بعد عام تقريبا حصلت على نسخة من تقرير لجنة التعليم العالي التي تم تشكيلها في 4/2/2012م بناء على شكوى تقدم بها مجموعة من أعضاء المركز وأنا معهم للتحقيق في قضايا فساد مالي وإداري وأكاديمي متصلة بمركز النوع الاجتماعي في جامعة صنعاء ،وتمت إقالتنا بسببها، تحقيق تولاه أربعة من المتخصصين في القانون والمال والإدارة واستمر ما يقارب من ستة أشهر، وكنا نتوقع أن نجد في التقرير إجابات تفصيلية للأسئلة التي تمت إثارتها في الشكوى وإشارة واضحة إلى الوثائق التي تم تقديمها للمحققين وموقفا واضحا من القضايا التي تم تكليف اللجنة من أجلها ..لكن التقرير لم يكن كافيا ولا شافيا ، ولاموضوعيا؛ فقد تمخض التحقيق الطويل عن (12) صفحة فقط؛ جاء معظمها كعبارات إنشائية عامة ليست لها علاقة بموضوع الشكوى، وبعض المعلومات فيه غير صحيحة فقد تم نسبة بعض المخالفات لأشخاص وهي تخص آخرين، ولم يحدد التقرير المصدر لكل معلومة ولا سيما في مجال المخالفات المالية والإدارية ، وفي التقرير انحياز عاطفي واضح في الجانب المالي لمن تسببوا في المخالفات لدرجة عدم تسجيل رقم المبلغ الذي يستلمونه شهريا كمكافأة بينما تم تسجيل ال(100) دولار الخاصة بالإدارة السابقة التي طالبت بالتحقيق في قضايا الفساد في المركز، وكان أملنا أن تكون اللجنة حيادية ومنصفة ومع الحق لكن يبدو أنهم كانوا مشغولين عن القضية فلم يبحثوا بما فيه الكفاية في وثائق البرنامج المالية بالذات ولا الأكاديمية .. ولا نعرف لماذا مع أنهم قضوا أكثر من نصف عام في التحقيق .. ومع كل جوانب القصور في التقرير فإننا متمسكون بالتحقيق فيما أثبت التقرير من الاختلالات والمخالفات في الجانب المالي والأكاديمي والقانوني والإداري، على الرغم من وجود بعض التناقضات بين بعض فقراته؛ فمثلا: أثبت التقرير أنه قد تم فصل البرنامج ماليا وإداريا وأكاديميا عن إدارة المركز منذ إنشائه عام 2009 م ، وورد في الجانب القانوني ما نصه:(بالاطلاع على بعض الاتفاقيات بين المركز والجهات المانحة والداعمة للمركز ظهر جليا أن لب المشكلة يكمن في فصل برنامج الدراسات العليا عن إدارة المركز وعدم إطلاع الإدارة عما يجري في المركز من نشاطات بما في ذلك تجاوز البرنامج في صلاحياته للمركز في الاتصالات مع الجهات الخارجية والجهات المانحة التي يجب أن تكون الاتصالات عبر إدارة المركز وبالتنسيق معها كما تقضي بذلك الاتفاقيات بين المركز والجهات المانحة والداعمة) ثم جاءت فقرة في الجانب المالي ص 11-12 تشير إلى (أن الخلاف بين الإدارة السابقة والجديدة كان بسبب امتناع إدارة المركز السابقة عن صرف مبلغ مخصص في موازنة البرنامج لمواجهة نفقات سفر فريق البرنامج والطلاب إلى مصر عام 2012م...وتدخل وزير التعليم العالي د الشعيبي للصرف فسافروا...) التناقض واضح: كيف يثبت التقرير القانوني استقلالية البرنامج عن الإدارة منذ 2009 ثم يدعي التقرير المالي أن الإدارة أوقفت المخصصات عام 2012 ؟ !! إن انفصال البرنامج يعني أنه مستقل ماليا ويصرف ما يصله من دعم دون علم الإدارة ..فكيف توقف الإدارة السابقة حسابا ليست لها علاقة به؟ !! وهل تستطيع إدارة مُقالة في هذه الفترة أن توقف حسابا ماليا في الأساس؟!! ستتم مناقشة هذه الاختلالات والمخالفات وما يمكن ملاحظته من تناقضات في بنود التقرير ضمن مقالات قادمة -إن شاء الله- بندا بندا ثم أترك الحكم على ما حدث ولا يزال يحدث للرأي العام لأنني لا أملك المال لرفع ملف المركز للقضاء، ولا أملك القدرة لأضغط على قيادة الجامعة للالتفات بجدية إلى ملف المركز والتعامل معه بمسئولية بعيدا عن الانبهار بأهمية الدعم الخارجي في تطوير المركز ، فقد يئست من هذا الدعم لأنني خبرت الموضوع من أوله إلى اليوم وأيقنت أن الدعم لم يفعل شيئا لا للمركز ولا للجامعة، وأنا أومن إيمانا عميقا أن الدعم الحقيقي للمركز هو الذي يساهم في سد فجوة النوع الاجتماعي وليس في زيادة اتساعها ولا سيما في مركز وُجد أساسا لتحقيق عدالة النوع الاجتماعي، ولكن للأسف الدعم الذي يُقدم للمركز لا يزال بعيدا عن تحقيق