الشاعر الذي يكتب سيرة ذاتية لبورخيس ربما يختلق سيرته هو على مهل. عائلته العسكرية، الأدب سلالتها، شغف قبل الحرب وبعدها. النص الذي أمامي، فصول من حياة، عنكبوت يغريك بالبحث في خيوطه الرقيقة، وبأخذ كأس باردة على أنخاب سرفانتيس. أمامك فتاة ناعمة جدا ترقص، أقصد أشعة من ليل باليرمو لا تكترث بها، وعلى سرير بارد تتسلل محتالة على عاشقها بين السطور. - لنفرض أنها عارية تماما - ليس الضوء دائما سراجا للعبور بين السيرة والسر والسير وشائج وقربى، ثمة حبر منتفخ بقلق ما، به ننمو وبه نرى بدون نظارات طبية في لقاء وجها لوجه. السيرة قد تكون مختلقة أيضا كما شخصيات بورخيس قبل أن تموت، يتحسس وجوههم، رهبان في أديرة محترقة. نحيلا كشجرة في خريف، في غابة، أوراقها كثيرة ومنتشرة في أرض الله الواسعة. ليس له معطف أو مظلة لشمس الظهيرة يرى ما يختفي. السيرة تناص، أحياء شعبية في مراكش، بوينيس إيريس، لندن، كطالونيا، حيث الهوية محبة، توابل الحي وخضارها، بهارات من نداء يتوارث، رغيف الأم كل صباح. الآذان الذي سمعته من بعيد، سمعته ذات فجر، كان بوصلة لضياع كثير من القوافل، والصمغ، والتبر والصراخ، بينما المعتمد بن عباد ينتظر دوره المنسي في أغمات خفيفا يمشي بدون اكتراث، يحب الأطفال الصغار، كرم الضيافة وصديقا حصد الريح وترك له عيونا تذرو الكلمات في بيادر الأسطورة. لم يكتب حرفا واحدا، كان ينتقل من كأس إلى أخرى قريبا من سدنة العدم يسمع الموسيقى بكثرة وصوت سقراط. لم يغره الخلود ومر كقبس عبر المحيط.