في وصف كاريكاتوري صائب لناشط سياسي معروف داخل حزب مشارك في حكومة عباس الفاسي في وجدة، شبه مجلس الجهة الشرقية بالقسم، أو الفصل الدراسي، حيث شبه الوالي بالمعلم" لمعلم" الآمر بالصرف في" شكارة" مالية مجلس الجهة، وشبه رئيس الجهة بالتلميذ النجيب المسؤول في قسمه عن الطباشير، والممسحة ودفتري، الغياب والنصوص، كما شبه أعضاء المجلس الجهوي بتلاميذ القسم الذين لا يحملون في محافظهم/ رأسمالهم غير" الكلامولوجيا" ويتسابقون لنيل عطف ومرضاة المعلم، إلا من رحم ربك. الدور الطلائعي لمجلس الجهة في خبر كان
تنبثق الاختصاصات القانونية للمجالس الجهوية، من ميثاق الجماعات المحلية، لكن الدور الطلائعي الذي أسنده القانون لها – حسب بن علال حسين، العضو في مجلس الجهة، والباحث الجامعي والمحاسب المعتمد – هو" توظيف ما لديها من إمكانيات مادية من أجل إنعاش الحركة الاقتصادية والسياحية بالجهة، ويعطي أهمية كبرى في تشجيع الاستثمار، واستقطاب رؤوس الأموال من خلال خلق مناطق صناعية، ذات هيكلة تنافسية، أو عن طريق ما يسمى بالشركات ذات الاقتصاد المختلط... مع السهر على أن يكون هناك تكامل اقتصادي بين مختلف أقاليم الجهة، وذلك بتحسين مبادلاتها التجارية مع باقي جهات المملكة"، كما أن المكتب المسير المنتخب( في إطار مهرجان الركل، واللكم، والسب بمقر الولاية، في رمضان يوم: 10 نونبر 2003 ) وجد اعتمادات مالية، تقدر ب 11 مليارا و400 مليون سنتيم، أضيف إليها مداخيل ثلاث سنوات الماضية، والمقدرة بحوالي 12 مليارا، و 500 مليون سنتيم، لكن المؤسف أن توظيف هذا الاعتماد، اتسم بعدم التركيز على احتياجات الجهة، وعدم القدرة على توظيف هذه الاعتمادات المادية، وكذلك الطابع الإقليمي والانتخابوي المعتمد في تدبير ميزانية الجهة.. علما أن ميزانية التجهيز بالمجلس ضعيفة من حيث الكم( لا تتعدى 35 بالمائة)، ومن حيث الكيف والنوع، نجدها عبارة عن دفعات للجماعات القروية، والوكالة الحضرية، والمركز الجهوي للاستثمار. ويضيف نفس المصدر، بأن" جل القرارات، كانت تخضع لهاجس الانتخابات، ولا تتسم بالموضوعية والعقلانية والشفافية؛ مما يفقدها الحكمة في تدبير ميزانية الجهة بالشكل المطلوب"، ويختم قوله" إنه لا يوجد أي قيمة مضافة تحسب على الجهة، والتي تدخل في اختصاصاته؛ كالنهوض بالاستثمار والشغل في الجهة".
مجلس الاتكالية والانتظارية والملايين للرئيس للإقامة في فنادق الجهة
الزميل رشيد زمهوط، كاتب فرع النقابة الوطنية للصحافة المغربية بالجهة الشرقية، ومدير نشر جريدة" صدى وجدة"، يرى بدوره أن" الجهة ككل، بكاريزمية موظف سام، لا ينكر أحد فائض القيمة الذي أنتجه للجهة، إلا أن نقله، أو انتقاله إلى مسؤولية، أو منطقة أخرى، من شأنه كما يقدر مهتمون أن يعيد عقارب الزمن الجهوي إلى نقطة البداية؛ في غياب كفاءات، قادرة على مسايرة الإيقاع، أو على الأقل الحفاظ على ما أنجز. على أن التحدي الأكبر المطروح في هذه الحالة، يتمثل في سلوك الاتكالية والانتظارية الذي أصبح يطبع مزاج بعض المنتخبين، وأيضا المسؤولين المعتادين بقوة الواقع على انتظار ما تجود به قريحة والي الجهة من أفكار، وما يبذله من مساع لجلب المشاريع والأوراش. تظل مؤسسة الجهة والتي من غريب المفارقات أن ميزانيتها السنوية لا تشكل إلا ثلث ميزانية جماعة حضرية كوجدة بمثابة ذلك الرضيع الذي استعسر فطامه، ويشكل استحقاق تجديد مكتبه المسير.. بمثابة الفرصة الذهبية لأعضائه ليبرهنوا .. على إرادتهم على نفض الجبة السياسوية الضيقة، والتخلص من عقلية/ القطيع/ وثقافة القبلية والإقليمية الضيقة؛ التي أكدت عدم جدواها في تدبير شأن جهة، تتلمس سبل الانطلاق وسط الأشواك."، والتي زادها رئيس الجهة ضراوة؛ باستغلاله للمال العام، بمباركة السلطة الوصية، عبر تسديد مجلس الجهة لملايين فاتورة إقامته بفندق" إبيس" بوجدة، وهو الذي يملك بها مدرسة خاصة للتعليم، وله من الأموال التي تغنيه عن المبيت و... بالفنادق كسائح، أو مسافر.
