تتوالى هذه الأيام أخبار الجالية وبعض المسؤولين عن مؤسساتها بما لا يفرح، وبما يؤكد فرضية الفشل الذريع الذي وصل إليه حال هذه المؤسسات من حيث التدبير. بعيدا عن أخبار مآسي الجالية ومشاكلها المتعددة عبر العالم، وبعيدا عن محاسنها وإنجازاتها وتألق أطرها في عوالم السياسة والتكنولوجيا والعلوم تجدنا نتابع أخبارا عن تدهور المؤسسات المغربية التي أُنشأت للتواصل معها وحماية مصالحها والاستماع لآرائها، هذا ورئيس مجلس الجالية يواصل استخفافه بالجالية وتجميده لهذه المؤسسة التي استبشرنا خيرا بتأسيسها ولا نزال، فلا المجلس اكتملت تشكيلته ولا التأمت جمعيته العامة ولا فسح المجال لاجتماع لجانه والقيام بدورها في صياغة التقارير عن الملفات المعروضة عليها وفي مقدمتها ملف الحقوق السياسية. هذا وأحد الأعضاء الذي ساهم فبفعله وصمته وتواطئه في تخريب هذا المكسب باعتراف منه بعد هجر وغيظ يخرج علينا عبر أمواج إذاعة هولندية لنشر غسيل رئيس المجلس الذي هو غسيله، وفضح ما شارك فيه عن عمد وسبق إصرار وترصد من هدر للطاقات والأموال وتذمير للأمل. المثير والمضحك في نفس الآن أن هذا العضو الذي أعلن عن استقالته عبر موجة متوسطة من خط جرينيتش خاطب الملك وحمله المسؤولية مدعيا الدفاع عن الجالية وناطقا باسمها. سخرية مثل هذه المشاهد تُذكرنا بذلك الذي شارك في النصب واتهم شركائه بالنصب عليه. لن أكون متشائما ولن أقول أن كل أعضاء المجلس وكل الذين ساهموا بحسن نية في تأسيس هذا المجلس هم شركاء في الخراب والتخريب ، بل أن بعضهم اتسم بالشهامة التي افتقدها العضو المستقيل عبر امواج الاذاعة وفضح هذه الممارسات في إبانها وصفع الباب في وجه رئيس المجلس وبعض أسياده، ورفض ان يكون عضوا في المجلس المذكور وأصدر كتابا يفضح كل الحقائق مرفقا بالوثائق، وتعرض جراء ذلك للسخرية من مثل صاحبنا المستقيل والتجاهل من كل ذوي القربى ورفاقه في المسير. أعني هنا الأستاذ عبدالحميد البجوقي وكتابه القيم عن مجلس الجالية والذي حمل عنوانا معبرا هو عنوان المرحلة إلى اليوم " زمن الهجرة وسياسة الخداع" ، بل تنبأ حينها بهذا الخطب العظيم، وكانت له الجرأة والشجاعة المشهودة لفضح سلوكات وسوء تدبير هذا الملف. أين كان صاحبنا حينها وهو الذي كان رفيقا للأستاذ البجوقي في لجنة الخبراء التي أسسها المرحوم بنزكري لمساعدة المجلس في صياغة الرأي الاستشاري المرفوع لجلالة الملك بخصوص هذا الملف؟ ولماذا ترك رفيقه وحيدا وصمت صمت شيطان أخرس مقابل فتات من تمويل نشاطاته ولقاءاته البئيسة. أدعو كل من فاتته تلك المرحلة إلى قراءة كتاب "زمن الهجرة وسياسة الخداع" للأستاذ عبد الحميد. الخلاصة أننا اليوم في مفترق طرق يتطلب مبادرة جريئة لإنقاذ مجلس الجالية من سكتة قلبية وشيكة، وربما متعمدة من طرف من تلاعب بهذه المؤسسة واستعملها في شق طريق مصالحه الخاصة ، وبعد أن ظن بلوغه المقصد يحاول اليوم تدميرها، وهنا أعني رئيس المجلس بمساعدة العضو المستقيل. المؤسف أنه رغم مآل هذا الملف وتداعياته الخطيرة على الجالية والدولة على السواء يبقى هذا المجلس المؤسسة الوحيدة التي جاءت نتيجة نضالات الجالية ويبقى دارها الوحيدة التي عقدنا ولا نزال عليها الأمل في تمثيل الجالية وفي تطورها نحو مؤسسة تمثيلية استشارية مؤثرة، وهو بالضبط ما تريد بعض الأطراف اليوم تدميره بعد أن أخذت منه وطرا. كان الأولى أن تكون هذه المؤسسة اليوم منبرا وإطارا للنقاش حول تفعيل الدستور الجديد فيما يتعلق بالجالية والفصول التي أفردها لها، وفي هذا السياق لا يسعني إلا أن أثمن مبادرات الدعوة لتنظيم منتدى مغاربة العالم سواء منها القادمة من باريس أو من الرباط ومن لجنة المواطنة التي كان العضو المستقيل مقررا فاشلا لها. كما أرى بالمناسبة أن اللحظة تتطلب بذل استقالات مضى زمنها والشكوى من تراجع صبيب الاستفادة الشخصية، أن نبادر بقوة وحزم لإنقاذ هذه المؤسسة والحفاظ على التراكمات على قلتها، والتشاور بجدية حول مستقبل مشاركة الجالية في بناء مغرب جديد. كذلك آن الأوان للتشاور في منتدى مفتوح وواسع حول أية حقوق سياسية؟ وكيف ؟ والتمثيلية في أية مؤسسات؟ وربما أولى بنا أن نطرح موضوع المشاركة السياسية بعيون أبناء وأحفاد الجيل الأول -لا بعيوننا القديمة – الذين يفضلون بوضوح المشاركة السياسية في بلدان إقامتهم أو بالأحرى في بلدان مسقط رأسهم. في هذا السياق كذلك أرى أن مشاركة مغاربة الخارج يجب أن تقتصر على الغرفة الثانية لأسباب متعددة وفي المجالس الاستشارية المتعددة وفي مؤسسات التشاور والرقابة بذل الالحاح في تمثيلية لا تستقيم في مجلس النواب. قد يرى البعض أنني غيرت رأيي السابق في هذا الموضوع وهذا نسبيا صحيح من حيث تحديد مجالات المشاركة لكنني لم أغير رأيي فيما يتعلق بمبدأ المشاركة الذي هو في مصلحة الوطن قبل أن يكون في مصلحة الجالية.