تأتي فكرة بعث مجلس تأسّيسي موازي بعد أن فشلت الجهود الكبيرة التي قادتها بعض النخب المعنيّة بتحيّيد حركة النهضة من الإشراف على المرحلة المقبلة واضطلاعها بمهمّة تشكيل الحكومة بحكم تقدّمها في انتخابات التأسّيسي، الشيء الذي يعطيها أولويّة الشروع في مشاورات موسّعة من أجل إيجاد حالة توافق تسمح بإنجاح المرحلة الفاصلة والدقيقة في تاريخ تونس، هذه النخب التي تناصب النهضة العداء وتسعى جاهدة لقطع طريق وصولها إلى السلطة كانت قبل الانتخابات على اتصال دائم مع الجهات والأحزاب الحداثيّة وتعيش معها حالة مشاورات مستمرة حيث يدور الحديث عن جبهة تقدميّة حداثيّة ستتشكل بعد التقدّم الطفيف المحتمل لحركة النهضة في انتخابات التأسّيسي وبعد أن تكون الجبهة الموعودة قد تحصّلت على أسبقيّة مريحة تمكّنها من عزل النهضة ثم تمتنع عن التحالف معها لتؤول إليها في الأخير مهمة تشكيل الحكومة. لكن وبعد أن سقطت كل هذه الحسابات وتقدّمت الحركة بشكل كبير ثم تبعها المؤتمر والعريضة، ضاقت خيارات خصوم النهضة طلاب الحلول الالتفافيّة، وفي محاولة يائسة استنجدوا بالقطب وحواشيه وأطلقوا رسائلهم باتجاه المؤتمر والتكتل وحتى باتجاه العريضة التي صفّقوا طويلا لسقوط قوائمها الست واستنجدوا بنفوذهم الإعلامي والثقافي وبأصدقائهم في الخارج من أجل توسيع الجبهة الحداثيّة لتصبح جبهة انتهازيّة تحبس النهضة في سقف 91 صوت وتسحب البقيّة إلى حلفهم الموهوم. لمّا لم تجد الإشارات التي أرسلت إلى المؤتمر صدى يذكر وتجاوب بن جعفر في الهوامش ولم يغامر بتحالف مكتوب عليه الفشل المسبق، التفتت المجموعة إلى مجلس محسن مرزوق كقارب نجاة لنخب باتت تعاني من إنفلونزا الانتخابات ويؤرقها كابوس الاقتراع وهي ماضية في البحث عن شرعيّة بديلة لشعب متميّز لا هي جدّت في طلب ودّه ولا اعترفت بسواده واحترمت خياراته وسلمت له بالسّيادة المطلقة على مستقبله. لم تنجح الحملات التي شُنّت على النهضة قبل الانتخابات ولم تنجح الطعون الواهية في إسقاط قوائمها وكذلك لم تنجح محاولات عزلها وسرقة انتصارها، والأكيد أنّه لن ينجح مجلس الضرار المشبوه.