مصطفى بلحلومي / ... بهدف إعطاء صورة حقيقية عن الواقع المرير الذي تعيشه منظمات المجتمع المدني بوعرفة ... الجمعيات ببوعرفة تحتضن مدينة بوعرفة عددا كبيرا من الجمعيات ، تختلف كل منها بحسب الهدف الذي أنشئت من أجله للإطلاع على ملفات هده الجمعيات رصد ت هده الدراسة أو التقرير الذي يشمل أنشطتها وتمويلاتها ومشاريعها ورسالتها ورؤيتها. تهافت الجمعيات بالمدينة: بلغ تعداد الجمعيات بالمدينة 320 جمعية تقريبا (إحصاء غير رسمي)، فإذا قسمن هذا الكم من الجمعيات على عدد السكان البالغ 28830 نسمة سنجد أن هناك جمعية واحدة لكل 91 شخصا ، وبه تكون مدينة بوعرفة عن بكرة أبيها من الصبيان الرضع الى الشيوخ الركع ،الكل منخرط بالجمعيات، فهذا أمر يثير الإعجاب و الاستحسان في ان واحد..! ويسجل في سجل غينيتس العالمي للأرقام القياسية. تهافت الجمعيات و تكاثرها بالمدينة بهذا الشكل يضعنا أمام كثير من الأسئلة الحائرة التي منها: هل حققت هذه الجمعيات الهدف الذي أنشئت من أجله؟ وهل أسهمت في تأهيل الشباب لسوق العمل في ميدان التنمية؟ كم من الشباب الدي دعمته لإدارة المشروعات الصغيرة؟ أو كم من الشباب المنقطع عن الدراسة الدي ساعدته على التكوين ؟ الخ من الاسئلة الاخرى. تصنيف نشاطها: فيما يتعلق بتصنيف الأنشطة، فلهذه الجمعيات أربع مستويات، أولهما: جمعيات نشطة لها تأثير لابأس به في المجتمع وعددها قليل جدا. جمعيات مستوى ثان: وهي جمعيات متعثرة ولها نشاط محدود وغير متواصل وهي كثيرة ، أما المستوى الثالث فهي جمعيات تنام سنوات ثم تصحو لبضع ساعات لاقامة نشاط عابر ثم تعود مجددا الى سباتها سنوات،.ومستوى رابع: وهي جمعيات غير نشطة بالمرة أو أن نشاطها تلاشى أو انتهى،أو حديثة العهد و التأسيس قد انفرط عقدها بعد أشهر من إنشاءها. فعند تفحصنا لنشاط هده الجمعيات نجد انه لا يعبر عن الواقع ،فرغم ان قوانينها تتحدث عن غايات نبيلة: انجاز المشاريع التنموية والقيام بأنشطة ثقافية وفنية، او رعاية المرأة و الطفل والاهتمام بالبيئة الى غير دلك من الامور الايجابية المفيدة للمجتمع،غير ان الواقع والممارسة تمسخ هده الغايات وتصير مقلوبة، بحيث نجد أن عدد الجمعيات الفعالة لا يتجاوز5 % في أحسن الاحوال من الجمعيات الموجود بالمدينة. أبرز أنشطتها : ما أن يعلن عن دخول مناسبة من المناسبات الدينية كشهر رمضان المبارك او عيد الاضحى حتى تبدأ الجمعيات بالتسابق على توزيع المساعدات الغذائية للفقراء، كل وفق تصنيف خاص للفقراء والمحتاجين. فعملها الخيري هدا يتسم بالعشوائية والارتجالية ، فهي تنتقي فقراء تتواءم فيهم المواصفات الخاصة التي تعتمدها ، وتستثني آخرين محتاجين وفقراء لعدم وجود من يزكيهم من هذه الجهة او تلك، و بدلك فهي تسعى لمكافحة الجوع في المناسبات الدينية وتترك الجوعى طيلة العام. فحل الفقر لا يكون بتكريسه والسعي الى التخفيف على ضحاياها بسلة غذائية في المناسبات، فهدا