انطلقت اليوم الأحد 11 أكتوبر الجاري، الدورة الحادية عشر لقمة مدن البيئة العالمية 2015 بأبوظبي والتي تستضيفها هيئة البيئة - أبوظبي (EAD) بدعم من وزارة الخارجية في دولة الإمارات العربية المتحدة، ومجلس أبوظبي للتخطيط العمراني، ومدينة مصدر وبالتعاون مع مبادرة أبوظبي العالمية للبيانات البيئية وهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة (TCA Abu Dhabi) . وتناقش القمة، التي تستمر ثلاثة أيام، كيفية تشييد مدن صديقة للبيئة وسط التحديات البيئية الحالية مما يمكننا من أن نجعل من مدننا مدناً صحية وأكثر إخضراراً وأصلح للعيش. تشهد القمة حضورا كبيرا يتعدى ال 800 مشارك يمثلون 70 دولة من مختلف أنحاء العالم وتتيح القمة تبادل الخبرات بين صانعي القرار والباحثين والمجتمع المدني على المستوى المحلي والإقليمي والدولي. وتهدف إلى تطوير استراتيجيات عمل تناسب المنطقة العربية والمجتمع الدولي. في كلمتها الافتتاحية لقمة مدن البيئة العالمية، أكّدت ريم الهاشمي، وزيرة دولة في حكومة الإمارات العربية المتحدة، مدير عام مكتب إكسبو 2020 دبي: "إن المدن البيئية لا تختلف عن غيرها من المدن وعن إكسبو 2020، حيث أنها ليست مجرد أعمدة وأبنية، بل فكرة بناءة. وحينما تروق هذه الفكرة للفرد وتستحوذ عليه، ينتقل إلى تلك المدينة للاستمتاع بمزاياها. فلطالما كان هذا هو الواقع، ولا يزال كذلك حتى يومنا هذا كما في أبوظبيودبي" وأضافت: " إذاً فالسؤال الذي ينبغي طرحه هنا ليس هل علينا البناء للمستقبل؟ بل كيف يتعين علينا البناء للمستقبل؟وأن جزءاً من الإجابة عن هذا السؤال يأتي من اقتران أحدث التقنيات والإبداع في تبادل المعرفة وسرعة المعالجة والابتكار بلا حدود في شتى أنحاء العالم، حيث تقودنا جميع هذه العوامل إلى مرحلة جديدة في التصميم العمراني". وقالت رزان خليفة المبارك الأمين العام لهيئة البيئة – أبوظبي في كلمتها الافتتاحية : "مع تزايد تركيز الأنشطة البشرية في المدن، تتوقع الأممالمتحدة أن يعيش نحو ستين بالمئة من سكان العالم في مراكز حضرية بحلول عام 2030، وستصل هذه النسبة الى70% بحلول عام 2050.وفي الإمارات، يعيش أكثر من 90% من سكانها في المراكز الحضرية. حالياً، تستهلك المدن عالمياً ما بين 60 إلى 80 بالمئة من حجم استهلاك الطاقة وتتسبب في 75 بالمئة من الانبعاثات الكربونية. " وأضافت: "لذلك، إن أردنا أن نحافظ على مواردنا الطبيعية ونحد من آثار التغير المناخي، فلا بد أن تكون المدن جزءاً أساسياً من الحل." وأضافت المبارك "أنه ومن دواعي سرورنا أن نستضيف هذه القمة في هذا الوقت الهام جداً بالنسبة للاستدامة العالمية وكذلك بالنسبة للمنطقة العربية التي تشهد نمواً سريعاً في عدد السكان، وتتزايد فيها أعداد الشباب على عكس الكثير من دول الغرب. حسب تقرير للأمم المتحدة، من المتوقع أن يشكل من هم دون 18 عاماً من الشباب ما نسبته 60% من اجمالي سكّان المدن، مما يعني ضرورة توفّر بيئة ملائمة لجيل الشباب أن يعمل ويعيش". وشددت على اتسام المنطقة العربية بندرة الموارد الطبيعية الأساسية مثل المياه العذبة والأراضي الخصبة،إضافة إلى طبيعة المناخ الصحراوي القاسية. من 22 دولة