ما زالت الحكومة، بعد مرور أزيد من سنة على انتخاب المجالس الجماعية، لم تصدر بعد النصوص التطبيقية لبعض الفصول الواردة في الميثاق الجماعي 00/78، منها تلك المتعلقة بالنص التنظيمي حول مخطط التنمية الجماعي والنص المتعلق بمعايير توزيع المنح على المقاطعات، وكذا النصوص التطبيقية حول الوضع رهن الإشارة (التفرغ) بالنسبة لرؤساء المجالس الجماعية، حيث توصل مجموعة منهم باستفسارات وإنذارات وتعرضوا للتوقيف من العمل بسبب انشغالهم بمهام جماعية. ومن بين النصوص التطبيقية التي يجري التكتم حولها، تلك التي تهم تعويضات رؤساء المجالس خصوصا بالمدن الكبرى، حيث تقرر إحداث أجرة لفائدة رؤساء المدن الكبرى الست، وكذلك الشأن بالنسبة لتعويضات رؤساء اللجان ونوابهم وكاتب المجلس ونائبه، بالإضافة إلى تعويضات رؤساء المقاطعات. وكشف أحمد بريجة، النائب الأول لرئيس مجلس مدينة الدارالبيضاء، أول أمس السبت، خلال يوم دراسي حول «مالية الجماعات المحلية»، نظمته الأمانة الجهوية لحزب الأصالة بالبيضاء، أن تأخر إخراج هذه النصوص التطبيقية ساهم في تعثر إنجاز مخطط التنمية الجماعي، فمن أصل 1500 جماعة لم تتم برمجة سوى 100 جماعة. وأرجع بريجة تأخر الجماعات في إنجاز هذا المخطط إلى غياب رؤية واضحة حول طريقة إنجازه، وأبرز بريجة أن العديد من المدن الكبرى لم تنجز لحد الساعة المخططات الاستراتيجية، حيث إن مجلسي البيضاء والرباط قد أوكلا مهمة وضع هذا المخطط لمكتب دراسات. من جهته، قال عبد الوحيد خوجة، الأمين الجهوي لحزب الأصالة والمعاصرة بجهة الدارالبيضاء الكبرى، إن إعمال مبادئ الحكامة الجيدة، ليس شعارا سياسيا، بل تفعيلا يوميا وجيدا للشأن العام المحلي. وأوضح خوجة أن نجاح مشروع الحزب يعتمد على خطاب مفهوم ووجود شباب طموح، مشيرا، إلى أن إعمال الحكامة الجيدة بالجماعات المحلية يكون عبر الإجابة والاستجابة لمتطلبات السكان. وفي السياق ذاته، دعا محمد منصر، رئيس مجلس عمالة الدارالبيضاء، إلى ضرورة إعادة النظر في طريقة تدبير ميزانيات مجلسي الجهة والعمالة، حيث أوكل المشرع مهمة الآمر بالصرف على التوالي إلى كل من الوالي والعامل. واعترف رئيس مجلس عمالة الدارالبيضاء، بأنه، كرئيس مجلس عمالة، لا يعرف أي فصل من فصول الميزانية قد استهلك ولا وضعية مالية مجلس العمالة، وقال إن دوره ينتهي بعد تهييء الميزانية. من جانبه، أبرز الدكتور مصطفى أبو علي، أستاذ بكلية الحقوق بطريق الجديدة، الذي ألقى عرضا حول مالية الجماعات المحلية، أن الطريق ما زالت طويلة وشاقة لتطبيق الترسانة القانونية المنظمة للجماعات المحلية، وأكد الدكتور أبوعلي أن الأمر يحتاج إلى تخليق، لأن القوانين موجودة، متسائلا عن مدى تطبيق هذه القوانين على مستوى الواقع، في ظل وجود العديد من الممارسات السلبية التي ما زالت تطبع سير بعض المجالس المحلية. ووصف الدكتور أبوعلي، إسناد المشرع مهمة الآمر بالصرف للوالي ب«الأمر النشاز»، مشيرا، إلى أن هذا الأمر مرحلي وسيتم تجاوزه مستقبلا. وكان الدكتور مصطفى أبو علي قد تناول في مداخلته المرجعية القانونية للمالية المحلية، كما تناول التأطير القانوني للسلطة المالية وكيفية وضع الميزانية (إعدادها والتصويت عليها) ومصادقة سلطة الوصاية، إلى غاية تنفيذ الميزانية ومراقبتها، سواء من حيث الرقابة الإدارية أو المراقبة القضائية التي يتولاها المجلس الجهوي للحسابات. وختم أبو علي مداخلته بسؤال عن مدى الاستقلال المالي للجماعات المحلية؟ وهل ظروف هذا الاستقلال متوفرة؟ وكيف يمكن استشراف المستقبل المالي للجماعات المحلية؟ وألا يمر تعزيز الجهوية المنشودة في المغرب عبر توضيح وتمتين وتخليق العمل الجماعي؟، متسائلا في الوقت ذاته «ألا تشكل المجالس الجماعية مشتلا لإنبات مسيري جهة الغد؟».