"نشرت في الشهر الثامن من سنة 2007" لماذا يصر المسؤولون على أن يجعلوا من إقليم تاوريرت استثناءا في كل شيء ويتجند الساهرون على تدبير شؤونها لأن تكون أسوأ نموذج في كل الميادين والمجالات نموذجا للرداءة ،للسيبة لتدني الخدمات، للفوضى والعبث.. ؟ الجواب على كل هذه الأسئلة، وغيرها أسهل بكثير مما يمكن أن يتصور يلخصه المثل الشعبي القائل " تعيش السلاحف غير في الخواض.." وما يهمنا في هذا الآن على أن نعود مثلما عهدنا إلى أشياء أخرى, هو ظاهرة عدم انضباط أغلب موظفي الجماعات المحلية التي تعتبر إحدى الظواهر التي استأثرت باهتمام وتتبع الهيئات السياسية والنقابية والمنابر الإعلامية، وكل المهتمين بالشأن المحلي ،الحريصون على سلامة المجتمع من العلل ،والمال العام من الهدر ... والتي تحاول بالموازاة مع ذلك أن تكون حاضرة في كل المحطات التي تحاول من خلالها هذه الفئة من الشغيلة المغربية الدفاع عن حقوقها، كفئة من أكثر الفئات المتضررة من السياسات المتبعة على مر العقود ، إلا أنها لم ولن تكون بأية حال من الأحوال لتتفق على أن يكون رد فعلها تجاه وضعيتها المتردية وتماطل الجهات المعنية في الإستجابة لمطالبها خارج مايمكن أن يسمح به القانون والحق الذين يغيبان في تعامل الجهات الرسمية معها ،والا لكانت الأمور أحسن مما هي عليه الآن . وتتخذ هذه الظاهرة , ظاهرة عدم انضباط أغلب موظفي الجماعات واستهتارهم بالمسؤولية ،عدة أشكال وألوان، يمكن إجمالها في ثلاث فئات رئيسة، فئة الموظفين المحظوظين وفئة ما أصبح تعرف بالموضفين الأشباح (وهم أيضا محظوظون) وإلى جانب هاته الفئتين توجد فئة ثالثة أو مايمكن أن نقول عنها فئة المغلوبين على أمرهم (مجبرين أوأبطالا) ملتزمين إلى حد ما بمواقيت العمل ، يمكن أن يواصلوا العمل حتى بعد فوات موعد التوقيت القانوني، ينتقلون بين المكاتب ، يقومون بعدة مهام يتحملون سخط واحتجاجات المواطنين ضد تدني خدمات المجالس،ملتصقون بكراسي مكاتبهم وقد يحدث مرات عديدة أن يقدموا من مالهم الخاص لتأدية مستحقات رسوم مواطن معوز أو محتج ضد غلائها أو لاقا نونيتها حسب اعتقاده ،يتحولون في بعض الأحيان إلى مكاتب متنقلة ، متحملين أعباء التقسيمات الإدارية المرتجلة المحكومة بخلفية حفظ التوازنات الانتخابية ،وإرضاء الأعيان والمقربين ،يضطرون إلى قطع مسافات طويلة للوصول إلى مقر جماعات لا تحمل من مقومات الجماعة شيء، والتي زرعت قسرا في أي مكان في فترة من الفترات .. وأصبح الآن أمر مراجعة مخلفاتها أكثر إلحاحا –إن لم يعدموا وسيلة - يستثنون من لوائح الترقية والإمتيازات ،ولامن معترف بالجميل ... وعلى طرفي النقيض تماما توجد الفئة الأولى، فئة المحظوظين،وهم نسبة كبيرة ،موظفون عن طريق المحسوبية والزبونية المستشرية في دواليب الادارة،يعبثون فيها فسادا،لا يعيرون اهتماما لأحد،يحتمون بالقرابات و الولاءات أو بالانتماءات الحزبية و النقابية المشبوهة المزكية للوضعية ،ولايحترمون مواقيت العمل،مقرات العمل بالنسبة اليهم ضيعات خاصة..