إمرأة تقتل طفلا وتطمر جثته بضفاف الوادي تبتر يده من أجل تسليمها لملك الجن للظفر بالكنز الموعود وجدة :ادريس العولة اشتهر المغرب منذ حقب طويلة بانتشار ظاهرة البحث عن الكنوز المدفونة بباطن الأرض ،وما تتطلبه العملية من تحضيرات واستعدادات أولية، وما تصاحبها أيضا من طقوس وتقاليد لا يمكن الاستغناء عنها لضمان نجاح عملية الفوز بالكنز المفقود، أين تزول وتنمحي القيم الإنسانية وتتجرد من النفوس التي تصبح مغلفة بجلد الطمع والجشع، فكم من باحث عن الكنز انتهى به المطاف في غياهب السجون، ومنهم من قضى نحبه، وآخرون أفلسوا بعدما فقدوا كل ما يملكون بين أوهام الكنوز، حينما تعرضوا للنصب والاحتيال من طرف فقهاء يدعون القدرة على تطويع الإنس والجن للوصول إلى الهدف المنشود. الراعي الصغير لم يلج "أحمد" يوما باب المدرسة فقر أسرته وانعدام مؤسسة تعليمية بالدوار كانت عائقا في وجه تعليمه ، لما بلغ العاشرة من عمره سلمه والده لأحد الفلاحين في منطقة أخرى غير بعيد عن المكان الذي ولد فيه «أحمد» خلال نهاية سبعينيات القرن الماضي بجبال "بني يزناسن" ، من أجل تولي مهمة رعي الغنم، مقابل مبلغ زهيد لم يتجاوز بضع دريهمات عند نهاية كل شهر ، كان "العربي" والد "أحمد" يتردد بين الفينة والأخرى على مكان تواجد ابنه ليس من أجل رأيته والاطمئنان على حاله، بل كان يعود المنطقة طمعا فيما يتقاضاه طفله ، تعود "أحمد" رغم صغر سنه على الأجواء وصار يلاحق قطيع الغنم بين الحقول وعلى ضفاف الأنهار يحرصها من أي مكروه قد يصيبها ، يسوقها صباحا لتقتات وترتوي يعيدها مساء إلى الحظيرة لترتاح وتستريح ظل «أحمد » على هذا الحال يعيش بين القطيع في الحقول والوديان لم يعرف للهو واللعب سبيلا، أصبح رجلا قبل الأوان يعاقب لم ينعم بطفولته كباقي أقرانه ويحاسب على أي فعل صدر منه لا يخالف ولا يتمرد على أوامر مشغلته"حادة" التي كانت تقسو عليه بشدة تنهره أمام الجميع لا يقو إلى النظر فيها فبالأحرى مواجهتها كان يخاف من بطشها ومن عذابها أيضا، بدأ "أحمد" ينمو شيئا فشيئا صار عمره 13 سنة بدأت تراوده فكرة الهرب، لكن أين المفر؟ صارت مهمته تكبر بعدما تعمدت مشغلته إقحامه في أعمال فلاحية أخرى تفوق قدرته البدنية تحمل العبء واستسلم لأمر الواقع، شكى لوالده أمره فلم يعره أي اهتمام ولم يكترث لمأساته ومعاناته فهمه الوحيد الظفر بعائداته. وصية الفقيه في صيف من تسعينيات القرن الماضي، جادت السماء بأمطارها على منطقة العيون الشرقية، أين كان يشتغل الغلام "أحمد" ، فلم تبخل الأرض بعطائها وسخائها ، فقررت "حادة" أن تقيم عدة ولائم تدعو إليها أهل القبيلة والفقهاء للتباهي أمام سكان القرية بكرمها وجودها حيث كانت لا تتردد في الإغداق بالمال والهدايا على الفقهاء طمعا في "البركة" ، حصل مرة أن رأى أحد الفقهاء من كانوا يترددون على منزل "حادة" الطفل "أحمد" فطلب منها أن تعتني به جيدا لكونه من أهل الخير وأنها في حاجة إليه، إن هي أرادت أن تصير صاحبة جاه ومال ، وقف الفقيه عند هذا الحد ووعدها بأنه سيشرح لها حكمة ومزايا الصبي في وقت