لن يخرجهم من حالة الفقر والفاقة بل الحل يكون بوسائل أخرى أكثر جدوى ونفعاً تكفل لهم ولأسرهم حياة كريمة، وتحول تلك القوة المفرغة من العمل والعطاء الى قوة عاملة، قوة تساهم في البناء والتنمية وتحرك عجلة الإنتاج. والمؤسف في الامر ان الكثير من هؤلاء الفقراء يحصلون على المساعدات بصور مهينة، فقد خرجت علينا في مطلع السنة احدى الجمعيات النسائية، وهي تقوم بعملية فطور جماعية لبعض النساء ذوات الوضعية الصعبة على صدى الكاميرات، فهده الجمعية تحاول ان تبني مجدها الشخصي ومكانتها من خلال التقاط ونشر مثل هذه الصور التي تحمل إذلالا وامتهانا للإنسان الفقير.. فهي تعطي الفقير فطورا لا يتعدى دريهمات قليلة وتلتقط له عشرات الصور، التي تذهب لترويجها. فان كان عمل الجمعية هو عمل اجتماعي إنساني بامتياز،فهو يتطلب تجنب أية طريقة قد تفقد ه بُعده الإنساني ويتحول إلى إهانة الفقراء وامتهان لكرامتهم. - فا الصورة مؤسفة ومؤلمة فعلاً..و هدا دليل على ان هده الجمعية تمارس عملها بعيدة عن الإخلاص، ويلهث مسئولوها للبحث عن السمعة والتسميع، وهو ما يعد فشلاً ذريعاً لتلك الجمعية ، التي كان الأحرى بها ان تعلن مطلع كل عام عن إنجازاتها في الحد من الفقر والبطالة! وكم من الشباب الفقير الذي أهلته؟، أ وكم من الفقيرات اللواتي حولتهم الى سيدات اعمال ومنتجات يساهمن في التنمية ؟، أوكم من امرأة دربتها وأهلتها لتصبح منتجة؟، وكم من مشغل صغير فتحت في الاحياء الفقيرة، وكم من مشروع دشنته خلال هذا العام او ذاك يشغل ممن استهدفتهم بالتدريب والتأهيل، المنح والاعانات: انعدام عدالة التوزيع تطرح قضية توزيع المنح و الإعانات على الجمعيات والنوادي الرياضية تساؤلات حول المعايير التي تتحكّم في ذلك أو المعتمدة، ان كانت تتعلّق بالأنشطة و بالنتائج المحققة أم بمعايير أخرى. حيث كان من الواجب ان تكون تلك المساعدات المالية محيّنة مع البرامج والانشطة و النتائج المحققة .فمثلا نجد ان عدد الجمعيات المستفيدة من منح واعانات المجلس البلدي برسم سنة 2014 _ هو36جمعية يتراوح مبلغ المنح والاعانات ما بين 00،500درهم خمسمائة درهم و (200.000 درهم) مئاتي ألف درهم ، منها خمس جمعيات رياضية مستفيدة :ثلاثة منها لكرة القدم ، تتفاوت منحهما ما بين مبلغ 3000,00 درهم ( ثلاثة الاف درهم) و 45000درهم (خمسة وأربعون الاف درهم) واثنين لرياضات اخرى تتراوح مبلغ منحهما مابين 1000,00 درهم و3000 درهم. اما لمادا تم اقصاء اندية وجمعيات رياضية اخرى تنشط بالمدينة من الاستفادة فهي الأخرى تطرح نفس الملاحظة. فادا كان هدا الكرم الحاتمي ( المنح والاعانات) مقياسا ، فما علينا الى ان نسبح بحمد المجلس البلدي على هده اللفتات الكريمة التي هي هدر للمال العام،اما ادا كانت الانشطة و الابداع والنتائج المحققة هي المعيار، فعلينا أن نتوقف عندها. فلعبة المنح لعبة مشروعة لكن ادا اتفق على شروطها. أهم العيوب