توفي الخميس 19 يوليوز الجاري نائب الرئيس المصري المخلوع ورئيس جهاز المخابرات السابق اللواء عمر سليمان في الولاياتالمتحدة حيث كان يخضع لفحوص طبية. في 29 يناير/كانون الثاني 2011، اضطر الرئيس المصري حسني مبارك وتحت ضغط الشارع إلى تسمية رئيس جهاز الاستخبارات اللواء عمر سليمان نائبا لرئيس الجمهورية. الرجل المحدود الشهرة لدى شعبه كان معروفا جدا لدى الأوساط المطلعة على السياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط. وبعض هذه الأوساط لم تكن مرتاحة كليا لهذا الاختيار. وترأس عمر سليمان "الرجل المهذب" الذي يتقن جيدا اللغة الإنكليزية، جهاز الاستخبارات المصرية منذ1993. وكان سليمان ترشح للانتخابات الرئاسية المصرية الأخيرة في 2012 ولكن اللجنة العليا للانتخابات قررت إسقاط ترشحه. درس سليمان في الأكاديمية العسكرية السوفياتية في موسكو، ودخلت مسيرته المهنية منعطفا جديدا بعد اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001. سليمان في قائمة الخمسة رؤساء أجهزة الاستخبارات الأكثر تأثيرا في الشرق الأوسط ففي العام 2009 وضعته النشرة الأمريكية "السياسة الخارجية" في قائمة الخمسة رؤساء أجهزة الاستخبارات الأكثر تأثيرا في الشرق الأوسط، وقد ورد اسمه قبل اسم رئيس الاستخبارات الإسرائيلية "الموساد" في القائمة. ونقع أيضا على اللواء سليمان في عدد من الوثائق السرية التي نشرها موقع "ويكيليكس" في العام 2010 وورد اسمه في عداد المرشحين المحتملين وقتها لخلافة حسني مبارك في رئاسة الجمهورية. وسار عمر سليمان في ركاب الرئيس السابق مبارك منذ العام 1981، التاريخ الذي اعتلى فيه الريس المصري المخلوع كرسي الرئاسة خلفا للرئيس الذي اغتيل أنور السادات. أصداء طيبة في الشارع المصري وقد كان لتسمية عمر سليمان نائبا للرئيس في 29 يناير أصداء طيبة في الشارع المصري، الذي لا يخفي كرهه لنجل الرئيس جمال مبارك. وقد نقل عن مسؤولين في الإدارة الأمريكية ارتياحهم يومها لاختيار سليمان الذي اعتادوا على تبادل المكالمات الهاتفية معه خلال الأحداث الأخيرة التي شهدتها مصر والذي يثقون به ثقة تامة. ففي الثاني من فبراير/شباط 2011، وفي عز الصدامات بين معارضي ومؤيدي حسني مبارك في ميدان التحرير في القاهرة، اتصلت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون بعمر سليمان لتستوضح عن الجهة المسؤولة عن تفشي أعمال العنف وطلبت منه الكشف عن أسماء المتورطين. "رجل لامع وواقعي" لا يعذب "إلا الأشخاص الذين لا يعرفهم" كما أن موفد باراك أوباما إلى القاهرة فرانك ويسنر التقى أيضا بعمر سليمان. ويبدو أن التعاون بين سليمان وسفراء واشنطن كانت له نتائج ايجابية في الماضي. وتنقل الصحفية الأمريكية جين ماير في كتابها "الوجه الآخر للأشياء: كيف تحولت الحرب ضد الإرهاب إلى حرب ضد المثل الأمريكية" عن سفير واشنطن في القاهرة إدوارد والكر قوله عن سليمان إنه "رجل لامع وواقعي". وتضيف السفير يعرف أيضا تورط رئيس الاستخبارات السابق بقضايا تعذيب وما شابه، ولكن سليمان لم يكن "عاطفيا" تجاه هذه القضية. وتروي ماير في كتابها الأسلوب الذي اعتمدته وكالة الاستخبارات الأمريكية "السي أي أيه" في حربها ضد الإرهاب التي أرادها الرئيس السابق جورج بوش، وتقول إن استخبارات بلادها سلمت بعض المتهمين بالإرهاب إلى حكومات معروفة باستخدام التعذيب على نطاق واسع ومنها حكومة القاهرة. كما يصف الكاتب الأمريكي رون سيسكند في مقابلة مع محطة "أي بي سي نيوز" عمر سليمان "بالقاتل المأجور" لدى حسني مبارك، ويضيف الكاتب بسخرية واضحة "الرجل صديق كريم" لا يعذب "إلا الأشخاص الذين لا يعرفهم". دور محوري في المفاوضات بين إسرائيل و"حماس" وقد لعب اللواء عمر سليمان دورا محوريا في المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة "حماس" التي كانت مصر فيها الوسيط في السنوات الأخيرة الماضية. وانتقل سليمان أكثر من مرة إلى القدس وتل أبيب لمقابلة مسؤولي الدولة العبرية. وكان سليمان يعرف الملف الفلسطيني معرفة تامة وكان حاول، ولم ينجح، في العام 2008 دفع "فتح" و"حماس" إلى اتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية. كما لعب اللواء دورا في تفكيك أنفاق التهريب بين مصر وقطاع غزة. واتهم البعض سليمان في التواطؤ مع إسرائيل والولاياتالمتحدة في سياسة تطويق النظام الإيراني. ويبدو أن "الفضيلة" التي يتحلى بها عمر سليمان بنظر واشنطن هي عداؤه للإسلاميين وتنقل عنه صحيفة "الغارديان" البريطانية وصفه ل"الإخوان المسلمين" الذين يحطمون مصر حاليا "بالمنافقين الذين لا تنفع معهم غير القوة".