هي تلميذة تتابع دراستها بثانوية الفتح التأهيلية بتاوريرت بالسنة الثانية باكالوريا…تقطن بحي هامشي هي وثلاثون أسرة …لا أتجدث عن السكن الذي يحتضنتها لأنه غيرلائق بالتأكيد..لا أتحدث عن دخل أسرتها لأن تلك الأسرة تعيش كل العداب من أجل توفير لقمة العيش اليومي…لا أتحدث عن بعدها عن المؤسسة لأنها بعيدةعلى مستوى المسافة…أتحدث عن هذه التلميذة التي تعيش كل هذه الظروف ولكنها مواظبة ، مجتهدة وخلوقة…أتحدث عن هذه التلميذة التي تطالع دروسها ليلا تحت ضوء الشموع ، فيوقت أصبحت فيه الشموع تؤثت فقط القصائد الشعرية بل ودخلت ضمن الاثار في عالم اليوم…تطالع تلك الدروس وتنجز تمارينها في انتظار احتراق الشمعة ككل، وبالتأكيد فان عيناها تحترق هي الاخرى… تنام باكرا لتوفر الشمعة الى الغد…تحلم أن يمد منزل أسرتها بالكهرباء حتى تتساوى مع باقي الاسر… هي بذلك محرومة من فقرات التلفزة ومن برودة الثلاجة وكل ما يرتبط بالكهرباء…أتحث عن هذه التلميذة التي يوجد في ملفها صفر غياب… لا تملك هاتفا محمولا غير أن أسرتها تتوفر على هاتف من النوع القديم لكنه دائما خارج التغطية لأنه ببساطة ليس هناك كهرباء لشحن البطارية…بل وعلى الاسرة أن تتنقل الى مكان بعيد لشحنها وغالبا هذا لايحدث…أتحدث عن هذه التلميذة التي تحصل على معدلات جد محترمة…لا تملك حاسوبا ولاتحلم بامتلاكه في ظل أوضاعها، بل ولاتستطيع أن تتنقل الى مقهى للأنترنيت لأن ظروفها لاتسمح بذلك….أتحدث عن هذه التلميذة التي تمتلك قدرات هائلة في الالقاء… انخرطت معي في نادي الصحفيين فأثارت الانتباه، وكانت من بين نقط الضوء التي يحبل هذا النادي…. في نشاط اشعاعي أعطيت لها الفرصة ،فرحت كثيرا والدموع في عينيها، خطفت الاضواء في ذلك النشاط والحاضرون لم يكونوا على دراية بتفاصيل واقعها…أثنوا عليها كثيرا لأنها أتقنت الدور الذي تكفلت به ونالت التشجيعات…أتحدث عن هذه التلميذة التي لا تستجدي أحدا…مرة عرضت عليها أن تشارك معنا في رحلة ترفيهية…صمتت… وقبل أن تتحدث …قلت لها أنت معنا في هذه الرحلة بالمجان وستستفيدين من كل الفقرات بالمجان أيضا…صمتت ، وقالت لي …يا أستاذي شكرا جزيلا…لكنها لم تشارك في تلك الرحلة، ولا أعرف السبب…أتحدث عن هذه التلميذة الخلوقة…التي لاترى الهاتف المحمول الا عندما زميلاتها … ولاتعرف الحاسوب الا بمشاهدتها للمحلات المختصة بذلك…لا تعرف الكهرباء الا عنما تدخل مجال الكهرباء…لا تعرف فقرات التلفزة الا في حديث صديقاتها…لا تعرف برودة الثلاجة الا عنما يحل موسم البرد…لاتعرف…لا تعرف…لا تعرف… لكنها مؤمنة بقدراتها… ولنتصور أنها تستفيد مما يستفيد منه الاخرون… بالتأكيد ستكسب رهان حياة دراسية متفوقة… ولا تقولو لي ان الفقر هو الذي صنع شخصيتها لأن ذلك مجرد متنفس بل مجرد أغنية طويلة لكنها ببيت واحد وايقاع واحد…تحياتي وبلا حدود لهذه التلميذة…