رحل إلى مثواه الأخير صباح يوم الخميس 10 شتنبر 2009، الحاج عبدالكريم الزرهوني أحد أهرام شيوخ موسيقى الطرب الغرناطي واحد كبار الفنانين العازفين على الآلات الموسيقية بمدينة وجدة وبالمغرب عن سنّ تناهز الثمانين سنة، ووري جثمانه الثرى عصر نفس اليوم بمقبرة سيد المختار بوجدة مسقط رأسه. وكان المرحوم الحاج عبدالكريم الزرهوني يعتبر من أقدم الموسيقيين الحاليين بمدينة وجدة التي ولد بها سنة 1929، واهتم بالميدان الموسيقي منذ صغر سنه بحيث انضم إلى الجمعية الأندلسية بوجدة سنة 1948، ثم بعد ذلك بدأ يحتك مع الموسيقيين الذين كانوا يأتون من مدينة فاس ومن مدن غرب الجزائر ومن عاصمتها. ومع بداية سنة 1950 عرفت مدينة وجدة تعايشا موسيقيا في الطرب الغرناطي من طرف المولوعين الذين إما تكونوا بالجمعية الأندلسية أو بغيرها مما دفعهم إلى تأسيس أول جوق محلي بالمدينة وهو جوق السلام. وكان المرحوم الحاج عبدالكريم الزرهوني من ضمن أفراده إلى جانب المرحومين الشيوخ إبراهيم الكرزازي ووراد بومدين وبنيونس بوشناق وأحمد الزموري وأقويدر مهدي والغوتي والعشعاشي وغيرهم... وقد بدأ مساره الموسيقي كعازف على آلة الكوبري ثم آلة البانجو ثم آلة الكمان وكذا آلة الفيلونسيل. وكان الجوق الذي انضم إليه المرحوم الزرهوني يهتم بأنواع من الموسيقى منها الطرب الغرناطي والقصائد والطرب العصري والطرب الجبلي الذي كانت تمتاز به مدينة وجدة آنذاك. وقد كان له عدة مشاركات مع فنانين كبار من طينة المرحوم محمد الحياني والفنان فتح الله لمغاري والفنان عبدالهادي بالخياط...كما كان يُعدّ عضوا بارزا في جمعية السلام لقدماء الطرب الغرناطي التي أسسها بمعية أصدقائه إلى أن أرغمته حالته الصحية الاعتزال في السنة الأخيرة قبل أن يلبي نداء ربه. وتم تكريم المرحوم عبدالكريم الزرهوني إلى جانب الشيخ لحبيب الرمضاني فنان الإيقاع ، يوم افتتاح الدورة الثامنة عشرة لمهرجان الطرب الغرناطي خلال شهر يوليوز الماضي، اعترافا لهما لما بذلاه من خدمات لهذا الفن الأصيل وللموسيقة بمدينة وجدة. "كان الحاج عبدالكريم الذي ودعناه في هذا اليوم رحمه الله ونحن على أبواب المقبرة، يمتاز بأخلاق رفيعة ومن أكبر الموسيقيين العازفين وفنانا بمعنى الكلمة وكان لي الشرف أن اشتغلت معه لمدة طويلة إلى جانب العديد من الشيوخ رحمهم الله..."يقول محمد مهدي رئيس جوق جمعية السلام لقدماء الطرب الغرناطي. وأضاف أن الفنان الراحل كانت له ميزة خاصة به لا تجدها عند غيره من الفنانين ، تتمثل في توفره على أذن موسيقية جدّ حادة إذ كان بإمكانه تسوية أوتار الآلات الموسيقية بالسمع دون أن يلمسها،بحيث كان ينطق النوتات كما هي، إضافة إلى سرعة استيعابه للنوبات في ظرف وجيز حيث كانت له ملكة وموهبة فريدة إذ كان يكفيه حصة واحدة أو حصتين للاطّلاع على النوبة الموسيقية للطرب الغرناطي ليعزفها بمهارة في الوقت الذي يحتاج فيه الموسيقيون الآخرون إلى شهور لحفظها والتمرس على عزفها. واعتبر المهدي أن رحيل المرحوم الزرهوني فقدان آخر أهرام شيوخ الطرب الغرناطي بميدنة وجدة والجهة الشرقية. وعبر رئيس جميع السلام للطرب الغرناطي عن أمل ورغبة موسيقي المدينة الألفية أن يطلق اسم المرحوم الحاج عبدالكريم الزرهوني أو المرحوم أحمد الزموري على إحدى القاعات المخصصة للموسيقى تكريما لعطاءاتهما وتخليدا لفنهما وتأريخا لفناني مدينة وجدة مدينة زيري بن عطية. كما أشار إلى أن جمعية السلام لقدماء الطرب الغرناطي تعتزم تنظيم أيام موسيقة بتنسيق مع الجمعيات اموسيقية الأخرى تكريما لشيوخ الطرب الغرناطي الذين افتقدتهم الساحة الفنية الموسيقة بمدينة وجدة.