شكلت الدراسة الميدانية التي أعدتها الرابطة المغربية للصحافة الالكترونية تحت عنوان " الصحافة الالكترونية بالمغرب " بدعم من المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة إيسيسكو مساحة حرجة للإعلاميين والمتتبعين للمشهد الصحفي بالمغرب في كيفية التعاطي معها، لما كشفت عنه الدراسة من معطيات دقيقة وخلاصات مفتوحة حول وضع الصحافة الالكترونية بالمغرب، وما تثيره بمحتواها من مناقشات قد تكسّر ما انغرس في أدبيات الصحافة والنشر. إن إعداد دراسة حول الصحافة الالكترونية بالمغرب لأول مرة يمثل منعطفا كميا ونوعيا ميزته الأساسية أن واضعيه والمساهمين في إعداد وبلورة متنه صحفيون إلكترونيون، فهي " من الصحفيين الالكترونيين، للصحفيين الإلكترونين وعامة المهتمين والمسؤولين وصانعي القرارات"، وهي أيضا محفز هام للاستراتيجيات الوطنية في الإعلام، ووثيقة لدعم مطالب الرابطة المغربية للصحافة الالكترونية في الدعم والإشراك .... وعلى أهمية دلالات المحتوى التي أتت به الدراسة، وسنخصص لها موعدا لاحقا، لا بد من الوقوف أولا على الأهمية المنهجية البالغة لها، وذلك على مستويين مستوى إبستيمولوجي ثم ذلك المستوى الخاص بالعلاقة الإشكالية المتعددة الجوانب بين طبيعة الصحافة الالكترونية وآفاقها المهنية. على المستوى الإبستيمولوجي تمثل الدراسة في حد ذاتها منعطفا هاما بالنظر إلى إمكانيات الدراسة في مقاربة موضوع واحد ومحدد: " الصحافة الالكترونية بالمغرب " بمسعى منهجي جعل من الدراسة أمرا ممكنا خاصة على مستوى بناء الإشكالات أو ما سمته الدراسة بالمحاور الستة المتمركزة حول الصحفي والصحيفة والظروف والملابسات المؤثرة فيها، وصولا إلى القارئ وانتظارات مهنيي القطاع. واعتمدت الدراسة على المنهج الإحصائي كأداة علمية للحصول على المعلومات وتوضيح المتغيرات، وكشفت الوضع البشري للصحافي الالكتروني، مبرزة هويته الديمغرافية ومؤهلاته ومختلف العلاقات التي تربطه بمجال الصحيفة الالكترونية، وقررت حقائق صادمة ولا تقبل مجالا للتأويل، من قبيل الهواية كدافع للعمل في مجال الصحافة الالكترونية، وكون أغلب ممارسي هذه الأخيرة غير متفرغين ومتموقعين اقتصاديا ..... إن المنهج الإحصائي المعتمد في الدراسة لم يستقيه معدو الدراسة من مجال العلوم الرياضية الصرفة فقط، بل تم تغذيته باستخدام البعد التوصيفي التفسيري المبني على الرقمنة في معالجة الاستمارات وتحليل البيانات وتفسيرها في صورة نتائج لا تنطبق بالضرورة على مؤسسة بل سمحت بوضع تعميمات وقوانين بصورة كمية دقيقة، حددت نقاط التوازن والتباين في توزيع الصحفيين حسب الجنس والعمر والدخل والتفرغ والجهات والتكوين والشواهد المحصل عليها وعقد الشغل ومدده.. ومكّن التصور المنهجي في مستوى ثان من استنطاق الأرقام والنسب والمعادلات والرسوم البيانية والجداول وتبويبها لتبين طبيعة الصحافة الالكترونية بالمغرب ورهانها القائم حاليا حول محور التنمية البشرية، في ارتباطه مع مطلب الدعم والإشراك، والتنظيم والتقنين بما لا يمس مجال حرية التعبير والصحافة، كما يمكن الجزم بقدر قليل من الثقة أن الدراسة شكلت نموذجا للمقارنة الجيدة، وموديلا شاملا وواقعيا لرسم معالم خارطة طريق آمنة ومستقرة لمستقبل الصحافة الالكترونية بالمغرب. ** المشرف على موقع فضاءات وعضو المجلس الوطني للرابطة المغربية للصحافة الالكترونية