عربية، تعاني 8 دول منها بأقل مستويات معدلات المياه للفرد في العالم، مما يعني أن منظومة الغذاء، والطاقة والمياه في وضع حرج جداً. وهذا أحد أسباب اختيار الموضوع الرئيس لهذه القمة "تشييد مدن صديقة للبيئة وسط تحديات البيئة المحيطة". وتشير كيرستين ميلر، المدير التنفيذي لإيكو سيتي بيلدرز إن قمة مدن البيئة العالمية تسعى إلى تبادل المعرفة وتعزيز الممارسة والتعلم من خلال التطبيقات الإقليمية والثقافة المحلية. وتقول ميلر أنه من وجهة نظرهم إهتمامهم بأبو ظبي بشكل خاص لا يعود فقط لإلتزامها بالحفاظ على البيئة عن طريق دعم الكفاءة العالية أو إضافة تكنولوجيات الطاقة المتجددة أو دعم المياه والهواء الأنظف وما إلى ذلك، بل لأنها تدفع بممارسة "عزل الكربون الأزرق" والتي عن طريقها يتم امتصاص الكربون من الجو عن طريق المانجروف والأعشاب البحرية. وتوضح كيرستين ميلر أن المدن البيئية تستخدم مساحات أقل من الأراضي مقارنةً بغيرها مما يتيح أستخدام الأراضي لإثراء النظم الطبيعية ولغيرها من العمليات التي تشترط كثافة منخفضة وتنمية عالية الآلية. إن النهج الشمولي لتقنيات عزل الكربون الطبيعي يعمل نمطيا بالتوازي مع النهج البيئي للمدن البيئية. ويشارك في القمة العديد من الخبراء الدوليين والعرب بحيث يمثل الخبراء العرب حوالي 40% من المتحدثين خلال الجلسات والتي تتنوع بين جلسات عامة يشارك فيها جميع الحضور وجلسات موازية حول موضوعات مختلفة ليتمكن كل مشارك من حضور الجلسات التي تقع في إطار إهتماماته. وتوضح الدكتورة نادية مكرم عبيد أن إختيار أبو ظبي لإستضافة القمة هو إختيار موفق للغاية لأن دولة الإمارات صاحبة أروع قصة نجاح في المنطقة. كما أكدت الدكتورة نادية أن "استضافة هذه القمة الهامة في العالم العربي ما هو إلا تأكيد على أننا لسنا بعزلة عن العالم المتعولم وأنه على الرغم من أن لنا ثقافتنا وخصوصيتنا ومطالبنا إلا أن لنا تجاربنا التي يمكن أن نفيد بها الآخرين كما نستفيد من تجاربهم". مؤكدة أن هناك العديد من الإبتكارات وقصص النجاح العربية التي سيتم عرضها خلال جلسات القمة. وتشير الدكتورة نوال الحوسني، مديرة الإستدامة بمبادرة مصدر أن أبو ظبي تُعرف بأنها المحرك الأول في المنطقة ولُقبت مؤخرا بعاصمة البيئة العربية لإطلاقها العديد من مبادرات التنمية المستدامة ، مثل مدينة مصدر، أكثر مجتمعات العالم استدامة والمقر الدائم للوكالة الدولية للطاقة المتجددة، المنظمة الحكومية الدولية الوحيدة التي يقع مقرها بالشرق الاوسط. وأكدت الدكتورة نوال أنه بنفس الروح، فإن مصدر تفتخر بدعم هيئة البيئة وهيئة السياحة والثقافة في إستضافة "قمة مدن البيئية العالمية" بأبو ظبي والتي تعقد لأول مرة في الشرق الأوسط ويعتبر هذا الاختيار إنجازاً بالغ الأهمية وتقديرا للإلتزام طويل الأمد لدولة الإمارات العربية المتحدة بجدول أعمال الاستدامة الإقليمي والعالمي. ولقد أوضحت الدكتورة نوال أنها تتطلع إلى الترحيب بالمشاركين في مدينة مصدر لتعرض دراسة الحالة المتعلقة بالتنمية المستدامة وسط التحديات البيئية، وذلك من أجل زيادة تعزيز الشراكات العالمية ودفع عجلة الابتكار فيما يتعلق بالتفكير الخاص