قبل البدء لابد من توضيح النقاط التالية: 1) ليس ما يلي من باب المزاودة أو الفلسفة الفارغة 2) انتخابات حماس شأن داخلي بها لا دخل لنا بها وتخص أبناء الحركة 3) لكن في ذات الوقت قرارات حماس لا تخصها وحدها، وأهميتها وتأثيرها يتجاوز كونها الأغلبية المنتخبة في الضفة وغزة 4) حماس لم تعد ملك نفسها، خاصة مع التغول من قبل من يستفردون ويغتصبون القرار الفلسطيني ويعبثون به 5) صحيح أن الانتخابات وآلياتها تحظى بالسرية التامة، وهذا حقهم، لكن التسريبات والتصريحات الاعلامية لم تبقها كذلك 6) الانتخابات وتعقيداتها طال أمدها، وغيّبت حماس عن ساحة الفعل السياسي، وتركت المجال للعبث والعربدة دون موقف حاسم خاصة ما يتعلق بموضوع الدولة الوهمية التي يسعى لها عبّاس 7) التجديد والتغيير من سنن الحياة ومن الأمور الايجابية التي لا يمكن لعاقل إلا أن يُرحب بها ويؤيدها 8) لكن في ذات الوقت حماس كحركة تحرر ليست حزباً سياسياً يعيش رفاهية اللعبة السياسية والديمقراطية بأبهى صورها 9) امتصت حماس خلال العشرية الماضية ضربات قوية من استشهاد الشيخين، إلى الحصار والتآمر والعدوان على غزة، وحملات التشويه، ومما لا شك فيه أنها بقت قوية ومؤثرة 10) النقطة الأخيرة والأهم أنني كنت وما زلت ضد تأليه الأشخاص وضد ربط أي قضية بشخص أو فرد مهما علا شأنه من المنطلقات والأسباب السالفة الذكر، أسمح لنفسي أن أقول: إن تغيير قيادة حركة حماس في مثل هذه الظروف، سيؤخر فعلها وتأثيرها على الساحة، ليس لأن خالد مشعل هو الوحيد القادر على إدارة شؤونها، أو انتقاصاً من أي شخص آخر لا سمح الله، لكن لأن السياسة هي التي تفرض ذلك. لقد عبر مشعل بالحركة من ثم الخياط واستطاع المناورة والمحاورة، وبنى منظومة من العلاقات المؤسساتية والشخصية، وبات من المؤثرين وصنّاع القرار في المنطقة برمتها. إستطاعت حماس كما ذكرنا خلال المدة الماضية أن تفرض "شورتها" على الجميع، حتى في ظل خلافات أو اختلافات قوية ظهرت للسطح أكثر من مرة، في ملف المصالحة واتفاق الدوحة مثلاً، مع التزام تام للجميع بالقرارات حتى وان خالفت رأي البعض. إن وجود قيادة سياسية خارج حدود فلسطين جغرافياً، وخارج دائرة تحكم سلطات الاحتلال، لهو من الأهمية بمكان، لما فيه من مرونة وسهولة حركة، وانتفاء لأنواع الضغوط العسكرية والارهابية، وتواصل مستمر مع الغالبية الساحقة للشعب الفلسطيني في اللجوء والشتات، وهذا تقريباً ما كانت عليه غالبية حركات التحرر في المنطقة، ربما دون استثناء. السيد خالد مشعل وبحسب النظام الداخلي لحركة حماس يحق له دورة انتخابية أخرى واحدة فقط من أربع سنوات، وبقاؤه رغم كل تصريحاته يعني استمرارية وثبات في المرحلة القادمة، وهو ما تحتاجه حماس اليوم أكثر من الأمس. بلغة الطب وعلى اعتبار أن قضيتنا مصابة بمرض عضال اسمه السلطة ومن يتحكمون بالقرار الفلسطيني، فإن تغيير الطبيب وقت العلاج هو أسوأ ما يمكن أن يتعرض له المريض، وهذا لا يعني بطبيعة الحال أنه لا يوجد أطباء آخرون، ربما أكثر مهارة من الطبيب المعالج! حماس بحاجة لفترة من السلاسة القيادية إن جاز التعبير دون مطبات أو هزات، لتبني على ما أنجزت، ولتعد للقادم، ورغم تصريحات خالد مشعل والتسريبات الصحفية المتتالية عن عزمه عدم الترشح لرئاسة المكتب السياسي مرة أخرى، إلا أن المصلحة العامة تعلو فوق التمنيات الشخصية، وقيادة أي حركة تحرر ليست نزهة أو ترف، بل هي تكليف وأيّما تكليف، ومخاطرة يخوضها من يقبل بها، وبالتالي لا يجب أن تخضع للرغبات الشخصية، رغم احترامنا لها. أقول ما أقول من خلال متابعتي ورؤيتي للشأن الفلسطيني ولأداء حركة حماس، ونقاشات مع آخرين في الشتات، وأقوله من خلال قراءة لتجارب حركات تحرر أخرى، بعيداً عن تمجيد وتأليه الأفراد، أو عن زعامة الفرد الأوحد مدى الحياة، فالحديث هنا عن شخص أثبت جدارته ومكانته، ليستمر أربع سنوات أخرى غير قابلة للتمديد. لا شك لدي أن هناك غير خالد مشعل من القادة ممن يستطيعون إدارة الدفة وقيادة الحركة على أكمل وجه وبمهنية ووطنية عالية، لكن الوقت والمصلحة والتغول من قبل عبّاس ومن معه، وافتعال ما يسمونه معركة الشرعية و"التمثيل" الفلسطيني، يتطلب كما أسلفنا الثبات والاستمرارية دون تعقيدات أو معوقات. نتمنى أن تجري انتخابات حماس الداخلية واختيار مكتبها السياسي في أسرع وقت، فقد طالت لأشهر، ونتائجها يترتب عليها الكثير، في زمن لا ينتظر. ونتمنى كذلك أن تفوز المصلحة العامة، بغض النظر عن أي حسابات أو تجاذبات أخرى، ونتمنى أن يستمر خالد مشعل في إدارة دفة الأمور في المرحلة القادمة. ورغم ذلك نقول نحترم قرار واختيار حماس لقادتها أي كان ذلك الاختيار. هذا رأينا والله من وراء القصد. حياكم الله