" ما قام به هؤلاء المسؤولون على هذه الولوجيات، لا يمكن تفسيره إلا بالجهل أو التجاهل واللامبالاة لما يقومون به. هل يستهزئون بنا، ويسخرون من إعاقتنا؟... كان يحاول وحده صعود الرصيف بكرسيه المتحرك في تحدٍّ لإعاقته دون أن يطلب مساعدة أحد، وكان عليه قبول هذا التحدي في استقلالية تامة عن الآخرين. كان " سعيد" في الثلاثين من عمره قوي البنية صحيح الجسم، مفتول العضلات حيث يبدو أنه من الرياضيين المعاقين على كرسيه المتحرك، واختار بالطبع المعبر الذي يطلق عليه" الولوجيات" بأحد أرصفة شارع محمد الخامس المؤدي إلى ساحة 16 غشت، وهو المَعْبر المُخصَّص للمعاقين أصحاب الكراسي المتحركة في إطار القانون الجديد التي تفرض تخصيص هذه الولوجيات، وهي ممرات مفتوحة لتسهيل تنقلات المعاقين بالنسبة للطرقات، يكون مستوى رصيفها بمستوى الطرقات... كان يحاول" سعيد" في مغامرة بعد التحدي تجاوز الممر عبر حاجز الرصيف الذي تم تخصيصه كجميع الممرات بشوارع مدينة وجدة التي تمت إعادة إصلاحها في إطار مشروع ضخم لإعادة هيكلة المدينة الألفية بمئات الملاين من الدراهم لكن... لكن ارتأى مهندسو الطرقات والمقاولة التي تكلفت وظفرت بصفقة بنائها أن يرفعوا من مستوى رصيف الولوجيات بأكثر من 15 سنتيمترا(؟) على مستوى الطريق... " ما قام به هؤلاء المسؤولون على هذه الولوجيات، لا يمكن تفسيره إلا بالجهل أو التجاهل واللامبالاة لما يقومون به. هل يستهزئون بنا، ويسخرون من إعاقتنا؟ هل يريدون منا أن نتخصص في سباق الحواجز بكراسينا وهي رياضة لم تعرفها بعد البلدان المتقدمة والمتخلفة؟" يصرخ المعاق الذي عجز عن" تَسلُّق" الممرّ وتجاوز الحاجز و" الصعود" إلى الساحة في محاولات مغامراتية انتحارية؛ بعد أن ارتسمت على وجهه علامات القهر والظلم والغضب، قبل أن يستسلم ويطلب المساعدة من المارة ومن رفيقه، معترفا بهزيمته أمام بني البشر من المهندسين والمسؤولين؛ بعد أن هزم إعاقته التي كتبت عليه وانتصر عليها بعزيمته... يعاني العديد من المعاقين بمدينة وجدة، أو الوافدين عليها من جهات أخرى، من التنقلات عبر شوارعها وطرقاتها؛ إذ رغم تخصيص ولوجيات وهي معابر يجب أن تكون أرصفتها في مستوى الطريق حتى يتمكنوا من التنقل من مكان إلى آخر بحرية تامة، ودون حاجة إلى الآخرين، وفي مأمن عن كل خطر كما في جميع الدول أصبحت هذه الولوجيات بمثابة امتحان شديد وصعب لهؤلاء لعسر تجاوزها، إذ لا يميزها عن باقي الأرصفة إلا لون الزليج المختلف عن الباقي، أو انحناء جوانب الأرصفة قليلا. "لا شك أن المهندس أو المقاول الذي باشر هذه المهمة المتمثلة في خلق ممر متميز، لا يعلم هدفه، وإلا أدرك أنه من المستحيل على المعاق صعوده ولو كان من أبطال العالم، فما بالك بالشيوخ والعجزة، والأطفال والنساء المعاقين المستعملين للكراسي المتحركة؟ وإذا كان ساذجا وصدق ووثق في هؤلاء المهندسين، كان مصيره مأساويا وأصابه ما أصابه...". لقد كان عدد من هؤلاء المعاقين المتنقلين عبر كراسيهم المتحركة ضحية تلك الولوجيات إذا هم أصروا على تخطيها، إما بانقلاب كراسيهم وإصابتهم إصابات مختلفة، أو تمزقات عضلية على مستوى الأكتاف، كما يحكي أحد المعاقين، أو اضطرارهم لانتظار أحد المارة لمساعدتهم للقفز على تلك الحواجز الموضوعة والمنصوبة من طرف هؤلاء المهندسين والمسؤولين، بدل حذفها وإلغائها، أو اضطرارهم لاصطحابهم لأصحاء أو معاقين آخرين قادرين على المشي، أو في أحسن الحالات قطعهم لمسافات مضاعفة لتجنب تلك الحواجز، مع العلم أن الأرصفة السابقة رغم عدم توفرها على ممرات للمعاقين كانت أسهل تجاوزا بحكم أن مستوياتها كانت أقل ارتفاعا بكثير. لقد أفرد القانون رقم 10.03 المتعلق بالولوجيات الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.03.58 المؤرخ ب10 ربيع الأول 1424 (12 ماي 2003) بالجريدة الرسمية عدد 5118 – 18 ربيع الاخر 1424 (19 يونيو 2003) ، 31 مادة موزعة على 5 أبواب منها مقتضيات عامة، والمتطلبات العامة للولوجيات، و إجراءات حماية الشخص المعاق، والعقوبات ومقتضيات خاصة. وجاء في مادته الأولى من بابه الأول أنه " تعتبر البنايات والطرقات والفضاءات الخارجية ووسائل النقل المختلفة سهلة الولوج، إذا أمكن للشخص المعاق دخولها والخروج منها والتحرك داخلها واستعمال مختلف مرافقها، والاستفادة من جميع الخدمات المحدثة من أجلها وفق الشروط الوظيفية العادية ودون تعارض مع طبيعة الإعاقة.". كما تطرق الباب الرابع إلى العقوبات التي تطبق على كل من أخَلَّ أو غيَّر أو مسَّ هذا الحق كما جاء في المادة 27 التي أشارت إلى أنه تطبق أقصى العقوبات المنصوص عليها في قانون السير على كل من استعمل المكان المخصص لوقوف وسائل النقل الخاصة بالأشخاص المعاقين. كما نصت المادة 28 على تطبيق العقوبات المنصوص عليها في القوانين والأنظمة الجاري بها العمل على كل من قام بعد تسليم رخصة السكن أو شهادة المطابقة بأي تغيير يمس المتطلبات العامة والمقتضيات التقنية في التصاميم الهندسية المصادق عليها".