بماذا تختلف مدينة وزان عن العشوائيات؟ اطقيطاق يقال إن وزان مدينة جميلة، وهذا صحيح. ويقال أيضا أن وزان مدينة التين والزيتون وهذا أكيد. ويقال أيضا أن وزان يحبها الذي يزورها وهذا صحيح أيضا. أما أن تكون وزان مدينة؟ فهذا قد لا يكون صحيحا إلا بصورة نسبية. وزان في نظري ليست مدينة بل هي اقرب إلى العشوائيات التي تضم أبنية وأزقة وشوارع وممرات . لكنها بالتأكيد ليست مدينة عصرية يفترض أنها تعيش في العام ألفين وعشرة. قد تكون هناك ايجابيات كثيرة ولكن الايجابيات تتحدث عن نفسها أما النواقص فتذهب بها وراء حجب كثيفة ولا يتحدث عنها سوى من يؤلمه وضع( مدينته ) التي أخذت حيزا كبيرا من اهتمامه وغيرته على مسقط رأسه الذي يظل تابعا له إلى حين مماته ويسجل بمعظم أوراقه الثبوتية سواء كانت رسمية أو غيرها . فهل يعقل أن يظل تخطيط الشوارع في مدينة وزان عشوائيا وبناء على معايير عفا عليها الزمن وضعت في سبعينيات القرن الماضي؟ هل يعقل أن تنظيم الشوارع يظل يعتمد على ميلان مياه الأمطار؟ ألا يعلم المهندسون ورئيس المجلس البلدي للمدينة عن اختراع المسطرة التي يمكن أن تسهم في تخطيط شوارع مستقيمة وبالتالي قطع أراضي ذات زوايا قائمة؟ هل يعقل أن تظل شوارع وزان في هذا الزمن خالية من الخطوط والإشارات التي توضح للسائقين اتجاهاتهم ومساراتهم؟ هل يجوز أن تظل إشارات المرور موزعة بشكل عشوائي وبدائي وهي في حالة عطب دائم.. ؟ هل يجوز أن تظل هندسة المرور في المدينة مقصرة في ترتيب الأرصفة أو بنائها وكذلك مهملة في مداخل الدواوير و الشوارع؟ هل يجوز أن تظل وزان تتمدد بشكل عشوائي والخدمات تلاحق المواطنين بدلا من أن يلاحق المواطنين الخدمات والمناطق المخدومة؟ ومع ذلك فان التقصير ليس فقط من مسؤولية المجلس البلدي للمدينة بل تتقاسمها جميع الهيئات سياسوية كانت أو مدنية (مع إعفاء العمالة الجديدة لأنها لحد الساعة عمالة مع وقف التنفيذ..) بماذا تختلف وزان عن العشوائيات؟ لو أخذنا الشوارع. نجد شوارع وزان وفي كل مناطقها مع استثناءات نادرة ومعروف سبب تلك الاستثناءات، نجد تلك الشوارع غير قياسية في مقاساتها طولا وعرضا. بل متضاربة وليست نموذجية. معظم شوارع وزان بدون أرصفة وان كان هناك أرصفة فهي مثيرة للضحك أو لنقل مثيرة للسخط: هل يعقل ان يكون في بعض المناطق ارصفة بعرض خمسة امتار وفي مناطق أخرى لا يزيد عرض الرصيف عن مترين ونيف أو أقل؟ ليس للأمر اي علاقة بتصنيفات المناطق. في منطقة بالقرب من شارع بمقر العمالة فيها شارع بعرض 15 مترا تقريبا ونيف ورصيف بعرض متر ونصف وبعض السنتمترات حتى اعتاد الوزانيون السير بالشارع المخصص للسيارات في غياب أرصفة تسع كل المارة ناهيك عن احتلال المقاهي لما تبقى من الرصيف . و نرى أيضا الأرصفة العجيبة التي قام أصحاب البيوت المجاورة لها بزراعتها ومنعها عن المشاة. بعضهم قام بتسييج الأرصفة بحديد للحماية ومنهم من أدخلها بملكه الخاص . (مقهى بحي العدير يسطع نجمها ..في العالي بأضواء النيون) أما المطبات فهي أيضا عشوائية ومؤذية للسيارات وموزعة بدون أية مبررات، وليس مطلية بلون لا فسفوري ولا حتى دهان عادي لإثارة انتباه السائقين الذين يفاجئون بها. لا ادري كيف يجد المجلس البلدي لمدينة وزان الوقت الكافي لنشر لافتات على جميع الأعمدة ولا يجد الوقت لترميم الأرصفة أو عمل أرصفة في الشوارع التي تفتقدها؟ كما نجد حاويات القمامة منتشرة بشكل عشوائي وغير معقول. في منطقة ما في المدينة تجد حاويات قمامة في وسط الشارع (بالقرب من مسجد تصل رائحتها في ظل الحر الشديد وترغم المصلين والمارة على استنشاقها وكأنها تفرض أمر واقع على المواطن الوزاني).. لا يوجد في وزان مواقف سيارات عام تابع للبلدية ولو بالأجرة اللهم بعض المواقف التي تأخذ حيزا كبيرا من الشارع العام وتسبب عرقلة للمارة والسيارات . هناك قطع اراضي مغبرة في الصيف موحلة في الشتاء يستغلها بعض الناس كمواقف. لكن البلدية تعجز عن استثمارها بشكل يخدم المدينة ومواطينيها (ساحة الوزكاني ). اما تقسيمات قطع الاراضي والتجزئات فهي مثيرة للاستغراب وأحيانا للضحك. تجد مساحات غريبة وعجيبة وزوايا عشوائية وقطع متداخلة مع قطع اخرى. لا يتمالك المرء نفسه من الضحك على المهندسين الذين خططوا تلك الأراضي وقسموا تلك القطع: الم يكن لديهم مسطرة ليقطعوا الأراضي بصورة مستقيمة؟ (تجزئتي إكرام والنهضة ). أما أسماء الشوارع فمن الواضح ان اختيار أسماء الشوارع كان عشوائيا أيضا. نعلم انه توجد لجنة للتسمية ولكن عمل تلك اللجنة يتسم بالسطيحة وخصوصا في توزيع اسماء الشوارع. وبطبيعة الحال مع كل الاحترام لأصحاب الأسماء التي وضعت عل الشوارع هناك أسماء افترضت لجنة التسمية انها اسماء كبيرة وجليلة مع كل الاحترام لها ولكن للاسف لا اعتقد ان احدا من سكان وزان يعرفها. بعض أمثلة اسماء الشوارع: شارع فلان بن فلان هل كانت لجنة التسمية تنسخ من الكتب القديمة وتضع الأسماء؟ هل يجوز ان تبقى وزان هكذا في العام ألفين وعشرة؟ الم تستطع الإدارات التي تعاقبت على البلدية ان تضع خطة محكمة تحول وزان من عشوائيات تمتلئ ببيوت الحجر (بدلا من بيوت القزدير والطوب) والسيارات (بدلا من الحمير والبغال) الى مدينة عصرية تحمل معاني المدينة شكلا ومضمونا بدلا من ان تظل هكذا مثل بيت الفقير، قطعة جميلة من هنا وقطعة قديمة من هناك. زاوية نظيفة وزاوية غير نظيفة. شباك المنيوم واخر حديد او خشب. كرسي جديد الى جانب كرسي قديم. هكذا هي وزان مثل بيت الفقير بجد. ليست مدينة أبدا. مجرد عشوائيات غير متكاملة وغير مريحة ولا تتمتع بصفات المدينة العصرية التي تعني الانتظام والنظام والتكامل والتعامل بطريقة مدنية بالدرجة الاولى واهم مزايا ذلك الالتزام بصبغة مدنية في البناء والشوارع والتقسيمات. لا يمكن ان نلوم العمالة الجديدة وحدها. فالحمل عليها كبير جدا خصوصا وأنها لازلت فتية ولم تفطم بعد حتى تعتمد الإمكانيات الذاتية للمدينة ولاجل ان تستطيع العمالة الجديدة القيام بواجباتها بالشكل الصحيح وان يكون العبء عليها معقولا يجب إشراك كل الفاعلين الاقتصاديين والساسة والمجتمع المدني والعمل يدا في يد من أجل بناء مدينة حداثية شريطة توافر الرؤى الموضوعية والعمل المتفاني دون حسابات شخصية أو انتخابوية تهدف بالأساس إلى تدبير أغراض شخصية بحتة وليس تدبير الشأن المحلي كما قام مؤخرا فخامة رئيس المجلس البلدي بتنسيق مع جهات محسوبة على الحزب الحاكم للإنتقام من موظفي البلدية على خلفيات سياسوية دنيئة لن تخدم المدينة بقدر ما تعرقل سير العمل وتعطيل مصالح المواطنين (اجهر بمغربيتك ولا تخجل ). وزان اليوم اشبه ما تكون بمداشر متفرقة كل جهة فيها تغني ما يحلو لها. تبني بيوتها بالطريقة التي تختارها دون اي اعتبار لقوانين او معايير. لا تختلف وزان اليوم عن القرى سوى باستبدال بيوت الطين ببيوت الحجر واستبدال البغال بسيارات تعمل على البنزين بدلا من التبن. نحن نحب وزان ولا يمكن إلا أن نتمنى رؤيتها مدينة عصرية بكل معاني الكلمة ولكن في الوقت نفسه يجب التدقيق في النواقص والثغرات للنهوض بالمدينة وتكون حقا مدينة عصرية لا مجرد مجموعة عشوائيات ممتدة وتصبح مجرد فندق لسكانها.