ليس هناك أمل في تغيير شيء..لن يستطيع المرء أن يحبسهم كلهم،إنهم كثيرون جدا.. يجلسون في كل مكان،في الادارات الحكومية و في المحاكم،في المؤسسات و الشركات الكبيرة و في الجامعات،ليس هذا سرا، بل هو حقيقة مبتذلة،و عهر يومي،شيء عادي لا يثير الا الضيق، انس الامر، فهو لا يعنيك،إنهم يتقاسمون السلطة، يقضون غروب حياتهم في مكاتب الرؤساء،في المقاعد الوثيرة أو على أسرة بيوت المسنين... يبذل الانسان جهده لينسى و لكن ما يحدث هو العكس... كم شدني هذا المقطع من رواية " قاتل لمدة عام" للروائي فرديريش كريستيان، و انا أتذكر كل ما نعانيه من قهمر و تهميش و استهتار بمشاعرنا و حقوقنا من طرف اناس آخر همهم مصلحتنا، أناس تعودوا على حقننا بجرعات قوية من اليأس المميت، و نحن تعودنا على الصمت لأننا نعرف جيدا بأن الذي ينتقد يجر على نفسه الكثير من المتاعب، نلوذ بالصمت و الأحلام عسى الغد يتغير و الأحزان ترحل، لكن الايام تجري و تضيع بين الاقدام أحلامنا التي تغدو كوابيس مرعبة. كلما كانت أحلامنا كبيرة و رائعة كلما نمت مخاوفنا من ضياعها، و يمكن أن نقول بأن الحلم مثل الحمل، و التشابه بينهما لا يقتصر على كونهما من نفس الجذر اللغوي، فالحامل تحمل جنينها في بطنها و تنتظر لحظة خروجه إلى الحياة، و تحمل معه مخاوفها من ان يخرج ميتا او معاقا، و الحالم تغذيه أحلامه بالأمل فيعيش منتظرا مصير هذه الاحلام، حاضنا إياها بكل قوة خائفا عليها من الضياع كأم حنون، لكنها الحياة عودتنا ألا تعطي إلا بقدر ما تأخذ، و في مرات كثيرة تخرج الأحلام أجنة ميتة و تترك في القلوب ندوبا عميقة لا يرتقها الزمن. كم يضحكني حزننا على احتلال منتخبنا رتبة متأخرة عالميا، نحن الذين لم تهتز شعرة واحدة من رؤوسنا و نحن نتابع رتب بلادنا المخجلة في كل مناحي الحياة، الرتبة 130 عالميا في مجال التنمية..127 في مجال حريات الصحافة.. الرتبة ما قبل الأخيرة عربيا في ميدان التعليم... و غيرها من الرتب التي تجعلنا دائما و بلا أي فخر في الذيل. يبدو أن الحل الوحيد الذي بقي أمامنا هو التعاطي لحبوب منع الحلم، على الاقل لن نخدع أنفسنا باتباع الأوهام السخيفة، لن نبني أحلاما من تراب، لن نعقد الآمال على منتخب صار السبب الاول في المغرب للإصابة بالذبحات الصدرية و الأزمات القلبية، لن ننتظر الخير من مسؤولين يستنسخون بعضهم و مهما تغيرت اشكالهم فتصرفاتهم المقززة واحدة، خذوا حبوب منع الحلم فالقادم و في ظل هذه الظروف أسوأ. أما أنا فمهما انطفأت كل مصابيح العالم فإني أوقد قنديلا صغيرا في قلبي و أنتظر !