حينما ينطق الواقع، يخرس الديماغوجي.. يبهت المنظٌر.. تابعوا مع الأستاذ اسماعين يعقوبي صهيل أرقام المعيشة.. معيشة من الصنف الذي لا يعرفه المتخمون... .اسماعين يعقوبي
نعتبر حالة موظف متوسط.. متوسط في كل شيء: في وضعيته الاجتماعية، يتقاضى أجرة شهرية، تقدر ب 2500.00 درهم، متزوج، وله أربعة أبناء في سن التمدرس، له أب، وأم يعيشان في البادية، ويعمل في مدينة متوسطة على المستوى المعيشي. مصاريف هذا الموظف تتكون من: - الكراء 700.00 درهم عبارة عن منزل، يتكون من شقتين، بسيط المظهر، ويتواجد في ضواحي المدينة - التنقل 2.50 درهما، ومثلها مساء، أي 5.00 درهم يوميا، 25.00 درهما اسبوعيا، أي 100.00 درهم شهريا - الماء والكهرباء 100.00 درهم شهريا - الأكل: كيلو لحم في الأسبوع، ب: 60.00 درهما، بمعنى 240.00 درهما شهريا * خبزتان في اليوم لكل فرد، أي ما مجموعه 12 خبزة يوميا. مع العلم أن ثمن الخبزة الواحدة 1.20 درهم، نحصل على 1.20*12*7*4 = 403.20 درهم شهريا * السكر والشاي: قالبين من السكر، وعلبة شاي كل أسبوع، أي ما مجموعه 2*13.00*4 + 15.00*4 = 164.00 درهم * الخضر: 2 كيلو من البصل، 2 كيلو من البطاطس، 2 كيلو من الجزر، 2 كيلو من الطماطم أي: 2*3.00 + 2*4.00 + 2*3.00 + 2*4.00 = 26.00 درهما أسبوعيا *7 = 104.00 درهما شهريا * القطاني: 2كيلو عدس، 2 كيلو لوبيا، 2 كيلو من الروز، أسبوعيا أي: 2*12.00 + 2*14.00 + 2*10.00 = 288.00 درهما * الحليب: نصف لتر في اليوم، أي 3.00*7*4 = 84.00 درهما في الشهر - الصابون و الشامبوان: 100.00 في الشهر - الملابس: كل فرد يقتني حذاءين في السنة، أي 100.00 درهم *6*2 = 1200.00 سنويا، ما يعادل 100.00 درهم شهريا، وما مثله من الملابس الداخلية والخارجية، أي في المجموع 3*100.00 = 300.00 درهم - الغاز : 50.00 درهم شهريا - الزيت: 1 لتر في الأسبوع، أي 12.00 *4 = 48.00 درهما وبهذا يصبح مجموع المصاريف إلى حدود الساعة: 700.00 + 100.00 + 100.00 + 240.00 + 403.20 + 164.00 + 104.00 + 288.00 + 84.00 + 100.00 + 300.00 + 50.00 + 48.00 = 2681.20 درهما هكذا يكون موظفنا قد تجاوز أجرته ب 181.20 درهم ، مع العلم أننا اعتمدنا في حسابنا على أن الشهر مكون من أربعة أسابيع، بينما في الحقيقة، الشهر يتكون من 30 أو 31 يوما، بمعنى يجب إضافة مصاريف يومين و نصف خارج مصاريف الكراء والماء والكهرباء وبهذا يتفاقم عجز هذا الموظف، مع العلم أننا لم نحسب بعد مصارف أخرى بسيطة واجتماعية، من توابل، أسفار، مرض، أضحية العيد، العقيقة، نصيب الأبوين، الإخوة، اللوازم المدرسية، التلفاز، الأواني المنزلية، الأغطية، العطر، ولباس النوم... أما الحديث عن الهاتف النقال، الانترنيت، هاتف المنزل، الرحلات، زيارة الأحباب والأصدقاء، حفلات نجاح الأبناء، السيارة... فهو ضرب من الخيال بالنسبة لموظفنا البسيط أبهذا سنقضي على الرشوة؟ إن الرشوة لا يتم القضاء عليها بتشجيعها، بل بضرب أسسها الاجتماعية والاقتصادية، وبالتربية على المواطنة.. تربية تستدعي أولا وأخيرا تقسيما عادلا للثروات فإذا كان هذا وضع موظف يتقاضى 2500.00 درهم، فكيف سيكون وضع موظف لا يتقاضى سوى 1600.00 أو 2000.00 درهم، وما بالك بمن يعيش على الصفر إن كل هؤلاء يجب إما تسوية أوضاعهم الاقتصادية و الاجتماعية، أو العمل على محاكمتهم بتهمة العيش المستحيل، أو بتهمة التعامل مع جهات أجنبية من أجل العيش