هواء نقي، شمس ساطعة، جو معتدل، هدوء نسبي، وأزبال في كل مكان، هذه هي مدينة المحمدية أو فضالة قديما. إلى الأمس القريب كانت تعرف بمدينة الزهور، اليوم فأنى وليت وجهك ترى حاويات قمامة ممتلئة حد "التخمة"، يقول أحمد نادل بمقهى "أخويا، ماكاين لا نظافة لا والو خرجوا على هاد المدينة". مجلس مدينة المحمدية كان متعاقدا مع شركة "تيكوميد"، لتدبير نظافة المدينة وانتهى العقد و لم يجدد، "الحال سيان كانت هناك أم لم تكن" هذا لسان حال حمزة طالب جامعي. هذه المناظر التي تسحر الأذهان، عفوا، التي يشمئز منها الإنسان لن تفارق ناظريك. يقول عبد العالي أستاذ اللغة العربية بأحد ثانويات المدينة، وهو يطفئ عقب سيجارة شقراء -أطفأها على مضض- بعد أن استفزه السؤال عن نظافة المدينة "كاليك مدينة الزهور !!فيناهيا الزهور أصاحبي؟؟ كاين غير الميكات الكحل..." في زاوية كهذه، في شارع كهذا، في مدينة كهاته، أصبحت الزهور و القمامة خلان و أصدقاء مقربين. و إن لم يكونوا فالتعارف بات محتوما، حتى النخل الباسقات، أضحت تجير كل حاوية قمامة عابرة سبيل، وكل حقيبة بلاستيكية تقطعت بها السبل، ممتلئة كانت أم خالية الوفاض. يكفي أنها تنتمي إلى عائلة المطاط المشتق من النفط "الذهب الأسود". ليكتمل بذلك رسم لوحة تشكيلية "سريالية". تقول عائشة صاحبة محل بقالة "هاد الشركات راه كانخلصوهم حنا دافعي الضرائب من فلوسنا، و من حقنا تكون مدينتنا نظيفة.. لكن لا حياة لمن تنادي". و لكي لا نكون مجحفين في حق الطرف الآخر، فقد أوضح مسؤول الاتصال بالمكتب المسير لبلدية المحمدية :"أن الشركة تراجعت خدماتها، وتدهور أسطولها، بسبب الأعطاب التي أصابت معظم الشاحنات، وعدم إقدام إدارة الشركة على تجديد الأسطول، وتقليص الشركة لعدد العمال". وأضاف حسب ما نشرته "المحمدية بريس" :"أن المسؤولين بها بدؤوا يتهاونون في أداء الخدمات وفق ما هو مسجل بدفتر التحملات، لعلمهم بأن الاتفاقية ستنتهي في أفق سنة 2011، واحتمال ألا يفوزوا بصفقة التدبير المقبلة". وأوضح ذات المسؤول:"أن المكتب الجديد للبلدية فوجئ بأن الشركة لها ديون بقيمة 15 مليون درهم عالقة في ذمة البلدية، كما فوجئ بأن الشركة تحتل أرضا تابعة للبلدية تستعملها مرأبا لها، وتستفيد من الماء والكهرباء على حساب ميزانية البلدية". ومن جهته نفى مدير الشركة أن يكون تراجع أداء الشركة راجع إلى تهاون مسؤوليها، مؤكدا "أن 80 في المائة من التدهور الذي أصاب أسطول الشركة، يعود بالأساس إلى المسالك والولوجيات بضواحي وداخل مطرح الأزبال، موضحا أن العديد من الشاحنات تعطلت بسبب الوحل والحفر". و المبكي المضحك، هو أن مصائب قوم عند قوم فوائد، إذ أن هذه الأزبال المنتشرة انتشار الفطر، تشكل مطاعم فاخرة و مجانية لمخلوقات الليل من قطط و كلاب. ومصدر رزق لبعض الناس. والأجمل من ذلك أنها تشكل جارا وصديقا يخفف من وحدة الزهور في مدينة الزهور.