إعداد: عبد الرزاق بنطالب أقدم المسؤولون في وزارة التربية الوطنية على مجموعة من التدابير الإصلاحية لإخراج المنظومة التعليمية من رتابتها وابتذالها؛ لتنفتح أكثر على محيطها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي؛ انسجاما مع روح الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي يعتبر في تقديرنا دليلا ومرجعا أساسيا لكل سياسة تعليمية حقيقية، غير أن ما يلاحظه المهتمون والمتتبعون للشأن التعليمي في بلادنا، أن الإصلاحات التي أشرفت على إدارتها وزارة التربية الوطنية خلال عشرية إصلاح نظام التربية والتكوين، لم يكن لها تأثير إيجابي على منظومتنا التعليمية، خاصة ما يتعلق بتدبيرمواردنا البشرية، بحيث ظلت هذه المحاولات الإصلاحية طيلة هذه الفترة، تفتقر إلى فعل سياسي جريء، ودينامية فعالة، تعمل على تخطي كل العوائق والإشكالات التي كانت تحول دون تحقيق تعليم جيد لمتعلمينا. ولعل المؤشر الحقيقي الذي أشار إلى ضعف نظامنا التعليمي، هو ما جاء في خطاب العرش الأخير الذي أكد على ضرورة معالجة بعض المعضلات الاجتماعية، خاصة قضية التعليم التي أصبحت في حاجة إلى حلول شجاعة وجريئة. إن إشكالية التربية والتكوين في بلادنا، هي قضية مجتمعية، يجب مقاربتها بسياسة تعليمية منفتحة، تنظر إلى العاملين في هذا الحقل كطاقات بشرية، يجب تنميتها، وتدعيمها، واستثمارها في كل عمل إصلاحي أو تنموي، ومن هنا وجب على المسؤولين في وزارة التربية الوطنية، خلق دينامية جديدة وفعالة في إصلاحاتها المقبلة، إصلاحات شمولية، تبدأ بتنمية الموارد البشرية من خلال تلبية حاجياتها، وإمدادها بالإمكانيات الضرورية، والأدوات المعرفية والتربوية؛ لتجاوز كل العوائق والحلول الترقيعية التي كانت سببا في استمرا ر الظاهرة الاحتجاجية غير المسبوقة في صفوف نساء ورجال التعليم طيلة الولاية الحكومية السابقة. وعليه، فإن أي مشروع إصلاحي مقبل لمنظومتنا التعليمية، لا يضع ضمن أولوياته تحسين الأوضاع الاجتماعية والمهنية للموارد البشرية، فسيكون مآله الفشل، وبالتالي، ستضيع منا فرصة أخرى دون أن نحقق لتعليمنا إقلاعا حقيقيا، يخرجنا من دائرة الحسابات الحزبية، والنقابوية الضقية. إن المقاربة التعليمية - في تصورنا- ينبغي وضعها ضمن أولويات الحكومة الجديدة؛ إ ن أرادت هذه الأخيرة كسب الرهان في مسارها الإصلاحي المقبل؛ بعد رصد مكامن الخلل والاختلالات التي حالت دون تحقق منظومة تربوية تلبي حاجيات متعلمينا ومجتمعنا. لذلك، نرى أن أي مبادرة إصلاحية للمنظومة في الوقت الراهن، ينبغي أن تنطلق من إصلاح أوضاع طاقاتنا البشرية التي أصبحت شبه معطلة بفعل سياسات انتقائية وفئوية وإقصائية، عمقت أزمة التعليم في بلادنا... إعداد: عبد الرزاق بنطالب