الزمان: السبت 19 مارس. المكان: مقر الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بزنقة حمان الفطواكي بالبيضاء. هنا جرت آخر اجتماعات اللجنة التنظيمية لحركة 20 فبراير قصد وضع اللمسات الأخيرة قبيل الحدث: مسيرة 20 مارس. حضر هذه الاجتماعات، كما ذكر عضو باللجنة التنظيمية ل«المساء»، ممثلون عن الأطياف السياسية والحركات المدنية التي اعتزمت المشاركة في المسيرة. الاجتماعات خلصت إلى توحيد الشعارات المرفوعة، وتجنب رفع شعارات أو لافتات تؤكد هوية أي طرف مشارك في المسيرة، «اتفقنا على شعارات محددة ومتفق عليها، كما أعددنا لافتات مشتركة. ساهم الجميع ماديا في إعداد اللافتات، وبلغت مساهمة الشبيبة الاتحادية لوحدها أربعة ملايين سنتيم»، يكشف طارق الرميلي، عضو اللجنة التنظيمية. خلال هذا الاجتماع، أكد شباب جماعة العدل والإحسان أنهم سيحضرون بقوة خلال المسيرة، محددين معايير معينة للتنظيم، مثل عدم الاختلاط بين النساء والرجال، وهو ما تم رفضه من قبل بقية المنظمين المشاركين في المسيرة. المنظمون اتفقوا على انطلاق المسيرة من ساحة النصر بدرب عمر. ورغم ذلك، فقد فضلت بعض المجموعات المشاركة الالتقاء في أماكن أخرى قبل التوجه إلى الساحة، حيث اجتمع أعضاء الكونفدرالية الديقراطية للشغل بمقر نقابتهم القريب من الساحة، وذلك في حدود العاشرة إلاربع صباحا، قبل أن ينضم إليهم المشاركون من جماعة العدل والإحسان تحديدا. وقد كان عددهم لا يتجاوز 10 آلاف شخص عندما توجهوا إلى ساحة النصر. خصصت سيارة نقل مزدوج «هوندا» لحمل أعضاء حركة 20 فبراير المنشطين للمسيرة والموحدين للشعارات المرفوعة. كانوا خمسة أشخاص يمثلون التيارات المشاركة في الحركة. رغم ذلك، ظلت شعاراتٍ موحدة وفق ما تم الالتزام به. مع انطلاق المسيرة في حدود العاشرة والربع، حدث شنآن بين المنظمين وبعض الأعضاء المنتمين إلى منظمة التجديد الطلابي، المحسوبة على حزب العدالة والتنمية المقاطع للمسيرة. المنظمون اعترضوا على رفع بعض أعضاء منظمة التجديد لشعارات تؤكد هويتهم التنظيمية، قبل أن يمتثل هؤلاء لطلب المنظمين. أغلب المتظاهرين المحسوبين على العدل والإحسان تجمعوا في مجموعة كبيرة خلف مقدمة المسيرة، غير أن بعض أعضاء حركة 20 فبراير الآخرين سرعان ما انضموا إليهم حتى لا يتميزوا عن باقي المشاركين في المسيرة، «أرادوا أن يظلوا مجتمعين حتى يصلوا الظهر جماعة، وهو أمر لم نتفق عليه»، يؤكد أحد المنظمين. الأمر ذاته حدث عندما أرادت مجموعة «باراك» تشكيل مسيرة صغرى ورفع شعارات خاصة بها. إلى جانب تنظيم مسير المتظاهرين، عمل المنظمون المشكلون للسلسلة البشرية المحيطة بالحشد على منع أية محاولة لإثارة الفوضى، «لا للبلطجية»، يقول أحد المنظمين مبعدا أحد الأشخاص عن المسيرة. عدد المشاركين وصل، إلى حدود الثانية عشرة، إلى 30 ألف شخص، حسب المنظمين. أغلبهم من جماعة العدل والإحسان وباقي مكونات حركة 20 فبراير، فضلا عن حضور محدود جدا لبعض الشخصيات السياسية، يتقدمها البرلماني الاتحادي، خالد الحريري، ورئيسة لجنة الدفاع بمجلس النواب، مباركة بوعيدة. مقدمة المسيرة وصلت، عند الساعة الثانية عشرة والنصف، إلى ساحة «الحمام». رجال الأمن ظلوا يرقبون الوضع من بعيد، معززين وجودهم بملتقيات الطرق المؤدية إلى الساحة، خاصة بشارع الحسن الثاني و11 يناير. أما مؤخرة المسيرة فكانت ما تزال بنهاية شارع إدريس الحريزي، البعيد نسبيا عن ساحة محمد الخامس، وهو ما يبرز الحضور المكثف للمتظاهرين. شباب الجالية