قامت فرقة مسرح الكاف بعرض مسرحيتها الأخيرة "سعادة الرايس" مساء يوم السبت 25 أبريل الجاري بقاعة سنيما باريس بوجدة بدعوة من الشركة الفتية "هابي نايت" للإنتاج الفني بعد غياب طويل للفرق المسرحية الوطنية عن المشهد الثقافي بوجدة وبالجهة الشرقية. وهي المسرحية من تأليف محمد اليوسفي وإخراج عبدالإله عاجل، تشخيص نجوم الزهرة وعبدالإله عاجل وعبدالرحيم المنياري ومحمد القلع وجواد العلمي وجمال البابسي وعبدالرزاق رابولي ومهول محمد.. وبهذه المناسبة، كان هذا الحوار مع الفنانة نجوم الزهرة زوجة الفنان عبدالإله عاجل؛ للحديث عن مسيرتها الفنية ضمن فرقتي مسرح الحي ومسرح الكاف... كيف كانت بداية الفنانة نجوم الزهرة مع المسرح؟ تحية فنية. كانت بدايتي في جمعية "فتح" مع أول مسرحية جمعتني بالأستاذ عاجل في مسرحية "زهرة بنت البرنوصي" سنة 1981، وكان ذلك بالنسبة لي أول عمل مسرحي حصلت من خلاله على جائزة أحسن تشخيص إناث سنة 1982، وكان ذلك بداية الأنطلاقة مع العلم أنه لم يسبق لي أن درست المسرح ولم أكن على دراية بقواعد اللّعبة، إذ كنت أمارس المسرح كهواية...لكن لما حصلت على جائزة أحسن تشخيص، قررت الدخول إلى الميدان وبدأت أدرس المسرح حتى تكون لي ثقافة وإلمام باللعبة المسرحية. التحقت بالمعهد الوطني للفنون والموسيقى وتابعت دراستي وأنا اليوم خريجة هذا المعهد... وماذا بعد الفترة المتعلقة بالهواة؟ كانت الانطلاقة مع الهواة، وكانت تلك الفترة أوج مسرح الهواة واستفدت كثيرا وكثيرا في مهرجانات الهواة حيث كانت هناك فرق عباقرة ك"السلام البرنوصي" للاستاذ محمد قاوتي،و"العمالي" بوجدة والأستاذ البلهيسي بتازة وجمعية فتح...كانت جمعيات يقام لها ويقعد، وللأسف لم توثق أعمالها التي كانت جميلة وجميلة جدّا ورائعة. دخلنا بعد ذلك إلى مرحلة الاحترافية مع مسرح الحي التي كانت انطلاقتها بمسرحية "شارب عقلو" وكانت ضمنها المرحومة ماجدة بدرالدين وكنت آنذاك قد انقطعت عن المسرح لفترة ثمان سنوات بحكم زواجي مع عاجل وبعد أن رزقت أطفالا. بعد وفاة المرحوم ماجدة، كان على مسرح الحي أن يبحث عن ممثلة لإتمام الجولة، فتم اقتراح اسمي كممثلة لذلك وكانت الإنطلاقة مع مسرح الحي، ثم تلتها أعمال أخرى "العقل والسبورة" و"حسّي مسّي" و"عين بين" و"حب وتبن"...وبعد ذلك كثرت الأقاويل حول مسرح الحي، وكتب عنه في الصحف واستعملت في حقه أوصاف كمسرح الجمهور، ومسرح الشباك، والمسرح التجاري، واسْتَأْتُ لذلك كثيرا بحكمي أنني زوجة عاجل وطلبت منه أن يردّ على تلك الأقاويل، فكان يجيبني بقوله أنه يعرف كيف يرد عليهم وذلك من خلال العمل فجاء تأسيس مسرح الكاف، وهو مختبر ومسرح نخبوي يعتمد قواعد اللعبة المسرحية، وهو كل هوس الأستاذ عاجل، وظَّف فيه كل خياله وإبداعه... هل يمكن اعتبار جمهور مسرح الكاف نخبويا؟ بطبيعة الحال، حيث إن الجمهور الذي يقصد مسرح الكاف جمهور مثقف على دراية كبيرة باللعبة المسرحية، بخلاف المتفرج العادي الذي يقصد مسرح الحي...والحمد لله منذ تأسيس مسرح الكاف والفرقة تحضى بالدعم من وزارة الثقافة بشراكة مع مسرح محمد الخامس الذي يقدم لنا المساعدة. كانت الإنطلاقة بمسرجية "بوتليس" التي حصلت على أربعة جوائز، ومسرحية "تيسليت" التي حصدت هي كذلك جميع الجوائز تقريبا، ومسرحية "الديموغراضي"، و"صرخة شامة" ومسرحية "سعادة الرايس" آخر أعمال مسرح الكاف... كيف تُقيِّم نجوم الزهرة مشاركتها كامرأة في الأعمال المسرحية؟ بالنسبة مشاركتي كامرأة لا في مسرح الحي ولا في مسرح الكاف،رغم أنه يقال إنني المرأة الوحيدة في المسرح، فأنا لا أحشر نفسي ولا أفرض نفسي على أحد. فأنا ممثلة ولست بخياطة أو طرازة، أنا ممثلة، والنصوص التي تطرح،لا يكون دوري من خلالها مبني أو محشور بحكم أنني زوجة المخرج...فبالعكس أنا بعيدة كل البعد عن هذه الأشياء، ومؤخرا طُِرحَتْ مسرحية بدون عنصر نسوي واقْتُرح على الكاتب إقحام دور نسوي، وأقولها بكل صراحة، لمّا اطّلعْت على الدور ووجدته مقحما رفضته رفضا باتا قاطعا، وأرفض رفضا باتا أن يخلق الدور لإرضائي. وإذا لم يكن هناك دور هادف مبني وشخصية مركبة، فلن أدخل في اللعبة لأن الجمهور المغربي ذكي وحين يشاهد المسرحية والأدوار يدرك بسرعة الأشياء... وما هو تقييمك لمشاركة المرأة في المجال الفني؟ الحمد لله، انفتحت المرأة على كل المجالات ومنها الميدان الفني واليوم نتوفر على كفاءات ولدينا فائض...خلافا لما كان عليه الأمر في الماضي حيث لقيت في بداية مشواري إكراهات وصعوبات بحكم انتمائي لعائلة محافظة والتي لم تكن لتقبل بابنتها تمارس المسرح وتغيب عن البيت بعد خروجها من المدرسة إلى غاية ساعة متأخرة من الليل بحكم التداريب بدارالشباب، لكن بمساعدة زوجي عاجل تمكنت من شقّ طريقي... كيف توفق نجوم الزهرة بين مسؤولية الزوجة والأم وعمل الفنانة الممثلة؟ بالطبع هناك إكراهات وتضحيات لأنه من الصعب أن توفق المرأة بين الزوج والأطفال والعمل، وهي مهمة صعبة ولا يمكن النجاح في ذلك إلا بالتضحية والتفاهم ومساعدة العائلة لتجاوز ذلك...ونطلب من أبنائنا المعذرة لأننا نهضم حقوقهم في بعض الأحيان بسبب سفرنا وغيابنا "نطلب منهم يسمحو لنا لأن أوليدتنا محتاجين لنا باش نجلسو معهم شوية..."، وهذا الجانب يؤثر كثيرا على مشاعري لأنني عاطفية، بحيث عند رؤية طفل في مسرحية ما يُثير دموعي، إذ لو بكى طفل يمكن أن يبكيني...ربما لأنني لم أعش طفولة عادية مع والدي بحيث تربيت في أحضان خالتي وربما أحس بنقص من الحنان ، حنان الأم والأب لأن لا أحد يمكن أن يُعوض دور الوالدين... هل تنصحين أبناءك باختيار طريق الفن المسرحي؟ لا أظن ذلك لأن الطريق صعب وشاق جدّا، وما زلنا لحدّ الأن نتصارع من أجل حقوقنا، لكن في كل الأحوال لا يمكن أن أوجههم إلى عمل ما بحيث الأمر يهمهم ولن أفرض عليهم ذلك، وسيخضعون لميولهم ولن أضغط عليهم وما يهم هو أننا سنساعدهم. هل يمكن أن نقول بأن هناك تراجع في المشهد المسرحي؟ لا بالعكس. فأنا أرى أن هناك تقدم في ظل المعهد الذي تأسس بالرباط والذي تخرج منه فنانات وفنانين على مستوى التشخيص أو السينوغرافيا أو الملابس. هناك كفاءات وكفاءات قوية جدا. أما بالنسبة للفرق الاحترافية هناك نوع من الركود مقارنة مع السنوات الماضية حيث كان هناك مسرح الحي والفرقة الوطنية لمحمد الجم، كان أنور الجندي ، كانت هناك الفرق المراكشية وفرق من وجدة وكان هناك تنافس...أنا لا أعرف أسباب هذا الركود رغم الإمكانيات المتوفرة...هل ذلك راجع لقلة النصوص؟ أو للدعم في حدّ ذاته؟ أنا لا أعرف. كيف ترى نجوم الزهرة تعيين امرأة في شخص ثريا جبران على رأس وزارة الثقافة ؟ هذا تشريف لأن الوزيرة فنانة ، وبهذه المناسبة أتمنى لها الشفاء واسترجاع قواها والعودة إلى مهامها... إنه تشريف كبير أن تنصّب فنانة من الوسط الفني حيث ستكون قريبة منا وقريبة من مشاكلنا ومن همومنا...أتمنى لها الصبر والقوة لمواجهة هذه المهمة التي أسندت إليها.