لاتتردد الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، ومعها قناتها «الرياضية» المتخصصة، في التنقل لفرنسا مثلا، عبر فريق يتجاوز عدد أفراده العشرة، لتغطية منافسات «رولان غاروس» للتنس ويمكثون هناك زهاء الشهر من الأيام، في إهدار للمال العام، لنقل منافسات لا يتابعها سوى نخبة من المتتبعين.. ولا تتردد في صرف ميزانيات كبيرة من أجل تغطية سباقات السيارات الكلاسيكية والراليات، والجيت السكي وكل الرياضات المائية، وسباقات الخيل والقفز على الحواجز، والغولف في شقيه التنافسي والسياحي، وغير ذلك من الأنشطة الرياضية التي لا نجادل أبدا في قيمتها، بقدر ما نعتبر انتشارها يظل محدودا ولا يرق لشعبية كرة القدم مثلا. كرة القدم، التي تخوض أنديتها الوطنية خلال هذا الموسم، بشأنها تنافسا عالي المستوى ويتعلق بكؤوس وألقاب إفريقية، تجد نفسها «ممنوعة» من المرور عبر شاشتنا الوطنية! بدأ النقاش والتفاوض بين الوداد الرياضي والشركة الوطنية للإذاعة و التلفزة (الرياضية) حول النقل التلفزي لمباراة الفريق البيضاوي أمام مازيمبي برسم منافسات بطولة إفريقيا للأندية البطلة،التي جرت خلال الأسبوع الماضي بالمركب الرياضي محمد الخامس. طالب الوداد بتعويض عن النقل التلفزي، حدده في مبلغ عشرين مليون سنتيم.. الشركة رفضت الاستجابة، ونشرت أخبارا (غير رسمية) تؤكد أنها اقترحت مبلغ 10 ملايين سنتيم تسددها لفريق الوداد. لم يصل الطرفان لحل توافقي، جرت المباراة، وحرم من متابعتها ملايين المشاهدين! خلف ذلك عدة ردود متباينة، ما بين المؤيدة لقرار الوداد، ومابين المستنكرة لتعنت القناة، وما بين الغاضبة من الطرفين معا. لكن مع ذلك، فقد توحدت كل الآراء حول مسألة أساسية شملت طرح السؤال: ما ذنب المشاهدين في ربوع الوطن حتى يحرموا من تتبع مباراة حاسمة إفريقية أحد طرفيها فريق مغربي؟ هؤلاء المشاهدون الذين يؤدون ضريبة شهرية مقابل مشاهدة تلفزتهم العمومية، لايعنيهم مطلقا النقاش حول طبيعة النقل التلفزي للمباريات، هل تكون مجانية، أم هل من المفروض أن يستفيد منها الفريق المستقبل؟ ثم لماذا كل هذا التعنت من القناة ومن إدارتها على المستوى المركزي بالرباط، تجاه موضوع يتفق الجميع أنه يحمل حساسية عالية لدى نسبة كبيرة جدا من المشاهدين؟ من حق الوداد أن يطالب بتعويض عن نقل مبارياته، ومن واجبه كذلك، أن يخبر بذلك أجهزة الإدارة التلفزية مسبقا علما أنه يعرف منذ مدة برنامج مبارياته في المسابقة الإفريقية، وكان عليه، اعتبارا لذلك، فتح النقاش مع القناة بمتسع من الوقت، وليس أسبوعا قبل موعد المباراة. ومن حق القناة أن تناقش كل العروض، لكن من واجبها عدم تجاهل ما تحمله من مسؤولية أمام المشاهد المغربي، وعليها كذلك أن تقر أنها تستفيد من نقلها لمثل تلك المباريات الهامة خاصة على مستوى مداخيل الإشهار! ثم يطرح سؤال آخر، أين دور الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، أليست معنية بالأمر، هل ستظل تكتفي، ومعها الوزارة الوصية، بلعب دور المتفرج وكأن الموضوع لايعنيها؟ ألم تستحضر جامعتنا ضرورة إقرار وتنصيص النقل التلفزي لمباريات أنديتنا إفريقيا ودوليا ، في قائمة البنود التي يتضمنها عقد النقل التلفزي لمباريات البطولة الوطنية الموقع مع الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة؟ ثم ما دور قناة «الرياضية» المتخصصة والمستفيدة بالدرجة الأولى من نقل مباريات أنديتنا افريقيا، ولماذا تعجز باستمرار في مثل هذه المفاوضات حول امتلاك حق البث، كما حدث مع مباراة المنتخب المغربي والمنتخب الجزائري التي جرت بعنابة يوم 27 مارس الماضي؟واستسلمت أمام قناة «ميدي 1 سات» غير المتخصصة في الرياضة ! سنعيد طرح نفس السؤال الذي وضعناه في مقال سابق: كيف نجحت ميدي سات فيما عجز عنه قطب تلفزي عمومي يتمتع بكل الإمكانيات المالية؟ وكيف ستعالج قناة «الرياضية» موضع فشلها في نقل مباريات أنديتنا الوطنية، «التذكير أن باقي الأندية المشاركة في المنافسات الإفريقية تضامنت مع موقف الوداد وقررت عدم الترخيص للقناة ببث مبارياته»، علما أن فريق الرجاء، دخل على الخط بدوره، وسمعنا أخبارا تشير إلى مطالبة الرجاء للقناة بمبلغ ثلاثين مليون سنتيم مقابل السماح لها بنقل مباراته الحاسمة أمام أسيك أبيدجان! إن للمشاهد المغربي حقه في متابعة مباريات أنديتنا الوطنية في كل الرياضات، وليس من حق القناة أن تصادر هذا الحق في كل الأحوال!