اختتم التجمع الإسلامي في ألمانيا في مدينة بون مؤتمره السنوي الثاني والثلاثين والذي عقد تحت شعار (ربيع يحيي الأمل... تغيير يعلي الهمم ) وبمشاركة متنوعة من مسلمي ألمانيا ومن مختلف المدن الألمانية. وتميز المؤتمر كما في كل عام بمشاركة شخصيات عربية وإسلامية وألمانية بارزة من خلال محاضرات وحوارات وفعاليات وسمر. افتتح اللقاء بكلمة ترحيبية للاستاذ سمير الفالح رئيس التجمع الإسلامي بألمانيا دعى فيها الحضور بعد الترحيب بهم إلى التضامن مع إخوتهم في تونس وليبيا ومصر واليمن وسوريا، داعيا المولى أن يعجل بحرية الشعب السوري. أما الاستاذ أيمن مزيك رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا فقد أكد على ضرورة هدم الحواجز بين الوجود الإسلامي في ألمانيا والمجتمع الالماني وإنهاء النقاش حول الهوية الإسلامية، مذكرا بالتاريخ الإسلامي المتداخل مع التاريخ الأوروبي في مناطق عدة في أوروبا. بدوره تطرق علي كيزالايا رئيس المجلس التنسيقي للمنظمات الإسلامية بألمانيا إلى المؤتمر الإسلامي الالماني، هذا المؤتمر الذي انطلق سنة 2006 بريادة من وزير الداخلية السابق الدكتور فولفغانغ شويبله، والذي كان يسعى لإيجاد ارضية حوار مع المسلمين في ألمانيا، الذين لم يعد مرحبا بهم، بل إن رئيس الدولة الجديد غاوك نفى انتماء الإسلام إلى ألمانيا. وتمنى الشيخ محمد عنتر إمام مسجد فرانكفورت من خلال كلمته النجاح للثورات العربية مستبشرا بمزامنة انعقاد المؤتمر مع ذكرى الإسراء والمعراج التي داءت بربيع عربي، وأردف قائلا: "ها نحن نرى جزء من هذا الأمل يتحقق، وفي انتظار تحقيقه كله، لكن هذا الامل لابد أن يرفعنا إلى العمل،، لابد أن نجتهد ونجدّ، ونحرص على جني ثمار هذا الربيع لما فيه من خير للمسلمين بل والإنسانية أجمع". أما الجلسة الحوارية مع الاستاذ طارق رمضان فقد اثمرت وشددت على أهمية إيجاد مساحة للاختلاف في الراي بين المدارس الفكرية الإسلامية دون إقصاء طرف للآخر، متطرقا إلى مصطلح السلفية والفكر السلفي مذكرا بأن جميع المسلمين هم من اتباع النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح. في الوقت ذاته استنكر د. طارق رمضان وبشدة محاولات بعض اتيارات تقسيم المجتمعات وفق مفاهيم خاطئة بين مسلمين حق وكفار، مؤكدا على ان الإسلام يسع الجميع ويستوعب الثقافات الاخرى والمختلفة، وان مثل هذه التصرفات تدعم الذين يعملون على تشويه صورة الإسلام والمسلمين. وأن المخرج من تفادي هذه الخلافات والنزاعات هو فهم الدين الإسلامي فهما صحيحا من الجميع. في مداخلته سلط وزير الشؤون الدينية التونسي الدكتور نور الدين الخادمي الضوء على الثورات العربية وقام بمقاربة جميلة بين ارادة الله وارادة الانسان حيث استشهد بالآية الكريمة "{وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ، وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ}، (القصص:5-6 .واشار الى ان اول كلمة او شعار رفع في الثورة التونسية كان "الشعب يريد" وتطرق الى المن الذي منّ به الله سبحانه وتعالى على المستضعفين وكيف وعدهم بان يجعلهم أئمة، ثم ذكر الدكتور الخادمي بالظلم وعواقبه وتداعياته وعرج على فلسفة الاصلاح التي تتم بالارادة والاستطاعة ، فاذا توفرت الارادة تحركت عملية الاصلاح في دائرة الاستطاعة ،كما اكد الوزير التونسي ان الثورة التونسية التي جاءت لدفع الظلم وارساء الحق والعدل ارست كذلك حق المواطنة وذكّر بوثيقة المدينة التي جعلها الرسول الكريم بمثابة الدستور الذي كرس فضيلة التعايش، واعاد الخادمي على الحضور فصول الماساة التي مرت بها تونس وما قام به النظام السابق من دمار ممنهج وتصحر واستعمال سئ للدين ،واشار الى ما لاقاه علماء الزيتونة من منع وتضييق وما آل اليه وضع الجامع المعمور "الزيتونة" وعلى صعيد آداء الحكومة الحالية نوه الخادمي بانه وبقدر ووجود الاصلاح والانجاز بقدر مايجود الارباك والتشويش على ما انجز لان هناك من لا يرغب في نجاح هذه الثورة المباركة. وناشد الدكتور علي صدر الدين البيانوني المراقب العام للإخوان المسلمين بسوريا سابقا في كلمته المسلمين في كل مكان بالتفاعل مع الثورة السورية، ناقلا في كلمته مشاهد حية لما يتعرض له الشعب السوري من مذابح على يد النظام السوري، مبينا حالة الإنقسام التي تسود اطراف المعارضة السورية داعيا الجميع للتوحد لرفع الظلم وإسقاط النظام المجرم وإقامة الدولة الديمقراطية المدنية في سوريا. تخلل المؤتمر الذي انعقد يوم الاحد 17 يونيو الجاري، أناشيد عن الثورة السورية ألقاها على مسامع الجمهور المنشد المتألق الدكتور محمد أبو راتب. كما وكان هناك مهرجان خيري، ومزاد وتبرعات لدعم العائلات المتضررة في سوريا. يشار إلى أن إنعقاد المؤتمر يأتي هذا العام متزامناً ومواكباً للثورات العربية وعلى رأسها الثورة السورية ، حيث كانت القضية الأبرز للحاضرين، وفي ضل التغييرات الحاصلة في كل من مصر وتونس وليبيا، حيث تطرق المشاركون أثر تلك الثورات على المسلمين وواقعهم في أوروبا، وما يترتب عليهم من واجب إستخلاص العبر في نهوضهم بالمجتمعات التي يتواجدون فيها وتسريع عجلة إندماجهم وتحركهم نحو مستقبل أفضل للمسلمين في ألمانيا وأوروبا بشكل عام. و يعد التجمع الإسلامي في ألمانيا أقدم مؤسسة إسلامية عربية في ألمانيا، تم تأسيسها عام 1958 و تملك و تدير العديد من المراكز و المؤسسات على مستوى الجمهورية الألمانية الإتحادية، وهي عضو مؤسس في المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا وعضو في الإتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا كذلك. وقال رئيس المجلس التنسيقي للمنظمات الإسلامية بألمانيا علي كيزلكايا إن تحويل مؤتمر الإسلام الذي ترعاه الحكومة الألمانية إلى مؤتمر أمني يظهر أن المسلمين ليسوا مرحبا بهم بخلاف ما ذكره رئيس الجمهورية يواخيم جاوك الذي نفى انتماء الإسلام لألمانيا.