ميلاد رسمي لنشاز سياسي    الكونغرس البيروفي يحث الحكومة على دعم مغربية الصحراء    التغيير في المغرب ممكن لكن بشروط..!    وفاة الصحافي محمد رشيد ناصر.. فقدان صوت إذاعي مميز    جدول أعمال مجلس الحكومة الخميس    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    إسرائيل تستأنف الحرب في قطاع غزة وتشن غارات توقع مئات القتلى    إسرائيل تخرق الهدنة وتشن غارات غادرة أسقطت 220 شهيدا    أربع ميداليات للمغرب في الألعاب العالمية الشتوية - تورينو 2025    مدرب رينجرز يشيد بإيغامان: "موهبة كبيرة ويمكنه الوصول إلى مستويات عالية في عالم كرة القدم"    الركراكي يصر على قدوم لاعبه الطالبي إلى التدرايب رغم الإصابة والصحراوي يلتحق مصابا    أولمبيك خريبكة يعين شبيل مدربا في خطوة أخيرة لتجنب الهبوط إلى قسم الهواة    طقس الثلاثاء: أمطار وثلوج بعدد من المناطق    كيوسك الثلاثاء | المغرب يتربع على عرش مصنعي السيارات بالشرق الأوسط وإفريقيا    تعديلات في مسطرة تحصيل غرامات مخالفات السير على طاولة مجلس الحكومة الخميس المقبل    روبنسون الظهير الأيسر لفولهام الإنجليزي: "حكيمي أفضل ظهير أيمن في العالم"    أكثر من 350 قتيل بعد استئناف اسرائيل عدوانها على قطاع غزة    حماس: نتنياهو قرّر "التضحية" بالرهائن    سعر الذهب يصل إلى مستوى قياسي    دراسة: نقص الوزن عند الولادة يؤثر على استعداد الأطفال لدخول المدرسة    الانتقال الرقمي.. دينامية جديدة للتعاون بين الرباط وواشنطن    الصين تطلق أول سفينة ركاب سياحية بحرية كهربائية بالكامل    الصين والمملكة المتحدة يتعهدان بالتعاون في مواجهة تغير المناخ    الجزائر ترفض قائمة بجزائريين تريد باريس ترحيلهم وتندد بهذه الخطوة    مختصون يناقشون راهن الشعر الأمازيغي بالريف في طاولة مستديرة بالناظور وهذا موعدها    المغربية أميمة سملالي تفوز بجائزة أفضل حكمة في بطولة العالم للملاكمة النسوية    إسرائيل تشنّ هجوما واسعا على غزة    المكتب الوطني للفضاء المغربي للمهنيين يناقش تحديات التجارة والاستثمار ويدعو لإصلاحات عاجلة    "التراث الإسلامي في طنجة: بين ندرة المعطيات وضرورة حفظ الذاكرة"    الأرصاد تتوقع نزول أمطار بالريف وباقي مناطق المملكة غدا الثلاثاء    شراكة جديدة بين مؤسسة التمويل الدولية والمركز الجهوي للاستثمار بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة لتعزيز التنافسية المستدامة للجهة    "إفطار رمضاني" في العاصمة الرباط يُنوه بتوازن النموذج الحضاري المغربي    مارين لوبان تدعو الحكومة الفرنسية إلى التصعيد ضد الجزائر    الشباب وصناعة القرار: لقاء رمضاني لحزب التجمع الوطني للأحرار بأكادير    شراكة استراتيجية تحول جهة طنجة تطوان الحسيمة إلى مركز استثماري أخضر عالمي    الشيخ أبو إسحاق الحويني يرحل إلى دار البقاء    الترجمة و''عُقْدة'' الفرنسية    مطارات المملكة تلغي التفتيش المزدوج وتكتفي ببوابات مراقبة أتوماتيكية    المغاربة يتصدرون الأجانب المساهمين في الضمان الاجتماعي بإسبانيا    هام للتجار.. المديرية العامة للضرائب تدعو الملزمين إلى تقديم التصريح برسم سنة 2024 قبل هذا التاريخ    بورصة البيضاء تنهي التداول بأداء إيجابي    الألكسو تكرم الشاعر محمد بنيس في اليوم العربي للشعر    "الجمعية" تطالب بعقوبات قاسية ضد مغتصبي 14 طفلة في بلدة "كيكو" بإقليم بولمان    "دخلنا التاريخ معًا".. يسار يشكر جمهوره بعد نجاح "لمهيب"    "طنجة تتألق في ليلة روحانية: ملحمة الأذكار والأسرار في مديح المختار"    الاتحاد السعودي يستهدف عبد الصمد الزلزولي    التوتر الأسري في رمضان: بين الضغوط المادية والإجهاد النفسي…أخصائية