أهداف المركز، ولن تكتشفه قيادة الجامعة إلا إذا فتحت ملف المركز من جديد وبعيدا عن ثقافة التعامل مع الأجانب التي كانت معتمدة في النظام السابق فقد دعمت المدعومين حتى أصيبوا بالتخمة، وصاروا يسعون إلى استمرار مصالحهم ، ولا يزالون يفرضون رؤيتهم بأن التنمية هي في توفير الفرص التعليمية فقط للمترفين القادرين على دفع آلاف الدولارات بينما لا مكان في هذا التعليم للفقراء والمحرومين... إن مفهوم النوع الاجتماعي قائم على المساواة في إتاحة الفرص والعدل في توزيع الموارد ، واستقطاب الكفاءات دون النظر إلى انتماءاتها المختلفة ودعم المحرومين والمرأة بالذات . ولأنني أدرك معنى هذا المفهوم انتميت لمركز النوع الاجتماعي بصدق وبذلت وقتي وجهدي وصحتي في تأسيسه والدفاع عنه في الداخل والخارج، وإنني اليوم أشعر بالأسى حينما أكتب صفة (النوع الاجتماعي) لمركز أسهمت في تأسيسه وتبنيت أهدافه في كل مجالات عملي ودافعت عنه في كل الأماكن في الداخل والخارج ثم أجده قد أصبح رمزا للفردية وللإقصاء والتهميش والشللية وعدم الشفافية ، لا أبالغ إن جزمت أن مركز النوع الاجتماعي بجامعة صنعاء صار مصدرا للتمييز العنصري داخل الجامعة ومع ذلك لم ينتبه إلى خطورة هذا الوضع أحد إلى يومنا هذا.. للأسف لا يزال وضع المركز غامضا لدى كثير ممن يدعمونه في الداخل، ولا تزال إدارته تعاني من اختلالات تخفيها بالشعارات الوهمية، وتظهر لإدارة الجامعة غير ما تبطن ، فأي إنجاز حققته هذه الإدارة غير كثرة سفرياتها للخارج وغير استبعاد الكفاءات النوعية من المركز وغيرعزل المركز عن الجامعة والمجتمع؟!! وأي مخرجات يتوقعها المجتمع من برنامج الدراسات العليا وهو بعيد عن المعايير القانونية ، فهل يصح أن يتم اعتماد شهادات طلبة البرنامج دون وجود قاعدة بيانات لهم في نيابة الدراسات العليا؟ وهل يجوز أن يتم منح شهادات في التنمية الدولية ومن يقوم بالتدريس في البرنامج غير متخصصين؟ !! وأي نوع اجتماعي يمكن أن يحققه المركز وكل موارده مجيرة لدعم أشخاص محدودين بحجة أنهم قادرون على التخاطب مع الخارج والعمل مع الأجانب!! فهل رضا الأجانب عن إدارة المركز هو المعيار الوحيد لصحة أداء المركز وتحقيق دوره في تنمية المجتمع اليمني؟!! إن من أهم قواعد بناء الدولة المدنية هي تهيئة المؤسسات لتطبيق النظام المؤسسي،واستثمار القدرات الوطنية، فأتمنى أن يثور قادة المرحلة الانتقالية في كل مؤسسات الدولة -وعلى رأسها الجامعات الحكومية - على ثقافة الانبهار بالأجنبي وبما يقدمه من دعم ، ويحكموا ضمائرهم ، وينظروا إلى قيمة هذا الدعم في تنمية المجتمع وفي بناء المؤسسات، وأن يرفضوا أي دعم يمرر أجندات غير يمنية، أو يدمر الوحدة الوطنية بدعم فئات على حساب فئات أخرى ، أو يجعلنا مسلوبي الإرادة ...الدعم الحقيقي هو الذي يلبي احتياجاتنا الأساسية ويبني القدرات البشرية اليمنية ويقوي الروابط بين أبناء المجال الواحد ويدفع باليمن إلى الأمام، وأي دعم لا يحقق ذلك فهو هدم وليس دعما ولن نقبله.. سأظل أناقش وضع المركز مهما كانت التضحيات حتى يصبح مركزا للتنمية وليس للتزييف، ولن أكف عن الكتابة عن المركز حتى يتم تصحيح وضع المركز ليحقق عدالة النوع الاجتماعي بمفهومها التنموي اليمني، ويتم إعادة فتح ملف المركز من جديد أو على الأقل التحقيق في قضايا الفساد التي أثبتها تقرير التعليم العالي ومحاسبة مرتكبيها، وتتم الإجابة قانونيا عن الأسئلة التي نثيرها حول نشاط المركز وحول مصارف موارده، ويتم رد الاعتبار للمقالين قسريا من المركز بسبب مطالبتهم بالتحقيق في قضايا الفساد وأن يتم تعويضهم التعويض العادل... والبقية تأتي.. [1] - أستاذ المناهج المشارك بكلية التربية – جامعة صنعاء – [email protected] أ.د سعاد سالم أحمد السبع الأستاذ المشارك في مناهج اللغة العربية وطرائق تدريسها بكلية التربية جامعة صنعاء -رئيس قسم مكتبة مركز النوع الاجتماعي والتنمية السيرة الذاتية على الرابط الآتي: http://www.nabanews.net/2009/14874.html http://www.facebook.com/profile.php?id=100001787484593