المطالبة بمراجعة القانون المنظم للجهات
محمد العزوزي، أحد نواب رئيس الجهة، أكد بدوره أنه" يمكن الجزم بأن نشاط المجلس، غير ذي جدوى كبيرة؛ في غياب إستراتيجية، وأهداف محددة، ومضبوطة مسبقا" وأن" مؤسسة الجهة، مازالت لم تمارس بعد مهامها، وأدوارها الطبيعية؛ وفق الأهداف والتصورات المطلوبة، وهناك قناعة عامة محليا ووطنيا بأن القانون المنظم للجهات، يتوجب مراجعته تدريجيا ليلائم التطورات الحاصلة، ويستجيب للحاجيات المعبر عنها في أكثر من مناسبة.. هناك نقاش حاد يتفاعل في الحقل السياسي حول ماهية الجهة ودورها، ويتوجب وضع حد لتداخل الاختصاصات داخل هياكل هذه المؤسسة، مع مراجع جذرية للنصوص المنظمة لانتخابات هذه الهياكل التي يطغى عليها الفكر الإقليمي الضيق. وهناك تحد مالي أساسي، فالكل يقول إن المجالس الجهوية بمثابة قاطرة للتنمية، لكن بإمكانيات مادية محدودة جدا".
غياب الأفكار، وروح المبادرة، وحس المسؤولية، وطغيان الفكر السياسوي الانتخابوي
كما لخص العزوزي المشاكل الداخلية لمجلس الجهة في" غياب الأفكار، وروح المبادرة، مع عدم الانسجام الحاصل بين أعضاء المكتب والرئاسة، وعدم إدراك حس المسؤولية، وحدود الاختصاصات؛ في إطار ثقافة جهوية، لا محلية فقط، وظاهرة الغياب عن ممارسة المهمة، والفراغ على مستوى التواجد اليومي للرئيس( غياب شبه دائم) ولأعضاء المكتب، وطغيان الفكر السياسوي الانتخابوي الضيق؛ مما انعكس على نشاط اللجان، وشل أشغالها، وهي التي لم تصل بعد إلى ثقافة العمل الجماعي، وظلت بعضها تشتغل مناسباتيا، أو تحت ضغط الضرورة القانونية الملحة، كلجنة المالية، ولجنة الفلاحة، في حين أن عمل باقي اللجان، لا يفيد المجلس في شيء؛ في غياب رؤية واضحة لتصريف وتنفيذ توصياتها التي ينتهي بها المطاف إلى أرشيف الجهة. ومن غريب الصدف أن لجنة إعداد القانون التي يترأسها بقوة القانون رئيس الجهة، لم يسبق لها أن اجتمعت منذ تشكيلها بالرغم من أهميتها، وحساسية أدوارها.".
توزيع الدعم المالي على جمعيات صورية بمباركة سلطة الوصاية
كما أكد أحد الفاعلين الجمعويين من جهة أخرى، أن المعيار الأساسي الذي اعتمده المجلس الجهوي في توزيع الدعم المالي للجمعيات الناشطة بالجهة الشرقية، هو المعيار الانتخابي، حيث تستغل أموال عمومية لأغراض انتخابية شخصية، ولتمويل جمعيات لوحدها؛ على الرغم من وجود مثيلاتها بالعشرات، وحصول جمعيات أخرى على الدعم، رغم أنها جمعيات صورية.. زيادة على أن توزيع ذلك الدعم، كان بعيدا عن معايير التكافؤ بين الأقاليم الستة المكونة للجهة الشرقية( أقاليم بركانوجدةالناظور جرادة تاوريرت بوعرفة/ فجيج)، وأيضا بين الجمعيات التي استفاد بعضها، وهي موجودة على الورق.. كما أن المجلس الجهوي، وبتحريض من جهات سلطوية رفضت تمتيع الفرع الجهوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية بالدعم المخول له إسوة بباقي الجمعيات، وتم الهروب وراء عدم موافقة القابض المالي على تفويت الدعم المخصص. وهو ما عبر عنه أحد الزملاء الصحافيين بوجدة ب" أن المجلس الجهوي رفض الدعم للنقابة، بعد ما منع عن جميع رجال الإعلام بالجهة التزود بالمعلومات والأخبار المتعلقة به وبلجانه المشلولة، بل، وقطع حتى عادة المكتب المسير السابق على عهد رئاسة مصطفى المنصوري، في استدعاء رجال الإعلام لحضور أشغال دوراته، وذلك حتى لا ينقل للرأي العام الجهوي والوطني فضائح