لاحق بعدما يستشير مع كبير الجن الذي يسخره لقضاء مآربه في الموضوع، وما أن سمعت المرأة بالجن حتى انصاعت لأوامر الفقيه وتغيرت نظرتها للطفل "أحمد" وتعاملها معه ، لم يعد يستيقظ باكرا كما كان يفعل في السابق لرعي الغنم أصبحت له غرفة خاصة به ، صار واحدا من أفراد الأسرة الكل يحبه ويعتني به لم ترفض طلباته ، أصبح يرافق مشغلته "حادة" إلى السوق وفي باقي تنقلاتها يلازمها كظلها تخاف عليه من أي مكروه خوفا من قلقل وغضب ملك الجن الذي تحدث عنه الفقيه، لم يدرك "أحمد" كيف تغيرت الأمور بهذا الشكل، فتحولت القسوة والعذاب إلى حنان وحب، صار «أحمد» سعيدا بحياته الجديدة كان الفقيه يتردد بين الفينة والأخرى على منزل "حادة" يخبرها بأنك ملك الجن يطلب العناية بالغلام أكثر ، تجتهد "حادة" وتكد في تلبية الطلب وتنفيذ الوصية، بالغت في الاهتمام به صار مدللا بدأت الغيرة تتسرب إلى الأبناء "الراعي" يسرق عطف وحنان والدتهم لم يعرفوا أنها تطبق تعليمات وأوامر ملك الجن حسب زعمها. الكشف عن حكمة الراعي ظل الفقيه على هذا المنوال إلى أن حان الوقت للحسم في الأمر ويوضح حكمة الغلام ل"حادة" التي كانت تنتظر ذلك بفارغ الصبر، أخبرها بأن ملك الجن يبشرها بخير وفير وأنها ستصبح من ذوي الجاه والمال والنفوذ في المنطقة برمتها ، بعدما أخبرها بأن الأرض التي تملكها بالقرب من الوادي ستنفتح في وجهها وتغدق عليها بكنز ثمين آمنت "حادة" واقتنعت بكلام الفقيه، الذي أخبرها أيضا بأن ملك الجن يرغب في كف الغلام "أحمد" لكونه "زوهري" وحكمة الظفر بالكنز الموعود هو بتر يده من أجل تقديمها قربانا لملك الجن حتى يرضى عنها ويسمح لحراس خزائن الكنز بتسهيل المأمورية لها للظفر بالغنيمة . أغواها الطمع استغلت "حادة" فراغ البيت من الأبناء، انفردت بالغلام ، تجردت من إنسانيتها، شنقته حتى ذاقت أنفاسه تحول إلى جثة هامدة، قامت ببتر يده، وضعتها في صندوق خشبي دسته في مكان آمن، طمست معالم جريمتها حملت جثة الطفل على ظهرها ، سارت في اتجاه ضفة النهر طمرتها هناك ، عادت إلى الدوار ، حل الليل شرعت "حادة" تبحث عن أحمد تسأل عنه أهل القرية الجميع انخرط في العملية، فشلوا في العثور عنه تظاهرت بالحزن والأسى، سجل الغلام ضمن لائحة الأشخاص المختفين، حل الفقيه بالمنزل سلمته اليد المقطوعة ، انسحب بهدوء نحو ملك الجن المزعوم لتسليمه المطلوب منه ، ظلت "حادة" تنتظر عودة الفقيه لإتمام عملية الحصول على الكنز الموعود، تأخر الفقيه هذه المرة عن الموعد ، حل والد «أحمد» سأل عن ابنه تم إخباره أنه اختفى عن الأنظار. كلاب القرية تكشف عن جثة الغلام ذات صباح كانت كلاب القرية في لحظات حميمية فيما بينها بضفاف الوادي ، اشتم كلب منهم رائحة آدمية تقفا أثرها صار ينبش بمخالبه تعمق في النبش ظهرت جثة طفل، تجمع باقي الكلاب تجمهر سكان القرية أخبرت السلطات المحلية والأمنية بالأمر، انطلقت الأبحاث والتحريات تم التعرف على هوية الضحية بدأ التحقيق من المحيط تم إيقاف "حادة' وزوجها والفقيه وإحالتهم على العدالة بتهمة القتل العمد والتنكيل بالجثة.