إن صادفتهم في الممرات أو واقفون بأبواب المكاتب لن تتمكن من معرفة وضعيتهم الادارية،تحسبهم رؤساء أقسام أو مصالح خارجية أو رؤساء مجالس ،يقدمون التحية ويعرضون خدماتهم فقط على الحريم دون الخامسة و العشرين ربيعا،و الحقيقة أنهم موظفون بالسلمين 1و 2 في انتظار تسوية وضعيتهم الادارية و القفز إلى الدرج العاشر بالتحايل على القانون و الضحك على الذقون ، بتخريجة رسمية،مثلما تم الاتفاق على ذلك ،وكما يفضح ذلك المبلغ المالي المدفوع مقابل ولوج لوائح موظفي الجماعة بقرار مشبوه للجنة التوظيف بعضوية ممثل السلطة المحلية صاحبة التخريجات في هذا الباب،وطبعا بحضور مايسترو اللجنة/القابض/ بطل العديد من الغرائب و العجائب،التي لم تتحرك معها لحد ألآن الجهات المعنية،لوضع حد للحريق،في حين تنهارالأدراج العليا للمؤمنين بالخطاب الرسمي حول الحق و القانون و تكافؤ الفرص.. بعضهم يوجد على رأس مصالح حساسة دون أن تكون قد توفرت فيهم الشروط المؤهلة لذلك ،يمكن أن تدر عليهم إن حضروا رشوة محترمة،تساعدهم على استكمال لوازم الأناقة والبروتوكول،كي لا تظهر عليهم حقيقة المهام التي يدفع لهم من المال العام لأجل القيام بها،بطريقة أو بأخرى ...ورغم كل هذا فهم معروفون بالحضور إلى مقرات العمل من وقت لآخر، وتشير إليهم الأصابع،كطريقة للتخفيف من شدة غضب الرافضين لمثل هذه الوضعية.. أما الكارثة،أو المصيبة الكبرى،فهي فئة ما أصبح يعرف بالموظفين الأشباح،مسجلين بلوائح الموظفين،يتقاضون راتبا شهريا،لكن لا أحد يعرف ألوان عيونهم و لا أشكال وجوههم،يستنزفون ميزانيات الجماعات من دون أن تستفيد من خدماتهم،ليكون بذلك ما يتقاضونه سرقة ومالا حراما،ويكونون إلى جانب كل من ساهم أو تستر على هذه الوضعية لصوصا،وتلكم عينة أخرى من اللصوص التي تتحمل نصيبا من المسؤولية عن وصول البلاد إلى حافة الإفلاس، إن لم تكن قد أفلست بالفعل..ولهذه الفئة من الموظفين حماتها وحراسها،الساهرون على بقائها سرطانا ينخر ميزانيات الجماعات.. و من أجل التغطية على هذه الوضعية، تلجأ بعض الجماعات إلى حيلة الإلحاق بمصالح خارجية أخرى بعينها ،ليتم التساؤل ،عن جدوى توظيف أشخاص وإثقال كاهل الجماعات بهم، إن لم تكن بحاجة لخدماتهم... وضعية تبعث على القلق ،وتدعو القول و بالجهر/اللهم إن هذا لمنكر/لأنها تنعكس بشكل مهول على الوضعية و الدورة الاقتصادية والتنموية للإقليم،من تدني للخدمات ،و هدر للمال العام،لذلك سيبقى كل حديث عن حماية المال العام وترشيد النفقات ،و السهر على حسن تدبير الشام المحلى،دون بلوغ الأهداف المتوخاة منه قبل القيام بحملة شجاعة ومسؤولة لتطهير إداراتنا/جماعاتنا/ و التي لن تكون بغير تدشين عملية معالجة ظاهرة عدم انضباط أغلب موظفي الجماعات،وتستر المسؤولين،وعدم تحمل ممثلي سلطات الوصاية لمسؤولياتهم.. عملية لا نظن أنها بصعبة التنفيذ بالنسبة للسلطات الإقليمية بصفة خاصة، التي وإن كانت لا تتحمل مسؤولية خلق الظاهرة،فهي مسؤولة على محاولة معالجتها ،خاصة بعد المبادرات المتخذة في هذا الباب ،والتي تستحق الإشادة ،لكن في مقابل ذلك هي مطالبة بتفعيلها وتكثيفها.. والى أن يحصل ذلك، ستبقى الوضعية مفتوحة على كل الإحتمالات، وقطار التنمية الموعودة معطل حتى إشعار آخر.