والعوامل التي تعيق عمل هده الجمعيات: باستثناء بعض الجمعيات القلائل، نجد نقص الوعي بالعمل الجمعوي لدى معظم هده الجمعيات التي يبدو انها لم تتعود على العمل الجمعوي التطوعي، وقد يكون الهدف من إنشاء ها وتأسيسها هو الاسترزاق المادي بالدرجة الأولى، بانتهازية جديدة، الاساس من وراءها الربح الشخصي، و الشهرة الشخصية للمؤسسين أو القائمين عليها واستغلالها في ابتزاز المؤسسات المحلية والخاصة، فتحولت من مجال عملها الرئيسي إلى غرض الربح وكسب الأموال وتحقيق المصالح ، مبتعدة بدلك عن تفاعلها بقضايا ومشكلات المجتمع المحيط بها . ومن أبرز الصعوبات التي تواجه هده الجمعيات كدلك، فتتمثل في عدم التعاون و التشارك فيما بينها.وعدم وجود الشفافية والنزاهة عند تنفيذها للمشاريع والبرامج المدعومة محليا وخارجيا، ، وعدم تطبيقها للوائح والقوانين التي تنظم طريقة عملها. و البعض الاخر أغلب أنشطتها وأعمالها عبارة عن أنشطة مكتوبة حبرا على ورق وإن وجدت على الواقع فإنها أنشطة وأعمال سطحية بغرض الترويج الإعلامي فقط. و بعضها الآخر قد يكون تمثيل فقط لشخص لم يتمكن من تحقيق أهدافه بالحصول على الوظيفة أو المال ولذا يجعل منها مصدر رزق له. لكن الوجه الآخر في هذا الموضوع هو أن بعض هده الجمعيات تعمل بطابع سياسي أو للترويج لمشروع حزبي معين بدون الاهتمام الحقيقي بالمجتمع. غياب الرؤيا أثبتت السنوات الماضية بالتجربة المعاشة ، أن أغلب هده الجمعيات تعمل دون رؤيا لعدم وجود استراتيجية واضحة مبنية على رؤية ورسالة محددة ، منها عدم احترام التخصصية في مجالات العمل لدى معظمها، حيث نجد جمعيات تشتغل في كل المجالات، كما ان انعدام التدبير الديمقراطي للجمعيات بخصوص آجال عقد الجموعات العامة في مواقيتها او سرية هده الجموعات لتجديد المكاتب وعدم علانيتها لتقديم حساباتها المالية عبر التقارير الادبية و المالية لانشطتها . فمن المؤسف له أن هده الظاهرة متفشية حتى في اوساط الجمعيات التي تدعو نفسها ب( النخبة)، ومن المفارقات الصادمة في هدا الصدد، نجد أن التعاونيات و الجمعيات بالعالم القروي تعقد جموعاتها العامة بمدينة بوعرفة علنيا و تدعو العموم لحضورها،و قد يتخلل هده الجموعات مناقشات حادة التي هي أمر طبيعي و ضروري، و تخرج في اخر المطاف متراضية و متفقة على جميع قرارتها.في حين نجد أن احدى الجمعيات التي تدعي بالنخبة تعقد جمعها العام بسرية تامة وتعين أعضاء مكتبها في غيابهم. كل هذا يجعل من هده الجمعيات تنحرف عن هدفها الرئيسي و تصبح أنشطتها خارج الشرعية القانونية الشيئ الدي يساهم في اضعاف نشاطها وتصبح مجرد وعاء لتنفيذ أجندة ما. ; انقاد ثقافة المجتمع المدني يجب انقاد ثقافة المجتمع المدني بالمدينة قبل ان تتحول الى تجارة و مصالح شخصية، فالمدينة تحتاج الى جمعيات تعمل من أجل المجتمع وليس من أجل أحزاب أو أشخاص، تحتاج المدينة إلى منظمات مجتمع مستقلة، برنامجها