بالمناطق الحضرية. ويشير الدكتور محمد صالحين أستاذ التخطيط والتصميم المتكامل بجامعة عين شمس ومستشار سيداري أن استضافة القمة في الشرق الأوسط لأول مرة كان له الفضل في جذب العديد من الأكاديميين ورجال الأعمال والممارسين في المنطقة مضيفاً أن المشاركات من المنطقة قد تنوعت ما بين متحدثين من الوزراء وكبار المسئولين وباحثين ورجال صناعة وممثلين للمنظمات غير الحكومية. وأوضح الدكتور صالحين أن إختيار المنطقة العربية لإقامة القمة هو إختيار مدروس لما للمنطقة من تاريخ في الممارسات التقليدية للتجمعات السكنية صديقة البيئة ولتناسبها مع الآفاق المستقبلية للتخطيط والتصميم البيئي بداية من المشروعات الكبرى مرورا بالمبادرات المحلية والأبحاث وصولا إلى المنتجات المبتكرة. ويرى البروفيسور هشام القاضي عميد كلية العمارة بجامعة سالفورد بالمملكة المتحدة أن تجديد العديد من المدن العربية ضروري حتى نتمكن من إعادة تنميتها بشكل مستدام، والأهم من ذلك أن نحافظ على قابليتها للنمو والإبداع في هذا العالم سريع التغير. مؤكدا أن العديد من المدن في المنطقة العربية تواجه تحولات إجتماعية وبيئية كبرى تتطلب التدخل الفوري من أجل البقاء. وأضاف البروفيسور القاضي إن التركيز السائد حالياً لمفهوم المدن المستدامة يرتكز على تحديات التكيف الطبيعي وممارسات التخفيف التي تقدمها العواصم الغربية المزدهرة. وقد وصل عدد من المدن في المنطقة لنقطة انطلاق مناخي يصعب معها العودة إلى ما كانت عليه. هذه المدن تحتاج إلى حلول مبتكرة عاجلة تفوق النقاش الحالي حول المدن البيئية أو المدن الذكية. وأشار البروفيسور هشام القاضي أن الحلول التحويلية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والتقنية المقترحة حالياً قد تكون قليلة جدا ومتأخرة جدا بالنسبة لعدد كبير من المدن التي تواجه اعتداءات طبيعية متزايدة أكثر كثافة وأكثر تواترا مؤكداً أن هناك حاجة عاجلة للعمل على أطر إيكولوجية ذات أبعاد متعددة لتتناسب مع الأوضاع المتعددة للبيئات الحضرية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ومن الجدير بالذكر أن المنطقة العربية تنظم خلال القمة حدث جانبي لعرض برنامجا مزدوجا للحصول على درجة الماجستير في العمران المتكامل والتصميم المستدام IUSD والبرنامج يتعاون في تنظيمه جامعاتي شتوتجرت وعين شمس ويستطيع الطالب أن يدرس عاماً بألمانيا وعاماً آخر بالقاهرة. يقوم البرنامج بتدريب وإعداد جيل جديد من الممارسين في المناطق الحضرية على مواجهة التحديات البيئية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية وتحديات الحوكمة الناتجة عن التحول الديناميكي الحضري في جميع أنحاء العالم. تقوم فلسفة برنامج الماجستير على تبادل التعلم عبر الحدود بين الطلاب من ذوي الخلفيات الإقليمية المختلفة وتطبيق ما تعلموه على واقع عمراني معين. وتركز محاور التعلم التجريبي الحالية حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA) وألمانيا. ويعمل الطلاب في فرق متعددة التخصصات على مشروعات في مواقع محددة بالتعاون مع المجتمعات المحلية ومع مختلف الجهات المعنية والمنظمات والمؤسسات محليا ودوليا.