.. وجدت كل أمنياتي استحالت إلى حبات رمل تذروها الرياح.. لا عيد سعيد.. لا عام جديد.. وحيدا أموء كقطة فقدت صغارها.. لا دفء، ولا حياة.. مثل جزيرة مهجورة.. أتأرجح بين مطرقة الماضي، و سندان الحاضر.. يعصف الدوران بي كشجرة الصفصاف تقصمها الرياح.. لا عزاء غير لفافات التبغ، والمخذرات، والخمور.. أوشكوا أن يجعلوا من حياتي صرخة في واد.. قابعا في زورق أحلامي.. أسرق الأميال على ظهر بحيرة تعاستي التي تتوسع شطآنها يوما بعد آخر.. عجلة الزمان تدور أمام عيني.. تطوي ما تبقى من أيام، كمركب بئيس، يمضي بي تائها فوق وادي العمر.. لقد سدت في وجهي كل الأبواب بعد أن تحاشاني الأهل والأصحاب.. جعلت من وحدتي الباردة جحرا اختبىء فيه إلى الأبد، غير أن خيطا رفيعا ينبثق من ذاكرتي.. يشدني مرة أخرى إلى الحارة أراودها وأستسمحها.. استجمعت ما تبقى من قوة.. أنفاسي تتكسر و أنا أحاول الوقوف.. انزلقت قدمي، وهوى جسدي لأمكث وحيدا متقوقعا كسلحفاة عجوز، غير عابىء بقساوة ليل بهيم.. ليل شديد البرودة.