امتحانات البكالوريا... حصاد موسم جاف مع حلول شهر يونيو من كل سنة دراسية، تشد الامتحانات الاشهادية، والبكالوريا بشكل خاص، أنفاس شرائح مهمة من المواطنين، تلاميذ مترشحين وآبائهم وأولياء أمورهم وحتى أقاربهم ومعارفهم، ومدرسين وإداريين، كل منهم، بطبيعة الواقع، وفق الزاوية التي تحددها نوعية العلاقة بهذه الاستحقاقات المصيرية، لكن يوحدهم الشعور بالفرح في حال التفوق، وخيبات الأمل أمام النتائج الضعيفة. غير أن ظروف امتحانات البكالوريا لهذا الموسم الدراسي اتسمت بنوع من الاستثنائية، إذ تختتم سنة اعتراها هدر في الزمن المدرسي يقدره المتتبعون بأكثر من عشرين في المائة، كان نتيجة تراجع مهول في الاداء الوظيفي سيما لدى المدرسين، بفعل كثرة الاضرابات وتعدد الفترات التكوينية والحركات الاحتجاجية، ما كان له الأثر البالغ على قيمة التحصيل الدراسي لدى التلاميذ كما وكيفا. إن هذه الظروف هي التي اضطرت وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر إلى تأخير جميع الامتحانات بأسبوع، ومن تم تأجيل اختتام الموسم الدراسي إلى ما بعد منتصف يوليوز، وربما أكثر إذا أخذنا بعين الاعتبار الدورة الاستدراكية التي تقام عادة بعد إعلان نتائج الدورة الأولى بأسبوعين على الأقل. ونتج عن هذا الوضع الشاذ وغير المسبوق في العقود الأخيرة في النظام التعليمي الوطني، العديد من ردود الفعل المتباينة والمتفاوتة من حيث الحدة، وذلك لدى جميع المعنيين، تلاميذ وآباء وفاعلين ممارسين، وبرزت بالتالي جملة من المطالب، فالتلاميذ المترشحون لامتحانات البكالوريا يطالبون بإنهاء الموسم الدراسي دون إزاحة أو تأجيل، طلبا للتخلص من الضغط النفسي والعائلي، وضغوطات الوسط المدرسي، كما يطالب بعضهم بمراعاة "استثنائية" هذا الموسم وتبسيط اسئلة مواضيع الامتحانات، وآخرون يلتمسون تخفيض عتبة معدلات الولوج الى المعاهد العليا والكليات، كما ألح العديد منهم على تأخير مواعد وآجال التسجيل في هذه المعاهد والمدارس العليا على غرار التأخير الطارئ على تاريخ امتحانات البكالوريا. ويعتبر المنتمون إلى التعليم الخاص، آباء وإداريين وأساتذة، قرار تمديد السنة الدراسية مجحفا في حقهم، "إذ لا ذنب لهم في أسبابه ودواعيه، ولم يحدث أن أهدروا ولو يوما دراسيا"، ما يجعل القرار الوزاري غير منصف لهم بما أنهم سيتحملون تبعات أحداث لا يد لهم فيها، ثم إن لهم التزامات تعاقدية مع زبنائهم المستفيدين من خدماتهم التربوية، أي الآباء والتلاميذ، ما يضعهم أمام فوهة نيران غضب وتذمر هؤلاء، سيما أن جميع الآباء يضبطون عطلهم وأجندات فسحهم السنوية على تاريخ انهاء أبنائهم ارتباطاتهم الدراسية. وعلى طريق استياء شريحة هامة من التلاميذ والآباء يسير الاساتذة والإداريون، إذ يرون أن في هذا التمديد "إمعانا من الوزارة في تعذيبهم وإطالة فترة معاناتهم، سيما أن ما سيفصل نهاية السنة الدراسية، أي الدورة الاستدراكية للبكالوريا، عن حلول شهر رمضان أسبوعان وربما أقل. وبعيدا عن هذه الحيثيات الاستثنائية التي وسمت امتحانات هذه السنة، وعلى رأسها البكالوريا، تعود الاجراءات نفسها التي ظل الخطاب الرسمي يجترها من "تجنيد الموارد البشرية واللوجستية واتخاذ اجراءات المراقبة والتنظيم الضرورية لضمان سير الامتحانات بشكل جيد"، و"اجتماع اللجان المكلفة بوضع الامتحانات، وتوحيد سلاليم التنقيط للحد من الاختلافات في التنقيط"، وتعريف التلاميذ المترشحين للبكالوريا "بتنظيم الامتحانات والقواعد التي عليهم الامتثال لها عند اجراء الاختبار" و"تحذير المرشحين من الغش والآثار المترتبة عنه"، كالمنع من استعمال الهواتف المحمولة مثلا. كما تعود الاشكالات والأسئلة والظواهر المقلقة، من قبيل انعدام تكافؤ الفرص، وظاهرة الغش، والاعتداء على القائمين بالحراسة..