بسم الله الرحمن الرحيم "إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس فتذكر قدرة الله عليك..." هذه كلمات حفظتها في صغر سني عندما قالها والدي حفظه الله موبخاً أحد أخوتي والذي اعتدى على أحد العمّال ! وهي من أكثر الكلمات التي أسمعها دائما من والدي حفظه الله، ولا زال يرددها حين يرى ظلماً يقع على أحد الضعفاء الذين لايملكون حولاً ولا قوة إلا بالله سبحانه وتعالى. تعود هذه الكلمات لذاكرتي كلما مرّ علي ذِكر أحد المسئولين - الذين يتهاون في حقوق الناس فيبخصها أو يتعمد ظلمهم فيسعى إلى قطع أرزاقهم ويتحكم في حال الضعفاء إما بضربهم أو سجنهم أو شتمهم - فأتساءل حينها: كم من مسئول سمِع بهذه المقولة، و هل يدرك كل مسئول وصاحب منصب هذه الكلمات؟! و هل يتذكر هؤلاء المسئولون وأصحاب المناصب الحكمة التي تقول ( لو دامت لغيرك ما وصلت إليك ) و هل يتذكر هؤلاء أن مصيرهم المحتوم مهما طال إما أن يموت أو يحال إلى التقاعد أو العجز ثم يصبح في المجتمع نسيا منسيا ولنا عبرة في الآخرين من الطغاة وغيرهم وكل الظلمة وأعوانهم والذين ألقاهم الناس في مزبلة التاريخ بين شريد وطريد وخائف مذعور أو رهين اعتقال سلبت منهم النعمة وأحاطت بهم المحن ونزعت عنهم الكرامة وأصبحوا عبرة لمن يعتبر . بل هل يتفكرون في قوله تعالى (وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ )؟ و هل يتعظون من قول النبي صلى الله عليه وسلم ( من أعان على خصومة بظلم أو يعين على ظلم لم يزل في سخط الله حتى ينزع ) رواه ابن ماجة ، وقوله صلى الله عليه وسلم : (إن الله ليملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته ) وفي حديث أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم ) ؟ مساكين هم المسئولون وأصحاب المناصب الذين قٌدِر لهم أن يحكموا الناس، فظلموهم و تعالوا عليهم، مساكين! أن على المسئولين وأصحاب السلطة من الحكام والوزراء أن يتقوا الله فيمن تحت أيديهم وأن يخافوا الله في الضعفاء ومن ليس لهم حول ولا قوة إلا بالله وليتذكروا أن لهؤلاء أطفال وزوجات وأن يتقوا عاقبة الظلم ومصير كل ظالم متكبر وأن مآله إلى القبر وكذلك أعوان الظلمة وهم عيون للظلمة وأيديهم التي يبطشون بها وعقولهم التي يفكرون !! قيل ليحيى البرمكي وهو في السجن يا أبت أبعد الأمر والنهي صرنا إلى هذه الحال، قال لعلها دعوة مظلوم سرت بليل غفلنا عنها ولم يغفل الله عنها. لاتظلمن إذا ما كنت مقتدراً *** فالظلم آخره يأتيك بالندم نامت عيونك والمظلوم منتبه *** يدعو عليك وعين الله لم تنم حكي أن الحجاج حبس رجلا ظلما فكتب إليه رقعة فيها: قد مضى من بؤسنا أيام ومن نعيمك أيام، والموعد القيامة، والسجن جهنم، والحاكم لا يحتاج إلى بينة، وكتب في آخرها: غدا عند الإله من الظلوم وما زال الظلوم هو الملوم أداموه وينقطع النعيم وعند الله تجتمع الخصوم ستعلم يا نؤوم إذا التقينا أما والله إن الظلم لؤم سينقطع التلذذ عن أناس إلى ديان يوم الدين نمضي وذكر الظلم في مجلس ابن عباس رضي الله عنه فقال كعب : إني لأجد في كتاب الله المنزل أن الظلم يخرب الديار فقال ابن عباس : تصديقه في القرآن العظيم ( فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا ) فيا أيها المسئول: هلا إتعظت بغيرك من الظلمة فإن لكل ظالم نهاية ، ولا يبقى للإنسان إلا ما قدمه من خير وسيذكره الناس بالخير والتاريخ مليء بأصحاب الخير وأصحاب الشر ، فماذا يبقى للإنسان إلا عمله وذكره الحسن بين الناس لأنه حتما سيموت وسيقف أم رب العباد !! و هلا إتقيت دعوة المظلوم فإنها تحمل على الغمام يقول الله ( وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين ) و يقول صلى الله عليه وسلم ( اتقوا دعوة المظلوم فإنه تصعد إلى السماء كأنها شرارة ) و أن ( ثلاث دعوات يستجاب لهن لا شك فيهن ، دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالد لولده . ) و أرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء