رغم أن بنكيران وعد بتشكيل الحكومة في غضون أيام، إلا أنه اصطدم بعراقيل دار المخزن وبشهية شركائه في الكثير من الحقائب وبمتاعب التوازنات سواء داخل حزبه و مع شركائه في التحالف الحكومي. ربما حقيبة الهجرة لم تكن محط صراع وشد وجذب، واستلمها حزب الإستقلال وعين فيها وزيرا لا علاقة له بالجالية وكأن الجالية لا أطر لها ويستلم معها المشاكل المتراكمة لمغاربة الخارج في علاقتهم بالوطن. على حكومة بنكيران والوزير المنتدب لديه المكلف بهذا الملف أن يتسلح بكل وسائل الصبر لمواجهة ما تراكم من مشاكل تزداد حموضة مع مرور الزمن وتفاقم الأزمة الاقتصادية في أوروبا، لن تنفع نكث بنكيران الحامضة في حل المشاكل الحامضة للمغاربة المقيمين بالخارج، وعلى من يتحمل هذه المسؤولية أن يبحث عن حلول مستعجلة لما تراكم من حيف وإقصاء وتهميش. في تقديري أن السيل وصل الزبى وسياسة النعامة لم تعد تنفع وعلى حكومة بنكيران أن تتحمل كامل مسؤوليتها في مواجهة ثلاثة مشاكل مستعجلة بعد أن ترقدت وأخذت منها الحموضة بفعل الزمن دون أن تتجرأ الحكومات المتعاقبة على الاقتراب منها. المشكلة الأولى تتعلق بمجلس الجالية الذي انتهت صلاحياته دون أن يجتمع أو أن تجتمع لجانه ولا حتى أن تكتمل تشكيلته والمطروح بشكل مستعجل أن تتحمل هذه الحكومة مسؤولياتها بالتدخل السريع في هذا الملف وبتقويم وضعه العليل وإعادة بناء المجلس بشكل يتماشى مع تطلعات المغاربة في الخارج، وأن تضع حد لشطحات رئيس فاشل ساهم بعناده وتخلف تدبيره لهذا الملف في تأجيج غضب الجالية وهدر الميزانيات دون طائل، ناهيك عن دور رئيس مجلس الجالية في حرمان مغاربة الخارج من المشاركة السياسية كغيرهم من المغاربة وكل بني آدم(انظر كتاب الأستاذ عبد الحميد البجوقي "زمن الهجرة وسياسة الخداع" 2009 الذي وضع تشخيصا دقيقا ومسؤولا لهذا الوضع الرديء لكل هذه المؤسسات). المشكلة الثانية تتعلق بمؤسسة الحسن الثاني التي لم نعد نعرف عنها وعن هياكلها شيئا يذكر ولا عن مجلسها الإداري الذي لم يجتمع مند ما يزيد عن 17 سنة ولم يتجدد وفقط نسمع عن التوظيفات الوهمية في هذه المؤسسة والسخاء في تمويل الحفلات الفلكلورية وغيرها.. والمشكلة الثالثة والمُستعجلة هو بنك العمل الذي أنشأته الدولة في عهد الملك الراحل لدعم استثمارات المهاجرين المغاربة ومبادراتهم الاقتصادية والتنموية ، والواقع أنه تحول لمصدر ربح البعض واستفادتهم ومعقلا لنهب المال وتمويل مشاريع وهمية وأخرى لا علاقة لها بالمهاجرين.هذا الملف بالخصوص يتطلب من حكومة بنكيران جرأة إضافية لما قد يفجر من فضائح ولما قد يمس من مصالح ولارتفاع درجة الحموضة في هذا الملف. الخلاصة أن موضوع الهجرة حامض ومعقد ومُتشابك، وعلى حكومة صاحب النكث الحامضة أن تباشره بجد وأن تطالب بصلاحيات تنسيق هذا الملف وبالوصاية على المؤسسات والادارات المعنية والمُتدخلة وأن تستعيد العلاقة مع مغاربة الخارج وكفاءاتهم وإطاراتهم الجمعوية بشكل جدي يعتمد إشراكهم المباشر في تدبير هذا الملف وفي تنسيق السياسة المغربية المتعلقة بالهجرة وفي اشراك المهاجرين وكل مغاربة الخارج في السياسة الداخلية وفي كل المؤسسات المنتخبة والاستشارية وغيرها. أملي أن تكون النكتة المقبلة حلوة تزف خبرا سارا على الجالية.