المغربية بالخارج حاضر من العاصمة باريس، حضر سهيل الشنتوف، أحد الشباب المغاربة المنتمين إلى حركة 20 فبراير بالخارج، إلى المغرب من أجل المشاركة في مسيرة 20 مارس، «جاء، قبل يومين، عدد من الشباب المغاربة المهاجرين بأوربا تحديدا، للمشاركة في المسيرة وتقديم دعم رمزي. نحن أيضا نطالب بمحاربة الفساد وتحقيق جميع مطالب الحركة»، يؤكد الشنتوف. الشنتوف ذكر أيضا أنه في الوقت الذي يشارك فيه في مسيرة 20 مارس، ينظم شباب مغاربة آخرون وقفات احتجاجية بعواصم أوربية، مساندة للمسيرة، «الآن (يقصد صباح الأحد)، يخوض شباب مغاربة وقفة احتجاجية في العاصمة الفرنسية باريس والعاصمة البلجيكية بروكسيل. التعبئة تمت بواسطة خلايا تضم شبابا مغاربة مهاجرين ينشطون عبر الأنترنيت، وتحديدا في الموقع الإلكتروني «مامفاكينش»، للتنسيق مع حركة 20 فبراير بالمغرب»، يردف الشنتوف. هكذا استعد الأمن لمسيرة 20 مارس التحضير الأمني لمسيرة 20 مارس في البيضاء دام طيلة الأيام القليلة السابقة للحدث، من خلال عقد اجتماعات على مستوى ولاية أمن البيضاء. الاجتماعات خلصت إلى تبني خطة أمنية تقضي بتجنب أي احتكاك بالمتظاهرين، من خلال تغييب عناصر الأمن بزيهم المعروف، باستثناء عناصر أمن المرور الذين رابطوا، منذ الساعات الأولى لصبيحة الأحد 20 مارس، بالمدارات الكبرى وملتقيات الطرق المؤدية إلى مسار المظاهرة الذي حدد من ساحة النصر، مرورا بزنقة حمان الفطواكي وشارع إدريس الحريزي، وصولا إلى ساحة محمد الخامس بمحج الحسن الثاني، «تم الاتفاق مع منظمي هذه المسيرة على عدم الخروج عن المسار المحدد، ومحاولة التوجه إلى الأحياء الشعبية المجاورة، وإلا سيكون هناك تدخل أمني عنيف»، يكشف مصدر أمني. هذا ما تم الامتثال له من قبل منظمي المسيرة، الذين عمل ما يزيد على مائتي شخص منهم على تشكيل سلسلة بشرية محيطة بالمسيرة ومطوقة لها، تفاديا لأي تغيير لمسارها من قبل بعض المندسين. الساعة تشير إلى التاسعة من صباح الأحد. الدارالبيضاء خالية كأي يوم عطلة. لم يكن المحتجون قد وصلوا بعد. رغم ذلك، ظلت بضع سيارات أمن وطني وقوات مساعدة وتدخل سريع مرابطة بزنقة عبد الرحمان الصحراوي المؤدي إلى الجانب الخلفي من ساحة «الحمام». رجال أمن داخل السيارة بدا عليهم إرهاق شديد، على اعتبار أنه تمت تعبئتهم في وقت مبكر من صباح الأحد. بعضهم يتناول فطوره، وآخرون يعاكسون فتيات مارات قرب سيارات الأمن. عند الأزقة المؤدية إلى مقر الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، ربضت سيارات أمن أخرى مترقبة. ووزعت عناصر من الوقاية المدنية على طول المسار المحدد للمسيرة. رغم الغياب الأمني الواضح، والمتفق عليه، حضر رجال أمن بزي مدني بشكل لافت وسط المسيرة. بعضهم حمل أجهزة اتصال واندس وسط المحتجين، وآخرون تقدموا المسيرة ينقلون ما يجري على الفور عبر هواتفهم المحمولة. أحد هؤلاء هو موظف بإدارة الشؤون العامة في عمالة آنفا، خاطب أمنيين ينتظرون في ساحة محمد الخامس قائلا: «إنهم الآن في زنقة حمان الفطواكي، ويتوجهون نحوكم، انتظروا حتى أوافيكم بمعلومات أخرى. هناك عدد كبير، أغلبيتهم من المتظاهرين والصحافيين... ونحن (يضحك)». في المقابل، ذكر مصدر أمني مطلع أن تعليمات قضت بتسخير جميع عناصر جهاز الديستي والضباط والأمنيين الموجودين بجميع المناطق الأمنية للدار البيضاء من أجل تغطية المسيرة وإعداد تقارير عدة، عقب الانتهاء من ذلك، مساء الأحد، قبل إرسالها إلى ولاية الأمن لمعالجتها وإعداد التقرير النهائي.