كانت الساعة تشير إلى الخامسة عصرا عندما توجهت إلى ساحة بئر أنزران بالقنيطرة يوم أمس الأحد 22 ماي 2011، لتغطية المسيرة التي أعلنت تنظيمها تنسيقية 20 فبراير بالمدينة. كان محيط الساحة مطوق بعدد من سيارات القوات المساعدة والأمن الوطني، بالإضافة إلى عدد من رجال الأمن بزي مدني، واضح أنهم رسميا لم يكونوا بالخدمة ذلك اليوم وخصوصا وأن بعضهم قدم بزي رياضي. في تلك الأثناء لم يكن هناك أي أثر لشباب 20 فبراير، أو ربما لم ترقبهم عيني التي كانت تجول وتصول في أرجاء الساحة، لحظات بعد أخذي صور بالقرب من سيارات القوات المساعدة، حتى ترجل منها أحدهم مستفسرني عن هويتي، لأعلمه بأني أنتمي لمهنة المتاعب.. ومع ذلك لم يستصغ حصولي على تلك الصور فطلب مني أن أعطيه آلة التصوير فرفضت، وأخبرته بأن هذا جزء من عملي يحفظه لي القانون أولا، وثانيا "إذا كانت القنيطرة تريد أن تدخل لسجل المدن التي شهدت اعتداءا على الصحافيين أثناء مزاولتهم مهامهم فلا مشكلة لدي، ولكن تحمل مسؤولية مخالفتك لرسالة المدير العام للأمن الوطني الشرقي الضريس الذي قال الأسبوع الماضي في رسالة اعتذار للصحافيين بأن :"المديرية (مديرية الأمن) تعتبر الصحافة شريكا في تكريس دولة الحق والقانون، ونقل الحقائق إلى الرأي العام بعيدا عن أي مزايدات".. حينها أعاد "الرجل" حساباته، وصار يحدثني عن أخطاء يرتكبها الصحافيين في عملهم مرورا بأحداث تفجير أركانة إلى متمنياته أن تمر هذه "الوقفة" على خير. "الساعة 17.55 دقيقة هل ندخل الآن للساحة أم ننتظر حتى 18.00؟" سؤال وجهه أحد شباب 20 فبراير -الذين بدؤوا يتجمعوا- لزميله الذي أجابه مازحا:"مالنا غدي نقادوها بالثانية؟" .. يسار وإسلاميين يتصافحون، قيادات سياسية وحقوقية وجمعوية تتجمع، نظرات رجال الأمن تترصد المنافذ المؤدية لميدان ساحة بئر أنزران.. حينها توجهت لوسط الميدان، من رجال الأمن والمخابرات من يعرفني، ومنهم من اضطررت لتعريفه بهويتي المهنية، منهم من طلب مني الابتعاد، ومنهم من طلب مني "الحذر" – ربما يقصد الحذر أن تصيبني هراوة أثناء تفريق المحتجين- ، ومنهم من طلب مني بطاقتي المهنية ولم يكتفي برؤيتها بل سجل معطياتها، هنا تساءلت : هل تواجد الصحافي "غير عادي" لهذه الدرجة عندما يتعلق الأمر بتغطية فعالية غير مرغوب فيها؟ وقبل أن أفكر في الجواب كان شباب 20 فبراير بدؤوا يخترقون "عربات الباعة المتجولين" في محاولة منهم للوصول إلى وسط ميدان بئر أنزران، غير أن الحواجز الأمنية بمختلف تشكيلاتها حالت دون ذلك، دفع بالأيدي، وحوارات هنا وهناك، وهواتف التولكي تنقل التفاصيل بالثانية.. حتى اكتمل بناء الجدار الفاصل واستقر الوضع خلال ساعتين على منع ومحاصرة "حذرين" أخرجا القنيطرة من "المشهد القاتم" الذي عرفته عدد من المدن المغربية فيما سمي "بالأحد الأسود" ما بين "اعتقال وقمع واعتداء" خلف جروح و رضوض وكسور متفاوتة الخطورة. مطاردة بنكهة "زنقة زنقة دار دار" لم يسلم منها هؤلاء المحتجون وهم أنفسهم الذين كانوا قبلا يسيرون في مختلف الشوارع مرددين شعاراتهم دون أن تعترضهم "أوامر المنع الأخيرة".. فهل ستغلب قوة الحكمة أم قوة العضلات في تدبير ملف احتجاجات حركة 20 فبراير؟؟