تقترح عبر "رسالة 24 "حلولا للتخفيف منه    الرياضة في كورنيش مرقالة خلال رمضان: بين النشاط البدني واللقاءات الاجتماعية    الدبلوماسية الناعمة للفنون والحرف التقليدية المغربية.. بقلم // عبده حقي    البطولة الاحترافية "إنوي" للقسم الأول (الدورة ال 25).. شباب المحمدية ينهزم أمام ضيفه حسنية أكادير (4-0)    دراسة جديدة تربط بين الطقس الحار وأمراض القلب في أستراليا    شهر رمضان في أجواء البادية المغربية.. على إيقاع شروق الشمس وغروبها    حادثة سير خطيرة قرب طنجة تسفر عن وفاة وإصابات خطيرة    لا أيمان لمن لا أمانة له ...    الأدوية الأكثر طلبا خلال رمضان المضادة للحموضة و قرحة المعدة!    ارتباك النوم في رمضان يطلق تحذيرات أطباء مغاربة من "مخاطر جمّة"    أبرز المعارك الإسلامية.. غزوة "بني قينقاع" حين انتصر النبي لشرف سيدة مسلمة    ظاهرة فلكية نادرة مرتقبة فجر يوم غدٍ الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غنائم غزوة شارلي هبدو الفرنسية
نشر في أون مغاربية يوم 14 - 01 - 2015

خاب الغزاة وخسر المعتدون، وهرب المبطلون، وانكفأ المُعدون، واختفى المنظمون والمسؤولون، خوفاً أو خجلاً، ذعراً أو فشلاً، فلا فيئاً أصابوا، ولا مكاسب غنموا، ولا عدواً قتلوا، ولا خصماً أغاظوا، ولا صديقاً فرَّحوا، ولا شيئاً مما كان بين أيديهم أبقوا.
ولا أهلاً أمنوا، ولا أمةً حموا، ولا ديناً حفظوا، ولا خلقاً رفعوا، بعد غزوةٍ ارتدت فيها السهام، وانثلمت فيها نصال السيوف، وانكسرت الرماح، وسقطت من أيدي الغزاة الخود والتروس، فهاموا على وجوههم شاردين، تلاحقهم الهزيمة، وتتهددهم الوعود، وقد أصبحوا هدفاً لكل مطارد، وغايةً لكل حاقد، وسبباً في كل سلوكٍ وردة فعلٍ، طائشةٍ أو حكيمة، شعبيةٍ أو رسمية، بعد أن وحدوا الجهود ضدهم، وألبوا النفوس عليهم، وأوغروا القلوب على العرب والمسلمين، وأتاحوا الفرصة لكل مارقٍ وحاقدٍ، لأن يساهم في بث السموم، ونشر الفتنة، وتعميم الغضبة، والتظاهر بالبراءة وحسن النية، وابداء الطهر والشرف، والخلق والأدب، وهم من كل هذا براء، وإن ادعوا أنهم أهلُ القيم، وأصحاب الشهامة والأخلاق والنبل والشرف.
لا يظنن أحدٌ أنني شامتٌ أو لاعنٌ، أو مدافعٌ عمن شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أساء إليه بالصورة والكلمة والرسم، حاشى لله وكلا، ولكنني جدُ حزين ومتألم، إذ لم يخسر أحدٌ في هذه الغزوة كما خسر العرب والمسلمون في كل مكان، ونالهم من الأذى الكثير، وطالهم فحشٌ ولغطٌ شديد، فقد أصابهم شواظ المعركة، ولحق بهم لهيبها، وسفح فيها دم أبنائها، وعوقب أتباعها، وحوسب المغتربون والمتجنسون العرب والمسلمون، وضعف منطق المتعاطفين والمدافعين.
وإن كانت قد جرت أحداث هذه الغزوة في فرنسا، بعيداً عن بلاد العرب والمسلمين، إلا أن ألسنة اللهب طالت وما أبقت، وهددت وتوعدت، وعنفت وأرعنت، وجمعت في مسيرة الحزن والغضب قتلةً وارهابيين، ومتآمرين وحاقدين، ممن تلوثت أيديهم بالدماء، وشاهت حياتهم بالبغي والعدوان، تقدموا الصفوف، وقادوا المسيرة، ورفعوا الصوت مهددين ومتوعدين، ومستنكرين وغاضبين، وكأنهم حزنى ومكلومين، رغم أن من بين القتلى مسلمين اثنين، تونسيٌ شرطيٌ وآخرٌ جزائري مدققٌ لغوي، لقيا حتفهما خلال الغزوة المزعومة، التي بررها المخططون لها، والمسؤولون عنها، أنها انتصارٌ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وانتقامٌ من دولةٍ نصرانية أوغلت في قتل المسلمين وحاربتهم في بلادهم، وتحالفت مع قوى الشر والطغيان عليهم، وتآمرت مع الصهاينة والأمريكان ضدهم، لكسر شوكة العرب والمسلمين، وتمزيق صفهم، وتشتيت جمعهم، وتطويع إرادتهم بما يتناسب مع أهدافهم ويخدم مصالحهم.
صحيفة شارلي هبدو الفرنسية أساءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم برسوماتها الساخرة، ثم عادت وتمادت وتبجحت، وأصرت على الإساءة إلى مشاعر ملايين المسلمين في كل مكان، بقصدٍ وإرادةٍ، رغم أنها قد رأت غضبة المسلمين وثورتهم، ومظاهراتهم واحتجاجاتهم، وعلمت أن المس برسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم سيولد غضباً يصعب ضبطه، وسيشعل ناراً لن يسهل اطفاؤها، ولن يعرف العالم اتجاهها، ولن يتكهن أحد بضحاياها، وقد تسبب في اندلاع مظاهر عنفٍ أهوجٍ في أكثر من مكانٍ في الشرق والغرب دون استثناء، وسيكون وقودها شبابٌ غاضب، وشعوبٌ ثائرة، ومن ورائهم أمةٌ مستفزة حزينةٌ لما يمس مقدساتها، ويطال رسولها الأكرم من إهاناتٍ واساءاتٍ بحجة الحرية والإبداع.
إلا أنني لا أوافق على ما حدث لصحيفة شارلي هبدو وطاقمها العامل، التي أدينها وأستنكر فعلها، وأجرِّمُ ما قامت به وأشجبه، وأحملها المسؤولية عما أصابها ولحق بها، إذ أنها سبقت بالإساءة، ومهدت للجريمة، وهيأت الأسباب للغضب والانتقام، وأحذرها من مغبة تكرار جريمتها، وإعادة نشر صورها المسيئة، إذ أنها لو نفذت تهديداها الأخيرة، فإنها تسعر الفتنة، وتزيد في عمق الأزمة، وتستدعي ردات فعلٍ أشد وأقسى.
إلا أنني في الوقت نفسه لا أؤيد الفاعلين ولا أبرر لهم جريمتهم، وإن كانت الإساءة إلى رسول الله جريمة كبيرة، وفعلٌ بشعٌ وشنيع، ولا أقدر حسن نيتهم وصدق إيمانهم، ولا سلامة عقيدتهم ونبل مقصدهم، وإن كانت فعلتهم غضباً، وغزوتهم انتقاماً، وعمليتهم غيرة، إلا أنني لا أقبل أن يكون هذا أسلوباً معتمداً ومعمولاً به، أياً كان الإساءة، ومهما بلغت حالة الغضب، فنحن لم نعدم وسيلةً أخرى للرد، ولم نشكُ عجزاً في الصد.
وإنني أصف ما جرى بأنه فعلٌ إرهابي لا يجوز، ولا يصح أن يقوم به مسلمون أو غاضبون، ولا يليق بنا كعربٍ ومسلمين، نشعر بالجور والاضطهاد، ونعاني من الظلم والاعتداء، أن نقوم بمثل هذا العمل، الذي يسيئ أكثر مما ينفع، ويضر أكثر مما يخدم، ويعطل أكثر مما ييسر، ولا يكفر عن الفاعلين عن جريمتهم حبُهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا غيرتهم عليه ولا ثورتهم من أجله.
لستُ حزيناً على القتلى، وإن كنت مستاءً من الفعل الآثم وغير راضٍ عن الجريمة، بقدر حزني على ما أصاب أمتنا وديننا الإسلامي الحنيف من هذه الفعلة النكراء، التي لا يقبل بها الإسلام، ولا يجيزها رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، رغم أن من القتلى من أساء إليه وتطاول عليه، وشوه صورته واستهزأ برسالته، لكنه عليه الصلاة والسلام لا يقبل بهذا الفعل ولا يجيزه، ولا يحث عليه ولا يشجع أتباعه للقيام بمثله، ولو كان انتقاماً له، ونصرةً لدينه، وغيرة عليه وعلى رسالته الخالدة.
هل تكون هذه هي الحادثة الأخيرة على هذه الخلفية، فلا نعود نسمع بعدها بصحيفةٍ أو وسيلةٍ إعلامية، تتطاول على المقدسات الدينية لأي دينٍ كان، أو تستفز مسلماً في دينه، أو تغضب مسيحياً في عقيدته، أو تعتدي على الديانة اليهودية بمعزلٍ عن إسرائيل وجرائمها، فنحترم بذلك الديانات كلها ومقدساتها، ونقف عند حرماتها ولا نعتدي عليها، ولا نتجاوز هذه الثوابت المقدسة أياً كانت الرغبة في حرية التعبير والإبداع الفني، إذ لا يجوز أن نقبل بأي إبداعٍ يسيئ إلى أمةٍ أو شعبٍ، أو يتطاول على حرماتهم، ويمس مقدساتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.