الأساسي مبني على احتياجات المواطنين الاقتصادية والثقافية والإنسانية والفنية والترفيهية. تحتاج المدينة الى رياضة حقيقية،و يجب ان تكون المنح في مستوى النتائج التي تحققها الفرق الناشطة ، لا سيما الالعاب التي تجلب الألقاب كألعاب القوى، الفروسية، الرماية، الفنون القتالية، الملاكمة، الجمباز، الكرة الطائرة الكرة الحديدية وغيرها. وتحتاج المدينة كدلك الى رياضة لكرة القدم وجمع مكوناتها وطاقاتها تحت لواء واحد، تمثل المدينة في المحافل الرياضيةالوطنية. نبدة تاريخية عن بعض الجمعيات ببوعرفة: الجمعيات الرياضية : جمعية ( الرشاد) لكرة القدم: هذا النوع من الجمعيات هو الاهم نوعا و و يشكل الجيل الاول من الجمعيات الذي برز بعد الاستقلال وهو النشاط الجمعوي الوحيد الذي كان معروفا انداك ، الى ان افل نجمها في اواخر الستينيات. جمعية ( الفتح) لكرة القدم: تأسست خلال النصف الاول من السبعينيات من القرن الماضي، تم تأسيها من طرف بعض الطلبة والشباب الرياضي ببوعرفة.فقامت بدورها خير قيام وحركت قدر المستطاع مستنقع رياضة كرة القدم بالمدينة الآسن، قبل أن تنكفأ على نفسها، داهبة بثمرة جهود مرهقة استغرقت سنوات. جمعية الصندوق المدرسي : برزت هده الجمعية بشكل ملح في اواخر الستينيات . وكانت رسالتها تكمن في تمكين الفئات الفقيرة في متابعتهم دراستهم، وكان لها الفضل في اقبال أعداد كبيرة من هده الفئات على الدراسة . فرع جمعية الهلال الاحمر المغربي تأسست في النصف الثاني من السبعينيات ومند تأسيسها وهي تتعثر في مشيها ، دورها للأسف غائب جداً، وليس لها أي نشاط يدكر ،تعمل بطابع حزبي، جموعتها السنوية تمر في سرية كاملة. الجمعية الخيرية ( دار الطالب )تأسست في مطلع الثمانينات من القرن الماضي، مولت في أول الامر من المحسنين و فاعلي الخير .فحكاية هذه الجمعية الخيرية حكاية عجيبة،حيث غير قانونها الاساسي, وتحولت الى وعاء لتنفيد مشروع حزبي معين وعاشت مشاكل جمة ادى بها اخيرا الى القضاء. جمعية قدماء تلاميح ببوعرفة: ولدت هده الجمعية بعد مخاض طويل، في اواخر الثمانيات من القرن الماضي، تعتبر من بين أنشط الجمعيات المتواجدة على الساحة الثقافية انداك وحضورها في أغلب المحافل المحليّة أمر مسلم به، وانضوى تحت لواءها غالبية المثقفين والأطر المعروفة على اختلاف انتماءاتهم ، وان كان لها ان تتباهى فلأنها كانت شمعة مضيئة في ظلمة ثقافية كانت مخيمة على المدينة انداك، وتردد صداها في انحاء الوطن بل حتى خارجيا. فأراد عضو من مؤسيسها وهم رئيس مجلس بلدي سابق ان يستغلها لمأربه الشخصية والسياسية فاستعصى عليه دلك فوأدها ،كالجاهلي الدي ينجب الفتاة ليئدها. تلكم بعض المشاهد عرضتها هنا،بهدف اعطاء صورة حقيقية عن الواقع المريرالدي تعيشه منظمات المجتمع المدني بوعرفة.ونقل صورة واقعية عن حال هذه الجمعيات بعيدا عن الصورةالمحدبة المعروفة عنها التي تعكس مقاسات غير دقيقة وخادعة.