أسدل الستار مساء السبت الماضي على فعاليات الدورة الرابعة لفضاء تطاون المتوسطي للمسرح المتعدد بمسرح اسبانيول بتطوان، الذي نظمته مؤسسة المسرح الأدبي بشراكة مع الجماعة الحضرية لتطوان والمسرح الوطني محمد الخامس بالرباط من 21 إلى 29 نونبر المنصرم، بحضور الأستاذ محمد سعد العلمي الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان والكاتب العام لوزارة الثقافة وشخصيات فنية ومسرحية من دول متعددة، وبتقديم عرض مسرحي إسباني بعنوان «هل أنفي أحمر؟ « لفرقة مسرح الأكواريو بإسبانيا للكاتب والمخرج المسرحي الاسباني دييكو كوثمان. وتحكي هذه المسرحية عن حياة سكان شارع « كومرسيندا سينفين « المعاشة تحت توتر اعتادوا عليه ويتجسد في الاستعجال وعدم الاكتراث بالآخر وغياب التواصل إلى حد الإحساس أن ثمة شيئا يجمعهم: أنف الجميع أحمر. وفي هذه الحالة، سيقررون مذعورين أن يعيشوا كل يوم وكأنه آخر يوم في حياتهم. وقد عرف هذا الفضاء مشاركة لمجموعة من الفرق المسرحية التي أضفت عليه بعدا فنيا وجماليا أكثر عمقا من السابق، ومنها فرقة أسيوان من الرباط التي قدمت مسرحية « سلا الطرح « عن مسرحية «نهاية اللعبة « لصمويل بيكيت، اقتباس طاهر بنصغير وإخراج عبد العاطي لمباركي، ومسرح أكواريوم من الرباط الذي عرض مسرحية « طاطا مباركة» من تأليف الفنانة التشكيلية خديجة طنانة، التي تقتحم عالم المسرح لأول مرة بكتابة هذه المسرحية، وإخراج الفنانة المسرحية المتألقة نعيمة زيطان، وفرقة المسرح الحر من القاهرة (مصر) التي عرضت مسرحية « السعادة الزوجية» من تأليف عبد المنعم سليم وإخراج هشام جمعة، والبيت الفني للأعمال الدرامية من طرابلس (ليبيا) الذي شارك بمسرحية «مناوبة ليلية» من تأليف وإخراج عبد الله الزروق وتشخيص خدوجة صبري، وكذا مشاركة أمازيغية لجمعية تفسوين للمسرح الامازيغي بالحسيمة التي عرضت مسرحية « تاسليت ن وزرد» ( عروس من حجر) للكاتب سعيد أبرنوص وإخراج فاروق أزنابط (الذي تعرض لحادث سقوط على حافة خشبة مسرح إسبانيول أثناء التدريب، حيث بقي لمدة في غيبوبة مباشرة بعد إصابته في رأسه)، إضافة إلى مشاركة متميزة لجمعية حركة مسرح القليعة بالجزائر، التي تضم مجموعة من الممثلين الطلبة، التي قدمت مسرحية « الهايلة» من تأليف وإخراج يوسف تعوينت، والمسرح الجهوي باتنةالجزائر الذي قدم مسرحية « فوضى الأبواب « من تأليف أحمد رزاق وإخراج شوقي بوزيد، وتطرح هذه المسرحية التي لاقت إقبالا جماهيريا كبيرا إشكالية الاختلاف الطبقي وفوضى القيم، التي تولد كل أنواع الاختلافات والكثير من الخلل في المفاهيم البديهية للحياة. ولم تشارك تطوان محتضنة هذا الفضاء المتوسطي للمسرح المتعدد إلا بعمل يتيم لفرقة شباب المسرح الأدبي بمسرحية بعنوان «بغداد تؤجل عرسها» لمخرج شاب سعيد الحجوي، وهو ما جعل البعض يطرح في كواليس المسرح تساؤلات حول معضلة الواقع المسرحي المتأزم فنيا وأوضاع المسرحيين في تطوان. من جانب آخر، عرفت هذه الدورة المهداة إلى روح الزجال والمسرحي والسينمائي حسن المفتي تقديم دروع للفرق المسرحية المشاركة وتكريم مجموعة من الوجوه المسرحية التي أعطت الكثير للمسرح المغربي تأليفا وإخراجا، ومنهم خوسي مونليون، محمد هيسور، أحمد المجدوبي، حسن الطريبق، فاروق أزنابط، عبد العزيز الناصري، وأحمد البوطي. وبالمقابل تم تكريم المسرحيين يوسف الريحاني ورضوان احدادو من طرف البيت الفني للأعمال الدرامية بليبيا، والتفاتة تكريمية من المسرحيين الجزائريين أيضا لهذا الأخير. وفي تصريح خص به جريدة العلم، قال رضوان احدادوا رئيس مؤسسة المسرح الأدبي، الذي عبر عن امتنانه لهذا التكريم من الأشقاء المسرحيين الليبيين والجزائريين، إن مؤسسة المسرح الادبي تحرص على هذا اللقاء سنويا من أجل تطويره أولا، ثم من أجل الإشعاع، والتواصل، والتطارح وتبادل الخبرات والوقوف على الاجتهادات والمستجدات المسرحية التي تسعى من خلالها المؤسسة إلى تشييد جسر لحوار حضارات الضفتين، والانفتاح على الآخرين بالمسرح ولاشيء غيره. وكان حفل الافتتاح الذي حضرته وجوه مسرحية مغربية ومغاربية وعربية وإسبانية قد عرف توقيع اتفاقية شراكة بين مؤسسة المسرح الأدبي والجماعة الحضرية لتطوان، التي تم بموجبها تسليم بناية المسرح الوطني بتطوان (المصلى) لمؤسسة المسرح الادبي قصد الإشراف على تسييرها وتدبيرها إداريا وفنيا بعد الانتهاء من تجهيزها قبل متم سنة 2010. وتعتبر هذه البناية معلمة مسرحية تاريخية وتحفة فنية نادرة وتراثا حضاريا يجب المحافظة عليه.