في مطلع السنة الجارية أعدت جريدة الوطن الآن الأسبوعية ملفا صحفيا حول الاحتجاجات الاجتماعية بالمغرب استنادا إلى تقرير سري لوزارة الداخلية؛ وقد تحدث هذا التقرير عن عشرة مدن أكثر احتجاجا ، فورد اسم مدينة بوعرفة ضمن الطوبTOP استنادا على عدد الاحتجاجات التي تم رصدها خلال السنة 2009. وفي نهاية هذا الشهر طلعت علينا جريدة المساء اليومية بمقال رئسي وفي الصفحة الأولى يتحدث أيضا، واستنادا إلى تقرير سري لوزارة الداخلية عن خريطة المدن المغربية الممنوعة من الاحتجاج ، وقد ورد أيضا اسم مدينة بوعرفة ضمن هذا التقرير السري الذي أصبحت تروج له الجهات المعادية للحريات العامة وحقوق الإنسان، بقصد اجتثاث أية حركة ممانعة أو رافضة للأوضاع القائمة محليا. إن ما دفعني لإثارة هذا الموضوع هو أن مدبجي هذه التقارير تغافلوا عن سبق إصرار ما يدفع الناس في بوعرفة إلى الاحتجاج، أي المسببات التي تؤدي إلى الاحتجاج كرد فعل منظم أو عفوي على أوضاع معينة.. فنحن لن نحتاج للتذكير بأن الاحتجاج ليس امرأ فطريا يولد مع المواطن ببوعرفة، وإنما هو نتيجة حتمية لعدة مسببات، سأذكر بعضا منها على سبيل المثال لا الحصر، وأتمنى أن يحذو حذوي المهتمون بالشأن المحلي، ليتسنى لنا جميعا فهم الاحتجاج كظاهرة سوسيولوجية متنامية ببوعرفة. 1- أسباب الاحتجاج ببوعرفة: هناك أسباب موضوعية كثيرة تدفع المواطن ببوعرفة للاحتجاج، أوردها على شكل رؤوس أقلام مقتضبة، على أساس الاستفاضة فيها مستقبلا كل ما سنحت الظروف لذلك. ا-الأسباب السياسية : - العقاب الجماعي للسكان على خلفية أحداث 1958-1963-1971-1972-1985 - قمع الدولة وتضييقها على الهيئات السياسية والنقابية والجمعوية التي ترفض التدجين . - تحكم الدولة في الخريطة السياسية بالمنطقة عبر تشجيع تأسيس الأحزاب اعتمادا على الأسس الاثنية والجغرافية. - اعتبار بوعرفة كمنطقة تاذيبية ، إذ أنها تعتبر كمنطقة لاستقبال الموظفين ورجال السلطة الذين صدرت في حقهم قرارات تاذيبة، وأحيانا كمنطقة للتخلص من الشرفاء الذين يرفضون التزلف والانبطاح. - التضييق على العمل الجاد عبر محاصرة المقرات ، ورفض تسلم الملفات القانونية من أي إطار يرفض الولاء والخنوع. ب- الأسباب الاقتصادية : - غياب فرص الشغل بالمدينة نظرا لغياب المؤسسات الإنتاجية فاوراش الإنعاش الوطني هي الملاذ(500 درهم للكانزينة) - هزالة الأجور، فأمام غياب احترام قانون الشغل فاغلب المأجورين لا يبلغون الحد الأدنى للأجر - غياب أي مقاربة تنموية للمنطقة رغم أنها غنية وتزخر بالثروات الطبيعية (المعادن-أراضي فلاحية شاسعة-عدد مهم من المواشي...) ج- أسباب اجتماعية: - التعليم: - التأخر سنويا في تعيينات الاساتدة الجدد . - الخصاص المهول في الموارد البشرية. - الاكتظاظ في الأقسام. - هشاشة البنيات التحتية. - غياب الوسائل التعليمية. - اعتماد الأقسام المشتركة والضم لسد الخصاص. - غياب التحفيزات بالنسبة للعالم القروي.....الخ الصحة: - غياب اغلب التخصصات ورفض المعينين الالتحاق. - غياب الوسائل الضرورية مثل السكانير مثلا. - تردي الخدمات وما ينجم عنها من أخطاء كثيرة (لدينا عدة امثلة) - نقص كبير في الموارد البشرية. - تحول مستشفى بوعرفة إلى مستشفى لعبور وتكوين الكفاءات الجديدة بقطاع الصحة. النقل: - غياب النقل المزوج ، ونقل الأشخاص عبر الشاحنات والجرارات. - اغلب الحافلات التي تنقل المسافرين متهرئة وتنعدم فيها شروط الراحة. - تجاوز الحافلات للحمولة القانونية . - رداءة الطرق وتسببها في حوادث كثيرة(الإصلاحات لاتنتهي أبدا مثل صخرة سيزيف ) السكن: - لازال سكان الأحياء الهامشية يسكنون في مغارات شبيهة بكهوف الإنسان البدائي. - استفادة لوبي العقار من تفويتات الأراضي الجماعية. - توقف الدولة عن دعم السكن الاجتماعي لتشجيع المواطنين على الاستقرار. 2- خاتمة: هذه بعض الأسباب الموضوعية التي تدفع الناس ببوعرفة إلى الاحتجاج ، فمتى انعدمت هذه الأسباب ستزول حتما النتائج /الاحتجاجات. بعبارة أخرى فمادام المواطن ببوعرفة يشعر بأنه عديم الكرامة والمواطنة ، ومادامت المنطقة عنوانا من عناوين التهميش فلن يتوقف الاحتجاج ، وسيستمر المواطن في إبداع الإشكال الاحتجاجية المناسبة لكل مرحلة.