفر دام أكثر من 6 أشهر من طرف فريق البحث والمتخصص في الإيركيولوجية والمآثر التاريخية وبتنسيق مع المعهد الوطني لعلوم الآثار بالمغرب . فلم يتمكن فريق البحث من إبراز معالم المدينة بأكملها إلا في حدود الصور الخارجي وبعض المعالم الأثرية البارزة لأن عملية التنقيب تتطلب وقتا زمنيا طويلا ومن أجل تدبير الزمن واختصارالوقت يجب البحث على بديل جديد حول إقامة مشروع معالم المزمة المصغرة على نفس الأرضية وبنفس الموصفات الهندسية والمعمارية التي كانت عليها المدينة والبحث عن الكتابات التاريخية من خلال خبراء متخصصين في إعداد تصاميم المدن التاريخية والحضارية. بالإضافة إلى المجهودات الجبارة من طرف المستثمرين المحليين أبناء المنطقة في إنشاء مجموعة من الفنادق الممتازة في الأفق، وهذا مؤشر يدل على أن المنطقة ستعرف ازدهارا كبيرا في البنية الفندقية بحيث سينضاف حوالي 1000 سرير في أفق صيف 2011 وذلك حتى يتمكن هذا القطاع الفندقي من تغطية الخصاص الذي كانت تعاني منه المنطقة منذ إغلاق نادي البحر الأبيض المتوسط ومركب كيمادو . وستشكل هذه المؤسسات الفندقية محركا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية خاصة أن الإقليم يتوفر على مؤهلات طبيعية وبشرية هامة وأنها فرصة للزائر للتعرف على تاريخ وحضارة المنطقة وهذه المشاريع السياحية عليها أن تحقق الاندماج في محيطها وأن تراعي خصوصيات المنطقة ومؤهلاتها الطبيعية الفريدة وبالتالي ستمكن من جعل السياحة قاطرة جديدة للاقتصاد المحلي بالمنطقة.