التسيير، وخروقات التدبير المرتجل لأمور الجهة الشرقية بمباركة صريحة من سلطات الوصاية بالجهة. هذا، وعبرت أغلب جمعيات الجهة عن استيائها العميق من الإجحاف والإقصاء، ووجهت عدة نداءات عبر الجرائد الوطنية والجهوية لوالي الجهة باعتباره الآمر بالصرف بالمجلس الجهوي" لتدقيق وإمعان النظر بخصوص الدعم الذي حصلت عليه كل جمعية على حدة، والمقاييس التي اعتمدت في هذا الشأن، فضلا عن أن أغراضا انتخابية مقيتة، تحكمت وبشكل كبير في توزيع الدعم". لكن الولاية لم تتحمل مسؤوليتها في هذا الشأن،وغضت الطرف عن الموضوع، كما فعلت مع سابقيه، مكتفية بالتفرج على دفن الأموال العمومية في تراب جمعيات صورية وانتخابوية، زيادة على أن البعض في المجتمع المدني والجمعوي، فضل الصمت اتقاء ضربات الولاية تحت الحزام، وحتى الجمعيات الحقوقية، امتنعت عن إدراج هذه القضية في تقاريرها السنوية بمناسبة نهاية السنة الماضية.
غياب الرئيس عن جماعته حلال، وغياب أعضاء مجلس الجهة حرام
كعادة المكتب المسير الحالي في الاكتفاء باستدعاء وكالة المغرب العربي للأنباء، والإذاعة الجهوية، والقناة التلفزية الأولى، لم يستدع المجلس الجهوي الصحافة الوطنية والجهوية لحضور أشغال الدورة العادية لشهر يناير برسم سنة 2008؛ الذين علموا بها من مصادرهم الخاصة. وهي الدورة التي ستناقش في جدول أعمالها عدة نقط من بينها عرض عن الموسم الفلاحي واقع وآفاق، والحساب الإداري مع برمجة وتحويلات بعض الفصول، والمصادقة على محضر الدورة السابقة، وسلف يخصص للاستثمار في فيلا/ المقر الحالي للمجلس بعد بناء المقر الجديد، وغياب الأعضاء، وهي النقطة التي ستعرف جدلا واسعا وكبيرا خاصة مع سابقة محاولة عزل رئيس الجهة من عضوية الجماعة القروية التي ينتمي إليها. فحسب محضر دورة فبراير 2004 للجماعة القروية لرأس الماء التابعة لإقليم جرادة، قرر أعضاء المجلس بأغلبية ستة أعضاء، عدم مناقشة النقطة الثانية الخاصة بمناقشة إعلان عزل عضو المجلس الطيب غافس( وزير الصيد سابقا، ورئيس مجلس الجهة الشرقية حاليا عن حزب التجمع الوطني للأحرار)استنادا للمادة 20 من الميثاق الجماعي الجديد، بسبب عدم حضوره لدورات المجلس، وعدم تبرير غياباته المتكررة... لكن رسالة صديقه عامل إقليم جرادة( عدد 861/ ف.ج.م بتاريخ 20/02/2004) أنقذته من عزل محتوم، حتى وإن كان دفاع العمالة غير مبرر، وتبريرات غياب الرئيس أرسلت للعمالة، وليس لرئاسة الجماعة، ثم استمرار غيابه حتى مع انتفاء صفته كوزير.. وهي القضية التي أربكت حسابات الجماعة القروية لرأس عصفور، لتواجد حينها ثلاث نسخ مختلفة للمقرر المتخذ في اجتماع مجلسها في إطار دورة فبراير 2004، وهذه النسخ تختلف من حيث الحذف في المقرر المتخذ، ففي النسخة الأولى، كان المقرر المتخذ هو:" قرر أعضاء المجلس الحاضرون بأغلبية ستة أصوات، عدم مناقشة هذه النقطة، وتأجيلها بسبب غياب السيد الطيب غافس"، أما النسخة الثانية، فقد تم تشطيب عبارة:" وتأجيلها بسبب غياب السيد الطيب غافس"، مع وضع خاتم الرئيس على العبارة المشطبة بالبياض، لكن آثارها بقيت بادية، ووضع خاتم الرئيس على العبارة المحذوفة، يضع رئيس جماعة رأس عصفور في قفص الاتهام، وهو الأمر الذي دفع به إلى تغيير كتابة المحضر من جديد ، وعدم إدراج العبارة المشطبة، والاكتفاء بالمقرر التالي:" قرر أعضاء المجلس الحاضرون بأغلبية ستة أصوات، عدم مناقشة هذه النقطة".