يبدو أنّ منصب الرئاسة أو الحكم المطلق للفرد الذي كان السبب الأول وربما الوحيد خلف كل مصائب تونس من حكم البايات إلى بن علي مرورا ببورقيبة مازال محل تجاذب ولو بشكل هادئ وخاضع لضوابط اللعبة السّياسيّة حيث أنّه وخلافا للأخبار التي تروّج يعتبر النقاش حول منصب رئيس الدولة العامل الأسّاسي لتأخّر الإعلان عن تشكيل الحكومة، وإلى حدّ اليوم الثلاثاء لم يحسم الأمر بين زعيم المؤتمر من أجل الجمهورية الدكتور المنصف المرزوقي ورئيس التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريّات الدكتور مصطفى بن جعفر، في الوقت الذي يبدو أنّ حركة النهضة تقف من الرجلين على نفس المسافة وتدفع باتجاه توافق بين الطرفين يسمح لأحدهما برئاسة الدولة وللآخر برئاسة المجلس التأسّيسي، على أن يتمّ ذلك في أقرب الأوقات حتى يتمكن الجميع من المرور إلى بقيّة الترتيبات ومن ثمّ تقديم الحكومة والشروع في فتح الملفات الضخمة التي تنتظر دون نسيان الحيّز الزمني المقترح والذي يتآكل بسرعة مع مراعات حاجة البلاد الماسة للخروج من المشاريع السياسية المتقطعة. وإذا كانت الأولويّة في منصب الرئاسة للمرزوقي وبن جعفر فإنّه وفي صورة ما إذا تعذّر الوصول إلى اتفاق حول أحدهما فإنّ الأنظار حينها من المرجح أن تتجه إلى أحد الشخصيّات المستقلّة ويبدو أنّ عميد المحامين الأستاذ عبد الرزاق الكيلاني قد يكون الشخصيّة الأقرب إلى تقلّد هذا المنصب وذلك لاعتبارات عدّة على رأسها السمعة الطيّبة التي يتمتع بها الرجل وعلاقاته الجيدة مع مختلف الاحزاب . الحكومة التي يتوقع أن يتمّ الإعلان عن تشكيلتها في غضون الأيام القليلة القادمة قد تضمّ العديد من الوجوه المعروفة على الساحة السّياسيّة مثل الأستاذ نورالدين البحيري والأستاذ سمير ديلو والأستاذ محمد عبو والسيّدة نزيهة رجيبة "أم زياد".. والأكيد أنّها ستكون مدعمة بالعديد من الطاقات المتميّزة في الإدارة التونسيّة. في السياق نفسه بات شبه مؤكد أنّ وزارات السّيادة سيشملها التغيير وأنّ حقائبها قد توزع بين الائتلاف الحاكم والتكنوقراط، كما ذكرت بعض المصادر الموثوقة أنّ حركة النهضة وإلى جانب رئاسة الوزراء ترغب وبقوة في الاحتفاظ بوزارة الخارجية، وتتطلع الى شخصية غير مغامرة على راس الداخلية.